الغد-هآرتس
بقلم: أسرة التحرير 17/12/2024
منذ بداية الحرب أغلق قطاع غزة في وجه وسائل الإعلام باستثناء جولات برعاية الجيش الإسرائيلي. لكن في كل يوم تصل جملة شهادات عما يجري فيه. بدء بتقارير وتصريحات منظمة دولية عبر تقارير صحافيين وانتهاء بوابل من الأفلام والشهادات في الشبكات الاجتماعية.
الصورة الواردة مفزعة. مليونا نسمة في غزة بغالبيتهم الساحقة هم مدنيون أبرياء، يعيشون في كارثة إنسانية من أخطر الكوارث في العالم اليوم. نحو 90 في المائة منهم نزحوا من بيوتهم ويكتظون في مدن خيام كبرى، بلا غذاء كاف، بلا ماء نظيفة، بلا خدمات صحية وبلا وسائل لمواجهة الشتاء؛ الجيش الإسرائيلي يواصل القصف الذي يتسبب بعشرات الضحايا كل يوم تقريبا بمن فيهم نساء وأطفال كثيرون. النظام الاجتماعي ومنظومات الدعم الاجتماعية انهارت ومعظم سكان غزة فقدوا إحساس الأمن الشخصي، الكرامة، الخصوصية، الممتلكات والأمل بالمستقبل. فقدوا كل ما يجعل الناس بشرا.
منذ بداية الحرب تشرح إسرائيل بان استمرار الحرب مطلوب لتفكيك قدرات حماس وانها خلقت منطقة إنسانية يمكن فيها للغزيين ان يفروا للنجاة بحياتهم. غير أن الجيش الإسرائيلي صعد مؤخرا أعمال القصف حتى في المنطقة الإنسانية وقتل عشرات المدنيين. أول من أمس اعترف الجيش الإسرائيلي في تعقيب لـ "هآرتس" بان الحديث لا يدور عن منطقة آمنة بل عن مجالات آمنة أكثر من مجالات أخرى في القطاع. حكومة الدم لنتنياهو التي جرت إسرائيل الى الكارثة الافظع في تاريخها فشلت أيضا في الحرب – في القدرة على أن توفر لمواطنيها الامن في ظل الحفاظ على القانون الإسرائيلي والدولي، على مكانة وصورة إسرائيل في العالم وعلى العمود الفقري الأخلاقي للمجتمع الإسرائيلي. بدلا من هذا تأمل الحكومة في أن يكتفي الجمهور الإسرائيلي بالثأر على حساب عشرات الاف المواطنين الغزيين وعلى حساب مئة إسرائيلي مخطوف. في هذه الاثناء يبدي معظم الإسرائيليين عدم اكتراث ساحق للكارثة التي تنفذها الحكومة باسمهم. في الشبكات الاجتماعية يعرب حتى الآلاف عن فرحهم بالمعاناة الإنسانية الرهيبة في القطاع.
سيأتي يوم يتعين فيه على المجتمع الإسرائيلي ان يوجه نظره الى ما يحصل في غزة. هجمة الفظاعة في 7 أكتوبر والحاجة إلى القتل ضد حماس لا يمكنهما أن يبررا كل أعمال الجيش الإسرائيلي في القطاع. لكن في هذه الاثناء توجد إسرائيل في أحد المفترقات الحاسمة في تاريخها. مسار واحد يؤدي إلى موت المخطوفين، إلى مواصلة جرائم الحرب، إلى دائرة الدم والثأر، إلى العزلة الدولية وإلى أزمة اقتصادية عميقة. المسار الثاني يؤدي إلى انقاذ المخطوفين الذين ما يزالون على قيد الحياة، إلى وقف الحرب وبداية الترميم لإسرائيل ولغزة. في هذه اللحظة على الجمهور الإسرائيلي ان يخرج إلى الشوارع ويطالب الحكومة، بكل طريق غير عنيف، ان تختار المسار الصحيح.