عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jul-2024

كيف تحول الفن التشكيلي المعاصر نحو الاقتصاد الإبداعي؟.. التميمي يقدم دراسة

 الغد- عزيزة علي

 يقدم رئيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين الدكتور عبدالله أحمد التميمي في كتابه الصادر بدعم من وزارة الثقافة بعنوان "الفن التشكيلي والاقتصاد الإبداعي-كيف يصبح الإبداع سلعة؟"، دراسة لتحولات الفن التشكيلي المعاصر نحو الاقتصاد الإبداعي.
 
جاء الكتاب في أربعة فصول تتحدث عن أهمية تحول الفن للاقتصاد الإبداعي، الفصل الأول والذي يحمل عنوان "الفن التشكيلي المعاصر والاقتصاد الإبداعي"، يتحدث عن نشأة وسمات الفن التشكيلي المعاصر، الواقع الافتراضي، الاقتصاد الإبداعي، والفن التشكيلي المعاصر والاقتصاد الإبداعي. بينما جاء الفصل الثاني بعنوان "الفن التشكيلي المعاصر الهوية، الوظائفية، الاستثمار"، حيث يتناول الفن التشكيلي المعاصر والهوية السياحة الفنية والوظائفية والاستثمار.
 
ويتناول الفصل الثالث وهو بعنوان "الفن التشكيلي المعاصر والتسويق"، التسويق وصناعة المحتوى، والفن التشكيلي السيبراني والاستثمار، فيما يتحدث الفصل الرابع وهو بعنوان "الفن التشكيلي المعاصر والذكاء الاصطناعي"، ويتحدث عن الفن التشكيلي والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى، والاقتصاد الإبداعي، والتواصل المرئي مع الشكل الرقمي ورؤية مستقبلية للفن التشكيلي والاقتصاد الإبداعي.
وفي مقدمته للكتاب يقول التميمي: "إنه يقدم من خلال هذه الدراسة طريقه لتحولات الفن التشكيلي المعاصر نحو الاقتصاد الإبداعي، بما في ذلك نتائج دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم صناعة الفن التشكيلي، فضلا عن التداخل المتزايد بين مجالات الوسائط الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي وتسويق الفن التشكيلي المعاصر على شبكة الإنترنت، وما ينعكس على ذلك من تأثير العولمة الرقمية على إعادة تشكيل هوية المجتمع وفي ظل مفهوم الاقتصاد المبني على الإبداع". 
ويوضح المؤلف أن دول العالم تتوجه نحو الوسائطية الرقمية، حيث يتفرد مفهوم الفن التشكيلي المعاصر، بالقدرة على إنتاج أفكار ابتكارية جديدة تتصف بالندرة الإبداعية ذات القيمة الجمالية الاستهلاكية، وبالتالي فإن العلاقة بين المهارة الإبداعية في الفن التشكيلي والاقتصاد الإبداعي هي علاقة تكاملية لاعتماد هذا الاقتصاد على الاستثمار في الأفكار ومهارات الوسائطية الرقمية المبنية في الأساس على الإبداع التشكيلي، كما أن الاقتصاد الإبداعي المرتبط بالفن التشكيلي لا يعتمد على الاستثمار الكمي في إنتاج الأعمال الفنية فحسب، بل على المهارة العالية في طريقة التسويق والترويج لتلك المنتجات.
ويرى التميمي، أن الانتقال من الاقتصاد الريعي الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإبداعي القائم على الاستثمار في القيمة الجمالية، يحقق ترجمة حقيقية لرعاية المواهب والمهارات الفنية في مجال الفن التشكيلي وبالتالي تعظيم الناتج المحلي على شكل قيمة تجارية اقتصادية مضافة، تساهم في المحصلة، في تعزيز الاندماج الاجتماعي والتنمية البشرية وفي الوقت ذاته، تحقق نموا في العائد العام للدخل القومي فكلما كان العالم أكثر تعقيدا وجب علينا أن نكون أكثر إنتاجية وإبداعا لمواجهة تحديات القرن المعاصر. من خلال القدرة على إنشاء وتداول رأس المال الفكري الإبداعي بين أفراد المجتمع، وبالتالي يساهم هذا الإجراء في توسع مجالات الإنتاج وزيادة دخل الفنان التشكيلي، وفي الوقت ذاته يعمل على تعزيز الاندماج الاجتماعي والتنوع الثقافي بين أفراد المجتمع، تتلخص هذه الرؤية بمفهوم الاقتصاد الإبداعي في زمن العولمة الرقمية والذكاء الاصطناعي.
