عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-May-2020

معلمون يتحدون “كورونا” ويبتكرون طرقا جديدة لإيصال رسالة التعليم

 

تغريد السعايدة
 
عمان- الغد-  شارف الفصل الدراسي على نهايته، بكل ما مرّ به من مواقف وضغوطات “نفسية وزمنية”، سواء على الأهالي أو المعلمين الذين سابقوا الزمن لإيصال المعلومة والشرح إلى طلبتهم الذين ودعوهم من دون سابق إنذار، في ظل “جائحة كورونا”، لتكون تقنية التعلم عن بعد هي حلقة التواصل الوحيدة بينهم.
وعلى الرغم من وجود “منصة درسك” التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم لتقديم شروح المواد الدراسية لمختلف الصفوف المدرسية، إلا أن الكثير من المعلمين وبالتعاون مع الأهالي ومن خلال التواصل عبر “جروبات واتساب”، قاموا بشرح الدروس لطلبتهم كل حسب أسلوبه الذي اعتاد عليه في الصف، لإتمام الرسالة التعليمية التي أقسم المعلم على أدائها.
التجربة بحد ذاتها جديدة وتحتاج إلى وقت وجهد لتقبلها وتطبيقها؛ إذ لم تكن صعبة فقط على الطلاب، بل على المعلمين الذين كان عليهم الدور الأكبر في إتمام تلك العملية.
وفي خضم الحديث عن أن تجربة التعلم عن بعد جديدة ومستحدثة و”صعبة” على الطلاب وذويهم، إلا أنها كذلك جديدة على المعلمين في ذات الوقت، وشكلت بالنسبة لهم تحديا في إتمام الفصل الدراسي والتواصل مع الطلبة؛ حيث عملت معلمة المرحلة الأساسية رولا الخرابشة، طيلة الفترة الماضية، على تصوير مقاطع فيديو والاستعانة بالتعليم بالرسوم والغناء في تعليم اللغة العربية لطلابها، مبينة أن التعلم عن بُعد تفاعلي بين أطراف العملية التعليمية من خلال تصوير فيديو لشرح الحصص أو استخدام أساليب وطرق متنوعة لايصال المعلومة بشكل مبسط وسهل إلكترونياً، كما يتم عمل اختبارات يقوم الطلبة بتقديمها حيث تكون تقييما لهم.
وعن تجربتها في هذه الفترة، حرصت الخرابشة على أن تقدم الشرح للطلاب بكل ما أوتيت من جهد، مع المتابعة المستمرة مع الطلبة وذويهم ورصد المتابعة والتفاعل من قبلهم، ليتمكن الطلبة من الوصول للمعلومة، وتوثيق ذلك من خلال متابعة الواجبات المدرسية.
رائدة العلوان، وهي أيضاً مدرسة في إحدى المدارس الحكومية، أصرت على أن تبقى على تواصل مع طلبتها وتقدم شرحاً للدروس في اللغة الإنجليزية، للمرحلتين الأساسية الأولى والعليا، على الرغم من وجود شرح عبر منصة “درسك”، وتقول “تواصلي مع الطلاب والأهل بشكل رئيسي على واتس اب كان له تفاعل مستمر وخاصة للصفوف الأولى”.
وعلى الرغم من ذلك، كان هناك تفاعل متفاوت من الأهل، للصفوف العليا، بحسب العلوان، وتعتقد أن الأهالي كانوا بحاجة إلى التواصل أكثر مع معلمي أبنائهم، كون كثيرون منهم وجدوا صعوبة في أو عدم دراية كاملة لاستخدام المنصات التدريسية مثل” نور سبيس” و” التيمز”، سواء للطلبة أو المعلمين على حد سواء.
وتضيف العلوان “أعتقد أن التعليم عن بعد تجربة صعبة وغير مستساغة إلى الآن للطالب والمعلم اللذين يحتاجان إلى التواصل المباشر في ظل وجود نقص واضح لدى نسبة كبيرة من الطلبة لتقنيات التعلم عن بعد”، على حد تعبيرها.
