عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Dec-2024

ليس في مصلحتنا التواجد بأراض سورية

 الغد-يديعوت أحرونوت

 
 
من يوآف زيتون:  29/12/2024
 
 
 
بعد أسبوع أول هادئ ومتفائل نسبيا، مع احتلال بدون قتال وحوارات إيجابية بين ضباط الجيش الإسرائيلي ومخاتير سوريين خلف الحدود في الهضبة، سجلت في الأسبوع الأخير حادثتان أوليان – وعلى ما يبدو ليستا أخيرتين أيضا – بين جنود الجيش ومتظاهرين سوريين احتجوا على اجتياح الجيش إلى المناطق. بالتوازي، فإن قادة يعملون في المجال يصفون واقعا عملياتيا "بعيدا عن الجدوى والمعنى"، إذ إن الجنود يوجدون في الغالب في مواقع ثابتة، في بعض من المناطق الأبعد نحو 18 – 20 كيلو مترا عن الحدود أيضا.
 
 
"مسألة وقت فقط إلى أن نتعرض هنا إلى صاروخ مضاد للدروع مفاجئ أو قذيفة هاون على قوتنا، فيقتل بضعة جنود، وكل شيء يتحول إلى طالحنا. من الصعب الشرح للجنود معنى المهمة هنا. إذ لا يوجد هنا عدو ونحن لا نقوم بأي هجوم أو مهام عملياتية ذات قيمة على طول اليوم. فقد خرج المقاتلون عن روتين مكثف من القتال والمبادرة في جنوب لبنان ضد حزب الله وقبل ذلك في غزة حيال حماس، والآن هم ينظرون أساسا إلى فلاحين سوريين يفلحون أراضيهم ولا يرون أي عدو، وليس فقط في المناظير. هذا التواجد الصاخب لنا هنا، مع دبابات تجتاز قرى كل يوم، من شأنه أن يجتذب هنا خلايا ومجموعات مسلحة كأثر معاكس"، هكذا يصف ضابط من قيادة المنطقة الجنوبية، حيث يأملون في أن بالتوازي تنفيذ خطوة سياسية تستغل الوضع الجديد لفرصة أفضل للعلاقات بين إسرائيل وسورية، فما بالك أن النهج العام في إسرائيل تجاه الجولاني شكاك جدا.
في الجيش لم يلحظوا بعد خلايا مقاومة تقترب إلى منطقة الجولان السوري التي احتلها الجيش الإسرائيلي، ولا حتى من بين منظمات ثوار إسلامية في جنوب سورية، جنوب درعا. مسلح ببدلة وبلحية مرتبة، ينشغل الحاكم الفعلي بسورية بتوحيد الدولة ومنظمات الثوار الكثيرة فيها، والتي قتل منها العشرات في الأيام الأخيرة في معارك مع مؤيدي الأسد في "سورية الصغرى" محافظة العلويين المحاذية للشاطئ. درعا، كمدينة كبيرة مجاورة للأردن، تبعد بضع عشرات الكيلومترات عن الجولان السوري – مسافة ساعة سفر في سيارات التندر للمسلحين الإسلاميين.
لكن في الاستخبارات الإسرائيلية يلاحظون بوادر أولية لنوايا تلك المجموعات الوصول إلى الهضبة السورية. 
في الحادثة الثانية مثلا، التي أطلق فيها الجيش الإسرائيلي النار هذا الأسبوع فأصاب متظاهرا واحدا على الأقل في القرية المجاورة لمدينة القنيطرة، احتج السكان – مثلما في يوم الجمعة قبل الماضي - ضد تواجد الجيش الإسرائيلي في منطقتهم. في الجيش يدعون بأن الجنود "شعروا بالتهديد" ويجتهدون إلى أن يسارعوا مع الأصبع على الزناد بسبب الحساسية القابلة للتفجر والنية بالذات لربط الـ70 ألف سوري الذين يعيشون خلف الحدود. في وضعية شاذة أخرى ما كان يمكن تخيلها حتى قبل شهر، لوحظ عدد من المسلحين السوريين الذين أقاموا حاجزا في مدخل إحدى القرى في جنوب الهضبة السورية. استعدوا في الجيش لمهاجمتهم، لكن في النهاية ندموا بعد أن وعد أولئك بأنهم فعلوا هذا كي يمنعوا خروج الناس من تلك القرية إياها بالسلاح.