ويتحدث المؤلف عن التقنية الحديثة، التي تقوم على الاستثمار في الأفكار والمواهب الإبداعية ودمجها في التكنولوجيا الرقمية، هذا يعني اقتصادا في خدمة هدف إبداعي يحمل مفهوم القيمة الاستثمارية ثم إسقاط قيمة جمالية عليه. وبالتالي فإنه من غير المنطقي تعريف الاقتصاد الإبداعي بما ينتج عنه فقط، بل بطريقة فهمه وتنظيمه، فعندما تمزج صناعة الفن التشكيلي المعاصر بمفهوم الاستثمارين نصل إلى مصطلح "الاقتصاد الإبداعي" المرتبط بعجلة الإنتاج التجاري، وهذه الصناعة تهدف بالأساس إلى استغلال الأفكار الإبداعية كمورد لتوليد الثروة على المستوى القومي.
وخلص التميمي إلى توضيح مصطلح الاقتصاد الإبداعي، قائلا: "يستدعي إعادة التفكير في مفهوم الفن التشكيلي المعاصر من ثلاثة محاور هي "الجمالي وعلاقته بالوظائفية، الأنثروبولوجي وعلاقته بالهوية، والاستثماري وعلاقته بالوسائطيه الرقيمة"، هذه المحاور الثلاثة توضح أثر الاقتصاد الإبداعي في المجتمع وعلى الاقتصاد الوطني بصورة عامة، فضلا عن ارتباط مصطلح الاقتصاد الإبداعي ارتباطا وثيقا بالفن التشكيلي المعاصر"؛ وهذا هو جوهر موضوع هذا الكتاب.
وفي التمهيد يقدم التميمي تعريف بما هو الفن التشكيلي المعاصر؟ وما  العلاقة التي تربط الفن التشكيلي المعاصر بالاقتصاد الإبداعي؟ وهل هناك طريقة غير تقليدية لتسويق الفنان لعمله الفني، ولماذا لا يعتمد تسويق الفنان لإنتاجه الفني على مستوى القيمة الإبداعية والجودة الفنية، أو على المهارة الأكاديمية والحرفية العالية فحسب؟ بل يعتمد على مهارته في التكنولوجيا الرقمية.
للإجابة على تلك الأسئلة يتجسد معنى الاقتصاد الإبداعي الذي يهتم بطرق الإنتاج وآلية تسويق وتبادل السلع القائمة بالأساس على المهارة الإبداعية والحرفية العالية في الترويج، والتي تعتبر حلقة الوصل بين الفن التشكيلي المعاصر والاقتصاد الإبداعي، وعلى الرغم من تصنيف الفن التشكيلي المعاصر على أنه صناعة إبداعية، وسلعة قابلة للبيع والشراء، إلا أن تعلم الفنان مهارات الوسائطية الرقمية، يعتبر السبيل الوحيد لمواكبة العصر.
ويقدم المؤلف تعريفا بنشأة وسمات الفن التشكيلي المعاصر، قائلا: "يعتبر البعض أن الفن الرقمي هو خروج عن تقاليد الفن التشكيلي التقليدي، الذي يشمل كل أشكال الوسائط التشكيلية التي يستخدمها الفنانون في عصرنا الحالي الذي نعيش فيه، بغض النظر عن الأسلوب أو التقنية المستخدمة في إنتاج العمل، وفي الغالب يحمل هذا المنتج التشكيلي المعاصر فكرة ذات مضمون، وتعكس قضايا مجتمعية معاصرة في وقتنا الحاضر، وترتبط بالهوية والعرق والمكان، إضافة إلى فلسفة أفراد المجتمع من منظور أنثروبولوجي، كما يرتبط الفن التشكيلي المعاصر بالقيم الجمالية المفاهيمية والتي رفضت فكرة اعتبار الفن سلعة مثل الفنون الأدائية المتصلة بالرسم على الجسد والتي كان لها علاقة بقضايا العصر الحالي". 
وبالتالي فإن الفن التشكيلي المعاصر هو فن الوقت الحاضر الذي يعكس رؤية المجتمع لكثير من القضايا المعاصرة، كما أصبحت عولمة هذا الفن حقيقة واقعية، والسبب وراء هذا التدويل هو انفتاح الفن المعاصر على التكنولوجيا الرقمية وشبكة الإنترنت، فضلا عن ارتباطه بالاقتصاد الإبداعي الدولي. وبالتالي يمكن اعتبار الفنون التشكيلية نتاج إنساني تعبير تدخلت فيه الحالة الحسية لإنتاج ما هو مرئي وخارج من بنية خاضت تجربة حسية وقامت بتطويرها.
