بإطار مخطط التهجير.. الاحتلال يدمر16 مدرسة إيواء للنازحين بغزة
الغد-نادية سعد الدين
استهدف الاحتلال 16 مدرسة إيواء للمدنيين النازحين في قطاع غزة، خلال شهر واحد فقط، مما أدى لارتقاء المزيد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يواصل شنّها منذ أشهر طويلة.
وقبل ساعات قليلة فقط، قصفت طائرات الاحتلال الحربية مدرسة جديدة تؤوي مئات النازحين الفلسطينيين قسرا في جباليا، شمالي القطاع، وقبلها شنّ غاراته العدوانية لاستهداف مدرسة أخرى تؤوي أيضا نازحين، شمالي مدينة غزة، مما أسفر عن ارتقاء عشرات الشهداء والجرحى.
ويُلاحظ تصاعد وتيرة استهداف جيش الاحتلال للمدارس التي تستخدم كمراكز إيواء للمدنيين النازحين، في مختلف أنحاء القطاع، وتدميرها على رؤوس النازحين، مما يشكل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، تحت ذريعة الإدعاء باستهداف أهداف عسكرية، من دون تقديم أي دليل يثبت صحة تلك الادعاءات.
وتأتي تلك الاستهدافات كجزء من جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفي إطاء مساعي تفريغ الأرض الفلسطينية من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من خلال القتل والتنكيل والتهجير القسري.
ومنذ بداية شهر أغسطس (آب) الماضي، قصف جيش الاحتلال 16 مدرسة تستخدم كمراكز إيواء في قطاع غزة، 15 منها شمال وادي غزة، ما أدى إلى استشهاد 217 فلسطينيا، وإصابة المئات، عدد كبير منهم من النساء والأطفال، وفق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
في حين تسبب عدوان الاحتلال على غزة في استهداف أكثر من 25,000 طفل ما بين شهيد وجريح، منهم ما يزيد على 10,000 من طلبة المدارس، وسط تدمير 90 % من مباني المدارس الحكومية البالغ عددها 307، والتي تستخدم كمراكز إيواء للنازحين، وفق وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية.
كما حرم العدوان، الذي يقترب من إتمام عام كامل، أكثر من 630 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم، منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، يضاف إليهم أكثر من 58 ألفا يُفترض أن يلتحقوا بالصف الأول في العام الدراسي الجديد، فضلا عن 39 ألفا ممن لم يتقدموا لامتحان الثانوية العامة، بحسب معطيات الوزارة الفلسطينية.
وأفاد "المرصد الأورومتوسطي" أن التحقيقات الأولية التي أجراها فريقه الميداني تشير إلى تعمد جيش الاحتلال تدمير ما تبقى من مراكز الإيواء ومحيطها في القطاع، بما فيها المدارس والمنشآت العامة، فضلا عن تدمير المنازل السكنية والتجمعات والبسطات التجارية، بهدف خلق بيئة قسرية تُجبر السكان المدنيين على ترك مناطق سكناهم والنزوح قسرا نحو وسط وجنوب القطاع.
وأضاف أن الخطة التي كشفت عنها صحيفة "يديعوت أحرونوت" بالكيان المُحتل، والتي تفيد بأن جيش الاحتلال يدرس حاليا خيارات طرد وتهجير ما تبقى من الفلسطينيين في شمال وادي غزة تحت ما يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، تمثل دليلا آخر على نية الكيان الصهيوني تفريغ غزة من ساكنيها.
وأشار إلى نقاش رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" مع جيش الاحتلال تنفيذ مرحلة رابعة لحربه الدامية تقوم على طرد السكان من شمال قطاع غزة، بما يدلل على أن مخطط التهجير القسري الذي نفذته منذ الأيام الأولى للحرب، ما يزال قائما في ظل الصمت الدولي وغياب أي مواقف دولية فاعلة ضد الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، مما يشجع الاحتلال على استكمال مخططاته في إبادة الفلسطينيين جماعيّا والقضاء عليهم بالقتل المباشر وغير المباشر والتهجير القسري.
ومنذ بدء الهجوم العسكري الهجمّي على قطاع غزة؛ ما تزال قوات الاحتلال تشن هجمات عسكرية وبنمط واضح ومتكرر ضد المنشآت المدنية والقتل الجماعي للمدنيين واستهداف مراكز اللجوء المقام أغلبها في منشآت للأمم المتحدة، واقتراف جرائم قتل جماعية فيها، مما يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتشكل فعلا من أفعال جريمة الإبادة الجماعية.
وفي الأثناء؛ يواصل الاحتلال عدوانه ضد قطاع غزة، بارتكاب 3 مجازر بحق العائلات الفلسطينية، أدت لاستشهاد 33 فلسطينيا، وإصابة 145 آخرين، خلال الساعات الـ24 الماضية، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وأفادت "الصحة الفلسطينية" بارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 40972، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وحصيلة الإصابات إلى 94761 منذ بدء العدوان، في حين ما يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن السيوف التي تحدث عنها "نتنياهو" لن تحقق الأمن والاستقرار، مؤكدا أن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو الاعتراف بالشرعية الدولية وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة.
وأضاف، في تصريح له أمس، أن استمرار عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني من رفح حتى جنين، وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، بدعم أميركي، سيزيد اشتعال المنطقة، ولن تنجح أي جهود إقليمية أو دولية في احتواء هذا الانفجار الذي سيحرق المنطقة.
وأشار أبو ردينة إلى أن الهدف الحقيقي للاحتلال هو المس بالقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبالهوية الوطنية لهذه الأرض، ولكن عليهم أن يدركوا جيدا ومن ورائهم بأن القدس هي بوابة السلام والامن والاستقرار.
وقال إن كل ما يجري من محاولات لاحتواء الانفجار قبل وقف العدوان هي نوع من الجدل العقيم، والمنطقة تدفع ثمن سياسات الاحتلال المدعومة أميركيا، التي لن تنجح بالمساس بالمشروع الوطني الفلسطيني الذي أساسه القدس والمقدسات، التي ستبقى الجامع لنضالات الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة العربية وأحرار العالم.
بدوره، قال نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول، إن عدوان الاحتلال المستمر على الشعب الفلسطيني في غزة ومخيمات الضفة الغربية يعبر عن العجز والتخبط الذي تعيشه حكومة الاحتلال الدموية.
ودعا العالول، إلى ضرورة تعزيز صمود الفلسطينيين وإفشال مخطط التهجير بمزيد من الوحدة والمواجهة الشاملة حتى إنهاء الاحتلال، مطالبا المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته تجاه الأسرى والمعتقلين الذين يتعرضون لعملية اغتيال ممنهجة في ظل صمت مطبق يمس شرعية ومكانة منظومة المجتمع الدولي.