عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Jun-2025

ريت المنايا اللي تجي ياسلامة!*سلطان الحطاب

 الراي 

أما سلامة المذكور في القصيدة هذه فلم استطع أن أجد له اسماً أو سيرة، رغم وروده المتكرر فيها وقد غناها شاعر الربابة الراحل الشهير، عبده موسى.
 
القصيدة مسجلة ومغناة أيضاً بصوت المطربة الأردنية سلوى العاص، وقد ذاعت القصيدة في الاسماع والارجاء ورددها الكثيرون ونسبوا اليها قصصا وتسميات حول من القائل، وفي من قيلت ومن هو، سلامة، الذي جاء على ذكره الشاعر عبد موسى بأجمل الأشعار.
 
ورغم بحثي الطويل وسؤالي في أكثر من موقع ومكان ومكتبة، خاصة في الإذاعة الأردنية، حيث أقدم برنامجي «اللقاء المفتوح»، فقد أعيانا واصدقائي البحث ولم يجدوا اسم المؤلف على الأشرطة والحافظات المسجلة، رغم وجود اسماء المغنيين والملحنين والموسيقين وكتاب الأغاني على اغنياتهم، الاّ أن أغنية (سلامة) هذا بقيت بلا نسب، وكثر فيها التأويل، ورغم غياب نسب الأغنية وحتى لمن كتبت أو غنيت، الاّ انها لم تفقد قيمتها الفنية ووهجها الى اليوم.
 
وجدت آراء عديدة، قالت إن سلامة هو جندي من الجيش العربي، وأنه شهيد ثرى القدس، وقال آخرون إن سلامة هذا هو رجل من بلدة دورا الخليل اسمه «سلامة علي دودين» زعيم القيسية، وآخرون قالو إن المقصود هو الشهيد وصفي التل، وآخرون قالوا أنه رجل وجيه من المواجدة من الكرك.
 
ولكن التحقيق في ذلك كله أبطل هذه المزاعم جميعها بالحقائق وتفنيد الوقائع وعدم ثبوت نسبة سلامة لأحد منهم انشغالي بنص القصيدة وما فيها من قيم نبيلة ووفاء جعلني أفكر في أي السنوات قيلت فلم اعثر على عام محدد، ولكن يبدو انها من ابداع الخمسينات المبكرة، ويبدو أن الشاعر تعمد أن لا يذكر مباشرة اسم البطل المعني بالقصيدة، توقيراً واحتراما له، فالقصائد الهامة، وكذلك الأغاني غالبا ما ترمز للممدوح تلميحاً لاتصريحا وتضع القرائن، دون أن تسميه، كما في غناء أم كلثوم لعبد الناصر، (مصر التي في خاطري،)وعبد الحليم حافظ ايضاً في اغنيته، (صورة صورة، كلنا عاوزين صورة،)وحتى قصيدة الفرزدق في مدح علي بن الحسين، ومنها،
 
إذا رأته قريش قال قائلها
 
الى مكارم هذا ينتهي الكرم.
 
ما قال لا قط، إلاَ في تشهده،
 
لولا التشهد كانت لاءه نعم.
 
حاولت أن استعرض أبرز الأحداث التي وقعت في الستينات المبكرة، في الأردن وعدت لأقرأ في كتب التاريخ وفي المذكرات، وتوقفت عند كتاب (مهنتي كملك)وهو من كتبه الهامة المبكرة، التي جاءت على شكل إجابات على اسئلة وجهها الصحفي الفرنسي، فريدون صاحب، وحين كنت اتأمل الأحداث وطبيعة القصيدة التي مدحت قيماً ودوراً ومنزلة واهمية القائد أكثر من مدحها الانسان العادي أدركت انها اي قصيدة عبدو موسى قصدت الملك الراحل الحسين بعد محاولة اغتياله بواسطة طائرات مقاتلة سورية اعترضت طائرته عند مرورها في الاجواء السورية.
 