في الجيش السوري يقولون إن "القوات مشغولة بجمع سلاح كثير موجود في هذه القرى، نحو 20 في عددها. يدور الحديث عن مئات قطع السلاح القديمة وكذا عن قطع سلاح أخذت من استحكامات جيش الأسد عندما فر الجنوب منها قبل نحو ثلاثة أسابيع. في معظم الحالات يوجد معهم تعاون، والكثيرون منهم يتذكرون إيجابا المساعدة التي منحناها إياهم قبل نحو عقد في زمن الحرب الأهلية في دولتهم. كما أننا نجمع وسائل قتالية كثيرة تبقت في المنطقة، ولا يدور الحديث فقط عن دبابات سوفياتية قديمة بل أيضا عن صواريخ مضادة للدروع جديدة، ذخيرة كثيرة وقاذفات هاون".
الجولان السوري ليس جبلة واحدة. في جنوب الهضبة، في قرى مثل جملة ورفيد فوق جدول الرقاد، سجلت احتجاجات أكثر ضد جنود الجيش الإسرائيلي وحواجز نصبها الجيش هناك. هذه القرى استضافت في العقد الماضي مجموعات من تنظيم "داعش" ونفذت أيضا عمليات تفجير في الحدود الإسرائيلية ضد قوات الجيش الإسرائيلي في حينه. من جهة أخرى، في قرية جبتة الخشب أيضا في شمال الهضبة، المجاورة للقرية الدرزية الإسرائيلية مسعدة، لم يسارع السكان إلى تسليم سلاحهم إلى جنود الجيش الإسرائيلي – الذين من جهتهم أنذروهم 48 ساعة لتسليم وسائلهم القتالية وإلا فإن الجيش الإسرائيلي سيدخل إلى قريتهم.
حجم قوات الجيش الإسرائيلي في سورية يبلغ لواءين نظاميين. بعد معضلة غير بسيطة تقرر عدم زعزعة قوات الاحتياط للسنة القادمة، رغم استمرار الأعمال جنوب لبنان وقطاع غزة وإبقاء هذه المهمة في أيدي القوات النظامية.
في موقع أعمق، باتجاه جبل الدروز شمالي درعا يعيش نحو 300 ألف درزي تلقوا منذ الآن إشارات إيجابية من الجيش الإسرائيلي بأنه سيحميهم إذا ما تعرضت مدينة السويداء لاعتداء من منظمات سلفية. بالتوازي، علم في سورية أن مندوبي الطائفة الدرزية في الدولة التقوا في الأيام الأخيرة مع القيادة الجديدة في دمشق التي وعدت بأنهم لن يصابوا بأي ضرر. نقطة درزية – سورية أخرى تحظى منذ الآن بحماية قريبة من الجيش الإسرائيلي هي في قرية الحضر في سفوح جبل الشيخ، مقابل مجدل شمس. فقد اقتحم الجيش الإسرائيلي منذ الآن الجدار الذي على تلة الصراخ بين القريتين، ويُسير الدوريات بانتظام حول الحضر وفي التلال الأدنى التي تطل عليها. للدروز في سورية تواجد أيضا قرب دمشق حيث منح الجولاني حماس سيطرة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في أطراف المدينة.
في الأسبوع الماضي كشفت "يديعوت احرونوت" عن خطة عاجلة في الجيش الإسرائيلي لتثبيت السيطرة في جبل الشيخ السوري، الذي احتل أيضا بدون معارك: استحكامات يقيمونها في قسم التكنولوجيا واللوجستيات في مستويين، على ارتفاع 2400 متر وفي قمة الجبل بارتفاع 2800 متر – مع بنى تحتية بعيدة المدى لمئات المقاتلين الذين سيستولون هناك على المنطقة، مخازن ووسائل تغذية لفترات انقطاع بسبب عواصف ثلجية وطرق تشق من الجانب الإسرائيلي.