ويرى التميمي، أن الفن التشكيلي والاقتصاد الإبداعي يتمتعان بالقدرة العالية على تشكيل مستقبل مشرق لعالم الفن في السنوات المقبلة، خصوصا مع دخول تقنية الذكاء الاصطناعي إلى هذا الوسط، حيث تلعب هذه التقنية دورا في جمع وتحليل البيانات عن طبيعة السوق والمستهلكين ضمن إطار الوسائيطة الرقمية والفضاء السيبراني، لذلك إن دمج تقنية الذكاء الاصطناعي(AI)  في مجال الفن التشكيلي هو بحد ذاته طريقة مبتكرة للجميع ما بين التكنولوجيا والفن، في حين قد ينظر إليها آخرون على أنها منافسة للتعبير الفني التقليدي.
ويضيف المؤلف، أنه على الرغم من اختلاف الآراء في هذا المجال إلا أنه من الواضح أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تشكيل مستقبل مختلف لعالم الفنون البصرية الإبداعية والتي هي جوهر الذكاء الاصطناعي المرتبط بالعاطفة التي ينطوي عليها التسويق المعاصر، ويتجسد هنا السلوك الإبداعي التسويقي من خلال التفاعل مع بيئة العالم الحقيقي، وهذه القاعدة هي اللبنة الأساسية للذكاء الاصطناعي الذي يتميز بالإبداع والإدراك والخبرة المخزنة في البيانات الخوارزمية، لذلك لقد وضع الذكاء الاصطناعي والفن التشكيلي في السياق الأوسع لتطوير اتجاهات الفنون التشكيلية برمتها.
كما تحدث التميمي عن التطور المتسارع للعالم السيبرالي والذكاء الاصطناعي، مبينا أن هذا التسارع يوحي بمستقبل أفضل مما نعتقد في حقل الفن التشكيلي، حيث سيجعل كثيرا من الأشياء التي حولنا تتغير بشكل متسارع مما يوفر لكثير من الفنانين فرصة اكتشاف طرق وأساليب جديدة لصناعة الفكرة الإبداعية وتسويقها، وبذلك يساهم الفن التشكيلي في تعزيز نتائج الاقتصاد الإبداعي على المستوى الوطني، حيث باتت صناعة الإبداع هي المحرك الأساسي للعملية الاقتصادية برمتها، ودافعة للتحديث والتطوير في مدارك الإنسان، حيث وظفت تقنيات العالم الافتراضي ووسائط الاتصال والتواصل في معظم مجالات الحياة بما في ذلك الفنون التشكيلية، من خلال تعاضد العلم والفن في إطار تعزيز صناعة الكفاءة الإبداعية التي تعكس هوية المجتمع، وبالتالي يصبح مصطلح صناعة الإبداع ناتجا عن مفهوم توسع مدارك الإنسان تجاه الاستثمار النشط في مجال الوسائطية الرقمية والتي تعتبر بيئة خصبة للتسويق والترويج للمنتج الإبداعي وعلى هذا الأساس يكون الفنان التشكيلي صانع للفكرة ويتبع مبادئ الصناعة والإنتاج لجني الأرباح.
يتابع المؤلف: من خلال ربط الفن التشكيلي بالاستثمار ودفع الفنان لتحويل العمل الفني التصويري إلى سلعة رابحة، واستغلال الإبداع لتوليد الثروة؛ وبذلك يكون الفن التشكيلي جزءا لا يتجزأ من الصناعات الإبداعية التي يقوم عليها الاقتصاد الإبداعي الإنتاجي، الذي قد يزيد من حجم الطبقة المبدعة في هذا المجتمع، ويزيد من نسبة توظيف الأفراد الأكثر إبداعا، فكلما ارتفعت الكفاءة الإبداعية في التسويق الرقمي من منطلق إنتاجي ارتفعت قيمة المخرجات الفنية لدى الفنان، حيث إن الاقتصاد الإبداعي ليس بالضرورة أن يعتمد على الاستثمار الكمي في إنتاج اللوحات التصويرية فحسب، بل يبقي على المهارة الإبداعية في التسويق وطريقة الترويج لها وبالتالي يمثل الاستثمار في الفن التشكيلي، أحد أهم المجالات في الاقتصاد الإبداعي وله عائد مالي كبير للدخل الوطني.