عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Sep-2022

صدور “تجليات القدس في الشعر المعاصر” لمحمد حور

 الغد-عزيزة علي

بدعم من وزارة الثقافة، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب بعنوان “تجليات القدس في الشعر المعاصر” للدكتور محمد حور.
في مقدمة الكتاب، يقول حور “حظيت القدس في الشعر باهتمام الباحثين، وتجلى هذا بدراسات وبحوث تباينت، وتفاوتت في قيمتها تبعا لطبيعة المنهج الذي اتبعته، والمادة التي توافرت لدى أصحابها، والزمن الذي انحصرت فيه”، مبينا أن القدس كانت المدينة، العاصمة، المحتلة، علما بين المدن في الشعر المعاصر، حظيت باهتمام الشعراء العرب على اختلاف مذاهبهم، ومشاربهم ومدارسهم، فتوافر لدينا كم من الشعر لا يضاهي في أي مدينة عربية، وتفاوت هذا الشعر في قيمته الموضوعية والفنية.
وأوضح المؤلف “تأتي هذه الدراسة التي تبعت منهجا مختلفا عن المناهج السابقة، لتكون أقرب للمادة المدروسة، الشعر المعاصر في القدس”، مشيرا الى أن الكتاب جاء في أربعة فصول، يتناول الأول وهو بعنوان “عبقرية المكان”، ما تمتعت به القدس وجعل لها قديسة، ومكانة تاريخية وحضارية متجذرة فيها، فهي مكتفية بذاتها.
فميا جاء عنوان الفصل الثاني “سورة الغضب”، ويتناول الغضب للقدس ولما حل بها، من تدنيس لمقدساتها واحتلال لها، وتنكيل بأهلها والغضب على المحتلين من جهة، وعلى العرب- أنظمة وحكاما، من جهة أخرى، الذين قصروا في نصرة القدس، وتفاوتت مظاهر الغضب عند الشعراء، من تقصير، إلى لوم، إلى إدانة، إلى تقريع، إلى اتهام بالخيانة.
وتحت عنوان “القدس في الوجدان”، كان الفصل الثالث، وهو أقرب للعاطفة منه للعقل، فالوجدان تتجسد فيه معاني الحب والحزن والحنين والألم، وقد توزعت قصائد الشعراء بين هذه المعاني، مصورة عواطفهم ومشاعرهم تحداه مدينتهم. بينما جاء الفصل الرابع بعنوان “نشيد القدس”.
ويبين أن الأناشيد الشعرية، فن مستحدث في الشعر العربي الحديث اتصل بالأناشيد الوطنية عامة، وبالدول؛ إذ اختصت كل دولة من الدول، بنشيد وطني خاص بها، أما القدس -الاستثناء في كل شيء- فكان فيها أناشيد شعرية تحكي قصتها وتدعو لتحريرها ونصرتها.
وعن الشعر في المدن في الشعر المعاصر، يقول “هو حديث ذو شجون؛ إذ كان موضوعا أثيرا عند الشعراء؛ لأن المدينة شكلت مظهرا حضاريا في العصر الحديث، لم تشهده من قبل: شكلا ومضمونا. وبسرعة فائقة، تخطت أسس التطور الطبيعي في المجتمعات التقليدية. وإن هذه التطور، في الشكل والجوهر، جعل أهل المدن، والوافدين إليها من محيطها القريب يشعرون بالغربة، والحنين إلى الجذور، والعفوية، والبساطة في حياة القرية”.
ويشير إلى المدينة في العصر الحديث التي شكلت العواصم منها على وجه الخصوص، رمزا للوطن والوطنية، وقد تعرضت مدن-عواصم عربية كثيرة للاحتلال، والاستعمار، والحرب، والفوضى، وكان الشعراء العرب سباقين في الدفاع عن مدنهم-عواصمهم، بوصفها رمزا لأوطانهم، ناهيك عن فتنة بعض الشعراء بمدنهم-عواصمهم بتاريخها المجيد، وحضارتها السامقة في الماضي، وانحدارها في الحاضر.
وعن دمشق فترة الاحتلال الفرنسي لها، يبين المؤلف أن أمير الشعراء أحمد شوقي قد كتب فيها قصيدة؛ حيث انتصر شوقي لدمشق من خلال قصيدة يدافع فيها عن دمشق وقام بتصوير ما لحق بها من قتل وتدمير، فكتب بقصيدته الخالدة بعنوانها المثير “نكبة دمشق”، قال شوقي “سلام من صبا بردى أرق/ودمع لا يكفكف يا دمشق”.
أما بغداد فقد استعرض مصطفى جمال الدين صور العصر الذهبي لها “في الحكم، والسياسة، والعلم، والأدب، والفن”، على حد تعبيره، في عيدها الألفي، ويأتي بقصيدة عجيبة مبنى، ومعنى، وتصويرا، يقول في مطلعها “بغداد ما اشتبكت عليكِ الاعصرُ/ إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ”. كما هو الحال في بيروت التي شاهدت حروبا طاحنة منذ ما يقرب من نصف قرن. ومما يلحق بالمدن- القرى، إذ تعلق الشعراء بقراهم التي ولجوا ونشأوا فيها، وبانتقالهم للمدينة، كانوا أوفياء لقراهم، فخلدوها بأشعارهم، وباتت معروفة في الوقت الذي لم يكن لها ذكر على أي صعيد. ويقف بدر شاكر السياب أنموذجا رائعا في موقفه من قريته النائية في جنوب العراق، ولا أحد يعرفها غير أهلها والقريبين منها، إنها “جيكور”، التي تغنى بها السياب بقصائد شجية حبا، وحزنا وعطفا، وحنانا، نمت عليها عناوين قصائده فيها “أفياء جيكور، جيكور شابت، ومرثية جيكور، وتموز جيكور، والعودة لجيكور، وجيكور وأشجار المدينة، وجيكور أمي”.
وكان الحنين إلى الوطن من الخصائص الموضوعية والفنية البارزة في شعر المهجر؛ وكانت القرية مثالا حيا لهذا؛ إذ خلد هؤلاء الشعراء أسماء قراهم التي حنوا إليها، في الوقت الذي لم يكن لها ذكر من دونه، وكانت الحاكور، وبسكنتا، وعرقا، وبربارة، والوطا، ومعرايا نماذج لذلك.
إن هذه الكثرة في الشعر، وتعدد اتجاهاته الموضوعية والفنية والحضارية، لفتت الباحثين إليه، فأصدروا عددا من الكتب حملت عنوان المدينة في الشعر المعاصر، وتباينت في المنهج والرؤية.
وختم المؤلف كلامه عن القدس، فيقول جاء ذكرها في الشعر العربي القديم محدودا في القرون الخمسة الأولى للهجر، واشتدت جذوته منذ الحروب الصليبية في أواخر القرن الخامس للهجرة، كما جرت دراسات وبحوث حول القدس في الشعر المعاصر عرضت لها وبينت ما لها وما عليها.
وخلص إلى أنه في هذه الدراسة تبع منهجا مغايرا للمناهج التي اتبعها الباحثون السابقون، كما كانت القدس استثناء بين المدن-العواصم العربية في كل شيء، ولهذا كان تناولها لدى شعراء، مختلفا عن تناول الشعراء المعاصرين للمدن.