وكان الملك الذي كان في الرابعة والعشرين من عمره انذاك، متجهاً الى سويسراً لقضاء إجازة، عيد ميلاده وكانت الطائرتان المعترضتان من طراز،ميغ وقد أجبرت الطائرات السورية طائرة الملك على العودة الى الأردن، حيث رفض الهبوط في دمشق وبالتالي رفض عملية الاختطاف التي خطط لها، وقد تحدث الملك عن هذه العملية في خطاب الى الشعب الأردني، اتهم فيه النظام السوري آنذاك بمحاولة اختطافه أو قتله.
 
وقال الحسين في مذكراته، إن طياره البريطاني أعلم مطار دمشق بالمرور وأن السوريين تجاهلوا الأمر وأمروا الطيار بالهبوط في دمشق وعدم السماح بعبور الطائرة.
 
يقول مدير الرقابة في مطار ماركا، آنذاك، العميد المتقاعد عبد الحليم المجالي، أبو ميسون، الذي عاش القصة ورواها لي هذا الأسبوع، «إن الملك بالكاد عبر الأراضي السورية، ويضيف كنت في برج المراقبة على اتصال مع طائرته، وطلب أن نبقى على إتصال، وحين تعرض لمحاولة إنزال طائرته بعد أن اعترضته الطائرات العسكرية السورية وامرته بالنزول، فقد سألوا البرج والطيار من الذي على الطائرة، فقال (vip) وإمتنع عن ذكر اسم الملك وظل النداء يلح لاعطاء اسم من الذي على الطائرة، وأدرك الملك خطورة المخطط المبيت، فأمر الطيار بالطيران على علو ?نخفض عائداً الى الأردن، وفعل الطيار الذي عاد للطيران فوق البحر الميت ثم اتجه الى مطار ماركا وقد سلمت طائرة الملك ونجا.
 
وأدعى السوريون بعد ذلك أن الطائرة دخلت الأجواء السورية دون اذن مسبق، وان طيارها لم يخبر مطار دمشق وان الخيار كان في اسقاطها، بزعم أنها مخالفة للتعليمات، وبدلا من ذلك ارسلت طائرات الميغ العسكرية لإجبارها على الخروج من الاراضي السورية ومنع استمرار طيرانها فوقها.
 
وعاد الملك بالسلامة وخطب في شعبه بعد أن استقبل بسلامة
 
، أذكر بأن عيد ميلاد الملك حسين في 14/11وسمي ذلك اليوم الذي وقعت فيه الحادثة -11/11 وجرى الاحتفال به كيوم سلامة الملك، وقد جاء هذا الحادث في خضم تعقيد العلاقات الأردنية مع عبد الناصر الذي كان يحكم الشطرين سوريا ومصر في الوحدة التي كانت بينهما، عام 1958، حتى عام 1961 واحتفل الأردنيون بسلامة الملك، وغنى بعد ذلك عبده موسى،
 
ريت المنايا اللي تيجي ياسلامه
 
تحوم ع الانذال دار بدار
 
ويطول عمرك ياحفيظ السلامه
 
وتدوم ياعز الاهل والجار
 
وانتا رجاناوموننا ياسلامه
 
راعي النخوة ومرافق الأحرار
 
طول الزمن مشهوده بالزعامة
 
الساس ثابت والفروع كبار
 
وانت عزانا وأملنا باسلامه
 
صورة العروبه ورائد الاحرار
 
القصيدة أرجح ان عبده موسى هو من كتبها.
 
القصيدة جميلة وهي من الشعر الشعبي في 17 بيتا فيها حزن وكبرياء، وفخر واعتزاز، لم أجد مثل جمالهاالا في قصيدة، إبن زريق البغدادي، حين غادر بغداد الى الاندلس، يتذكر صاحبته ومطلعها،..
 
لاتعذليه فإن العذل يولعه...
 
قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه.