الراي-(١): اللاعبون والجمهور
يبدو أن حال بعضنا لا بل كثير منا في الأردن، هو كحال اللاعبين الموجودين في الملعب، يقابلهم جمهور عريض في المدرجات جاء متحمسا يريد لفريقه أن يحرز فوزا في المباراة.
ما أن يطلق الحكم صافرة انطلاق المباراة، حتى يبدأ الجمهور توجيهاته للاعبيه.. شوت أسرع ليش هيك ضيعت هدف، إلى آخر قائمة الانتقاد لأداء فريقه، والذي يريد منه إحراز الفوز بأي ثمن، وإلا فهو ساخط ناقم غير راض.
ترى، لو قلبنا المشهد، ووضعنا الجمهور وبالذات الناقدون الساخطون، في الملعب، وأخرجنا اللاعبين إلى مدرجات الجمهور، فهل سيتمكن الناقدون من تحقيق الفوز الذي يريدون، وهل سيكونون محصنين ضد الخطأ مهما حاولوا؟.
شخصيا، أعتقد أن الجواب هو، لا، إذ من السهل أن تنتقد وتسخط وتحمل لاعبيك وزر المسؤولية، لكن الأمر سيكون مختلفا متى كنت أنت اللاعب، فستواجه الواقع كما هو وتحاول وتجتهد، وربما تصيب وربما تخطئ.
خلاصة الأمر، هناك اختلاف كبير بين أن تكون أنت اللاعب الذي يبذل أقصى الجهد، وبين أن تكون متفرجا في المدرجات، تكتفي بتوجيه اللوم والانتقاد وتريد فوزا حتى دون أن يكون لك دور فيه، ولو من باب التحفيز والتفاؤل والتشجيع مثلا، خاصة وأن اللاعبين سيصيبهم الإحباط من دون ذلك، وستفتر عزيمتهم رغما عن إرادتهم.
(٢): من لا يبتسم لا يفتح دكانا
هنالك حكمة لمفكر غير عربي يقول فيها.. إن كنت لا تبتسم، فلا تفتح دكانا.
يقولون عنا في الأردن، أننا شعب جاد قليلا ما نبتسم، وأننا في الغالب متجهمون، فيما الحقيقة أننا شعب طيب كريم ذو مروءة ونخوة، لكننا لا نجيد فن الطرفة على نحو ما يفعل غيرنا مثلا، عندما تراه سعيدا مبتسما يقارب الطرفة حتى لو كان فقيرا أو به هم وضنك.
نحن شعب سريع التأثر والتفاعل وطنيا، وأكثر من غيرنا تفاعلا قوميا ودينيا وإنسانيا، والسبب ربما، هو إرتباطنا الوجداني منذ نشأت دولتنا الحديثة بقضية فلسطين وما خالطها من نكبات وحروب وويلات وظلم دولي، إلى جانب تأثرنا المعنوي الصادق بما أصاب ويصيب أمتنا من نكبات وإنقسامات وصدامات.
الأردنيون أكثر من سواهم تفاعلا مع قضايا الأمة وتأثرا بها، فقد تجسدت تربيتهم السياسية في مبادئ الثورة العربية الكبرى التي سعت لدولة عربية إسلامية كبرى في بلاد الشام والعراق، وما زالوا وبرغم تفشي نهج القطرية ومصالحها، قوميين يسارعون وجدانيا في التأثر بكل مصيبة عربية أو إسلامية، ولذلك ووفقا لهذا الواقع، هم متجهمون جادون وقلما يبتسمون، وليس غريبا أن يقول الأردني متى ضحك.. الله يكفينا شر هالضحكة.
وعودا إلى الحكمة أعلاه، فالرجل أراد أن يقول وعلى الطريقة الشعبية لأهلنا في مصر الشقيقة، عندما يرددون مقولة، الرزق يحب الخفية، أن الإبتسامة تفتح بابا للرزق.
هذا يعني أن من لا يبتسم لن يجد زبائن مشترين من دكانه، ولهذا ينصحه صاحب الحكمة بأن لا يفتح دكانا.
عموما هناك وعد رباني مضمونه جاء في حديث شريف يقول.. تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، فلنبتسم أكثر في وجوه بعضنا بعضا، كي نكسب صدقات عند الله سبحانه.
(٣): حكمة سويدية
أعجبتني حكمة لمفكر سويدي تقول.. نحن لا نستطيع إضافة وقت إلى حياتنا، لكننا نستطيع أن نضيف حياة إلى وقتنا.
الرجل يؤمن بأن الأعمار محدودة بحيث لا يملك أحد أن يضيف لعمره وقتا أطول، لكنه يقرر، أن بمقدورنا أن نضيف حياة فاعلة إلى أعمارنا، فيها إضافات نوعية وحتى كمية تسعدنا وتسعد البشرية من حولنا.
شخصيا، أؤمن بأن من تتجاوز سمعة اسمه إيجابيا البيئة التي يعيش فيها، هو إنسان مبدع وليس مجرد إنسان عادي على الإطلاق، ولهذا تسعى الدول والمجتمعات الساعية نحو التقدم والتميز، إلى استقطاب المبدعين ودعمهم وتسهيل حياتهم، كي تستفيد المجتمعات من إبداعهم سياسيا اقتصاديا واجتماعيا وعلى كل صعيد. والله من وراء قصدي.