عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2020

مستشفى ميداني بـ14 يومًا!*محمود الخطاطبة

 الغد

عندما تقوم مديرية الخدمات الطبية الملكية، بتجهيز مستشفى ميداني، لاستقبال الحالات المصابة بمرض فيروس كورونا المستجد، خلال فترة قصيرة جدًا، هي أربعة عشر يومًا.. فهذا أمر مدعاة للفخر، ويؤكد أن المؤسسات الوطنية الحقة تظهر وقت الأزمات، لتُقدم ما هو مطلوب منها.
ليس هذا بأمر غريب على “الخدمات الطبية”، التي لها صولات وجولات في هذا المجال، يشهد لها الجميع؛ إذ استطاعت خلال ربع قرن، وبالضبط ما بين العامين 1990 و2015، إنشاء عشرين مستشفى ميدانيًا ومحطات جراحية وعيادات طبية، بأكثر من منطقة في العالم، قدمت العلاج لنحو أربعة ملايين مريض في مختلف الحالات الطبية.
ليس هذا مربط الفرس، ولا مغزى الكلام، وإن كان واجبا على كل ذي لب مخلص لوطنه، أن يُسلط الضوء على الإيجابيات، التي تقوم بها مؤسسات الدولة، وخصوصًا التي تُسهم في دعم ومساندة جهود لمواجهة جائحة كورونا، والتخفيف من حدتها وشدتها على أبناء الوطن.
النقطة الأولى، التي يخرج بها كل وطني يُحب تراب هذا البلد، أن مؤسسات الأردن، التي بناها آباؤنا وأجدادنا بعرقهم ودمهم، لم تذهب سُدى.. فها هي مديرية الخدمات الطبية الملكية تُثبت بأنها رقم صعب في هذا الوطن.
نعم، مؤسسات راسخة في جذور الوطن، أصلها ثابت وفرعها في السماء، انتماؤها الوحيد للوطن والمواطن.. فهذه المديرية تؤكد وتُثبت ذلك، فعندما تُجهز، خلال أيام معدودات، مستشفى ميدانيا، على مساحة تبلغ 5200 متر مربع، في حرم مستشفى الأمير هاشم بن الحسين بمحافظة الزرقاء، يتسع لـ300 سرير، منها 48 سريرًا للعناية الحثيثة، و12 سريرًا للعناية المتوسطة، فإن ذلك يدعو للتفاخر بمثل هذه المؤسسة، وتُكتب فيها قصائد مدح.
النقطة الثانية، تتمحور حول تكلفة هذا المستشفى، والتي بلغت 9 ملايين دينار فقط.. وللقارئ أن يتخيل، كم هذه التكلفة قليلة، إذا ما قورنت بحجم الأزمة، التي تضرب ليس الأردن فقط، بل دول العالم أجمع.
إن تلك التكلفة، تُغري وتشجع على إنشاء وتجهيز أكثر من مستشفى من هذا القبيل.. ولا يكفي أن تقوم بذلك مؤسسة واحدة فقط، إذ يتوجب أن تتشارك في ذلك كل مؤسسات الوطن.
وللقارئ أيضًا، الحق في أن يتساءل لماذا لم تُقدم الحكومة السابقة على مثل هذه الخطوة؟، وخاصة أنه تم جمع عشرات ملايين الدنانير من أموال الأردنيين، من خلال صناديق عدة كـ”همة وطن”، وذلك الذي يتبع وزارة الصحة، والثالث الذي يتبع وزارة التنمية الاجتماعية.
وللأمانة المهنية، نذكر هنا بأن النقابات المهنية، قد مدت يداها للحكومة السابقة؛ حيث أكدت استعدادها لإقامة أو المساهمة بإنشاء مستشفيات ميدانية، إلا أن رئيسها، عمر الرزاز، وقتها، رفض.. ولا أحد يعلم حتى الآن، لماذا كان متعنتًا في رفضه بشأن ذلك؟.
النقطة الثالثة، والتي تُعد أكثر أهمية، هي تلك التي تتمحور حول مؤسسات واستثمارات محلية عديدة لم تُقدم في الأزمة الحالية التي يشهدها الأردن، والتي ستبقى حسب التوقعات حتى الصيف المقبل إن لم يكن لعام أو حتى عامين، إلا النزر اليسير، رغم أنها تحقق أرباحًا طائلة سنويًا.
حتمًا، إن الوضع سيكون أفضل مما هو عليه الآن، وبكثير، لو أقدمت تلك المؤسسات، التي كانت يومًا من الأيام، ملكًا للدولة والأردنيين، عُشر ما قدمته مؤسسة يحبها الوطن، وهي “الخدمات الطبية”، والتي تقدم العلاج والأدوية لنحو 38 بالمائة من سكان المملكة، الذين تجاوز عددهم 6.7 مليون نسمة.
لماذا لا تلتزم باقي مؤسسات الأردن بواجبيها الإنساني والوطني، تجاه الدولة، وبالتحديد في وقت الأزمات؟.