عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jan-2020

كمّون لإيران* رمزي الغزوي
الدستور  - لو أن إيران لم تسقط في مستنقع الوهم الذي نفخها منذ سنوات، ولو أنها لوحت عقب مقتل جنرالها سليماني بالويل والوعيد، وبأنها ستحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين. لو اكتفت بهذا التكتيك الخنفشاري؛ لكان استر لعوراتها وعثراتها، وأبقى على ما بقي من ماء وجهها المراق. لكن الخواء يأبى حسب قانون العنتريات المجلجلة، يأبى إلا أن يفصح عن نفسه، وينفث ريحه، ويفضح صاحبه ويؤذي من حوله.  
فمشاجرة في حارة مسالمة لربما تخلّف جرحى ومصابين أكثر مما خلفته دزينة الصواريخ الكرتونية المطلقة على قاعدة عين الأسد في العراق، دون أن تقشر أديم الأرض فيها أو تخدش وجهها. والمصيبة أن إيران التي لوحت برد مزلزل لم تطعم نفسها فستقا فارغا فحسب، بل أعلنت عن أن القتلى ثمانون جندياً بالكمال والدقة. وكأن لهذا الصواريخ الجبارة قدرة فائقة ليس على القتل والتنكيل، بل على مهارة إحصاء عدد القتلى والجرحى أو المرتجفين.
نترحم على ضحايا الطائرة الأوكرانية التي اسقطتها صواريخ الحرس الثوري ليلة هجومه على العراق. فاليد المرتجفة الخائفة لن تصيب هدفاً، ولن تحرزه ولن تحققه لولا أن طائرة مدنية صدف مرورها في الأجواء. لكن لم تعترف بهذا، وادعت أن عطلا فنيا سبب الكارثة، حتى التفت حبال الحقائق حول عنقها، فأقرت بجريمتها وستدفع الثمن غاليا.
في الأسطورة الشائعة أن الكمون، وهو نبات شهير يمت بصلة قربى لليانسون، ويستخدم في العادة للتخفيف من حدة النفخة التي تسببها البقوليات المأكولة من حمص وفول ولوبيا. هذه الأسطورة تدعي أن الكمون لربما ينموا ويكبر ويزهر على الوعود المقطوعة له من زارعه. حين يقول له: اليوم سأسقيك يا كمون. عندها ينتشي هذا النبات وينتفش. أو لما يقول له: غداً سأرويك يا كمون؛ فيزدهر ويثمر.
لن أصدق بالأسطورة. لكني أؤمن أن الوهم ينفخ أصحابه بمثل هذا وأكثر، ويشنكحهم بشكل مفلطح ويجعلهم يرون أنفسهم شاهقي الطول عريضي المنكبين مفتولي النعرات. أو ينفخهم لما يتسلط عليهم عدو ماكر يعرف كيف يطعمهم بقوليات الخواء حتى يتخمون.
تحتاج إيران عقب أن سادت ومادت في العراق ونكلت به وبثورته الأخيرة على الفساد. وبعد أن شردت السوريين في اصقاع الارض. تحتاج أن تزرع أرضها ما استطاعت من الكمون دون أن تأخذ باسطورة اسقيك يا كمون. تحتاج  أن تشرب ما تنتجه منقوعا صبحا ومساء؛ عل وعسى أن تنفث هواءها في وجه من شد على يدها؛ حتى تعود إلى حجمها الحقيقي.