الاستشاري والمدرب التربوي الدكتور عايش النوايسة، يرى أن جائحة كورونا شكلت تغيرات كبيرة في شكل التعليم، وخاصة في أدوار المعلمين، ووجد الطالب نفسه، والمعلم وولي الأمر والمنظومة التربوية في مرحلة تتعلق بأدوار واستراتيجيات جديدة، وعلى المعلمين أن يجتهدوا على أنفسهم في تغيير طريقة التعلم التقليدي إلى طرق أخرى تعتمد على التقنيات والوسائل والاستراتيجات المختلفة.
معلمة الرياضيات سحر خالد، تقول إنها شديدة الحرص على أن تضع مصلحة طلابها في الدرجة الأولى، فالفترة الماضية كانت عصيبة على الجميع، فلم تترك جهداً في التحضير اليومي للطلاب حتى ساعات متأخرة من الليل ليتم إرسالها في الصباح لهم عبر “واتساب”، والشرح بالصوت والصورة عبر الفيديو.
تلك التجربة دفعت خالد إلى استخدام استراتيجيات جديدة في التعلم عن بعد كما في التعلم عن طريق اللعب، وإعادة الشرح والرد على استفسارات الأهل، فأحياناً كانت تقوم بشرح الدرس لولي الأمر حتى يعيد تدريسه للطالب، “فكلنا مسؤولون ونبذل أقصى ما لدينا”، بيد أن تنظيم الوقت كان إحدى المشاكل التي واجهتها خالد كما بقية المعلمين. وتقول “في المدرسة كان الوقت محددا، أما التعليم عن بعد فيأخذ أوقاتا أكبر، لأنه يحتاج لتواصل أكثر مع الأهل، فكانت فترة متعبة على طرفي العملية التعليمية”.
ابتهال الفقير، التي تُدرس اللغة العربية، لا تنكر أنها كانت “فترة توتر وضغط على الأهل والطالب والمعلم على الرغم من وجود مشاركة واضحة من الأهل بخاصة الأمهات اللواتي حرصن على الدراسة بمرافقة أولادهن”، في الوقت ذاته كانت تتمنى أن يكون هناك مصداقية أكثر من الأهل حرصاً منها على تحديد مستوى الطلبة والتأكد من إيصال المعلومة والشرح والفهم لذلك.
وتتفق الفقير مع العلوان بوجود تفاوت في التفاعل بين الطلبة، ووجود تدخل من بعض الأهالي خلال تقديم الامتحانات التي تتم عن بعد، إلا أن هناك طلبة تمتعوا بمهارة كبيرة في التواصل والتعلم وكانوا جديرين بهذه التجربة، من خلال حل الواجبات وأوراق العمل والرد بمقاطع صوتية ومصورة للمعلمة.
ويؤكد النوايسة أن المعلم وجد نفسه في تحد جديد، لكيفية تواصله مع طلابه وتقديم الدروس عن بعد، والتي فرضت بذلك جهودا كبيرة دفعته إلى أن يطور نفسه وقدراته التي تمثلت بالاستعانة بالتصوير وتنظيم أوراق عمل ووضع استراتيجيات جديدة لهم، والتي تحولت إلى طريقة للتنمية المهنية للمعلم بطريقة غير مباشرة.
كما توصل النوايسة من خلال المشهد التعليمي الحالي، إلى أن الأزمة غيرت من قناعات المعلمين، والتي تمثلت في قبولهم عمية التغيير التعليمي، بعد أن كانت الوزارة سابقا تحاول أن تجري تعمليات تطوير وتدريب قوبلت بالرفض بداية؛ حيث كانت إحدى تلك الاستراتيجيات تتمثل بتدريب المعلمين بالتحول للتدريب الرقمي والتقني الافتراضي، بعد أن كان هذا أمراً مرفوضاً ومستهجناً.
الأمر يتطلب مستقبلاً، كما يرى النوايسة، أن يكون هناك دور كبير على النظام التربوي والتحول نحو التعلم عن بعد والاستفادة من قضايا الثورة الصناعية، فإمكانيات وقدرات المعلم التقليدية بالصورة الحالية، لم تعد كافية في بعض صورها، لهذا التحول الآن ضرورة، وهذا تحد كبير جدا للمعلمين، وعلى كافة الجهات المعنية بالعملية التعليمية تطوير برامج إعداد المعلمين في الجامعات والكليات والأكاديمات والوزارة.