عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Nov-2020

حضور باهت للقضية الفلسطينية في معركة انتخابات الرئاسة الأميركية

 الغد-نادية سعد الدين

 تتجه الأنظار غداً نحو الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية، عقب شوط طويل مضني من المنافسة الثنائية الحامية بين المترَشحين الجمهوري، الرئيس الحالي دونالد ترامب، والديمقراطي جو بايدن، حول القضايا الداخلية الشائكة، وملفات السياسة الخارجية المتعثرة، والتي شغلت فيها القضية الفلسطينية حضوراً باهتاً، مقابل تأكيد الالتزام بالتحالف الاستراتيجي الأميركي- الإسرائيلي.
وانعكس التناقض الواضح بين شخصيتي المترشحين ورؤاهما المتضاربة حيال العديد من الملفات الداخلية والخارجية على طريقة تعاطيهما مع المعركة الانتخابية، غير أن خطة السلام الأميركية المعروفة باسم “صفقة القرن”، ومخطط الضم الإسرائيلي، فضلاً عن ضمان أمن الاحتلال، ستظل محور تحرك البيت الأبيض في السنوات الأربع القادمة، سواء أكان ترامب أم بايدن على سدته، إلا أن الأخير سيغلفها بإطار دبلوماسي متوازن عملاً بالنهج التقليدي ليسار الوسط في السياسة الخارجية.
وقياساً بمضامين المعركة الانتخابية بين المترشحين؛ فإن فوز ترامب بولاية ثانية يعني استمراراً لسياسته في الولاية الأولى من عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، والتي تخلى فيها عن الخط التقليدي الذي تعتمده الولايات المتحدة منذ ثلاثين عاماً، عندما استبدله بما يسمى “صفقة القرن” التي تنطوي على مخطط الضم، وتستهدف الاستيلاء الإسرائيلي على أكثر من 30 % من أراضي الضفة الغربية.
وفي إطار مقاربة ترامب من قضايا الشرق الأوسط بنفس الاستراتيجية الواقعية؛ فمن المرجح أن يمضي في مسار السلام العربي- الإسرائيلي وفق خطته، مع تكثيف محاولات الضغط على الجانب الفلسطيني للقبول باستئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بدون شروط مسبقة، مما يُجهز على أي ادعاء بأن الولايات المتحدة تقوم بدور الوسيط النزيه الذي لا يمس قضايا الوضع النهائي.
ولن تتخلى إدارة ترامب، في حالة فوزه، عن مواصلة دعمها للمواقف الإسرائيلية، مقابل الاستمرار في مساعي عزل السلطة الفلسطينية والضغط عليها، وغض النظر، مجدداً، عن انتهاكات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
ولن يختلف ملف عملية السلام كثيراً عند فوز بايدن، ولكنه سيتعاطى معه بأسلوب متوازن يتناسب مع نهجه كديمقراطي تقليدي شغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي وعمل عضواً بارزاً فيها مدة 17 عاماً، كما كان نائب رئيس الولايات المتحدة السابع والأربعين في الفترة بين عامي 2009 إلى 2017 أثناء حكم الرئيس باراك أوباما الذي اشتهر بميله إلى تجنب المخاطر.
ومن المرجح أن يركز بايدن، إذا أصبح رئيساً، على إعادة تحالفات الولايات المتحدة الخارجية، التي أضر ترامب بها، والتشديد على أولوية العمل الدبلوماسي، وليس العسكري، من أجل تعزيز المصالح الأميركية في المنطقة، ولكنه لن يُحدث تغييراً جوهرياً في ملف عملية السلام قد لا يتفق عليه الكيان الإسرائيلي.
ويؤكد بايدن التزامه رسمياً بحل الدولتين، ولكن من المستبعد أن يقوم بإلغاء القرارات الأساسية التي اتخذها ترامب، والمتعلقة بالاعتراف الأميركي “بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي”، ونقل سفارة بلاده إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية، وضم مرتفعات الجولان السوري المُحتل.
في المقابل؛ قد يلجأ بايدن إلى اعتماد ناصية التوازن مع السلطة الفلسطينية، عبر إعادة ضخ التمويل إليها مجدداً، وإعادة الدعم الأميركي إلى وكالة الغوث الدولية “الأونروا”، ولربما إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
بيد أن موقف بايدن من الاستيطان يثير الخشية الإسرائيلية من فوزه؛ فإذا كان من المستبعد أن يتنصل المرشح الديمقراطي، عند فوزه بالرئاسة، من “صفقة القرن”، ولكنه قد يؤجل تنفيذ بعض عناصرها أو يتجاوزها، لاسيما الخاصة منها بالاستيطان، في ظل تصريحه مؤخراً بأن “على الحكومة الإسرائيلية وقف البناء في المستوطنات”.
وقد دفع موقف بايدن من الاستيطان نحو تحرك واسع من المستوطنين لفرض الضغوط الكثيفة على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للتسريع في تنفيذ مخطط ضم المستوطنات في الضفة الغربية، في حال خسارة الرئيس ترامب بالانتخابات.
ويعتقد المستوطنون، وفق المواقع الإسرائيلية الالكترونية، أن “نافذة الفرص” أمامهم تضيق مع الوقت، وأن على نتنياهو تمرير قانون لشرعنة ضم جزء من المستوطنات حتى 21 كانون الثاني (يناير) المقبل، وهو يوم تنصيب الرئيس الجديد بالولايات المتحدة.
وينطلق المستوطنون من اعتقادهم بأن وجود الديمقراطي بايدن في البيت الأبيض لن يطلق يد نتنياهو مثلما فعل ترامب خلال السنوات الماضية.
لا فروقات جوهرية بين المترشحين
وقال خبير القانون الدولي، الدكتور أنيس قاسم، لـ”الغد”، أنه “لا يوجد فارق كبير بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية”، وذلك قياساً بمقاربته ودراسته لمسار الانتخابات الأميركية على مر ألأعوام.
ورأى قاسم، في حديثه لـ”الغد”، أنه “إذا توفر الفرقٌ فيتمثل في الكيفية وليس بالنوعية، متجسداً في الإجراءات المغايرة بين الطرفين، حيث يعتبر ترامب أكثر جرأة وعدوانية بالمقارنة مع بايدن، لكن الفرق هنا في درجة العدائية فقط”.
وأوضح أن “الطرفين يلتزمان نفس الخط العام المتعلق بضمان الأمن الإسرائيلي والعداء للقضية الفلسطينية”، معتبراً أن التحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية ستظل قائمة في المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن “مسار تعاطي الإدارات الأميركية المتعاقبة مع القضية الفلسطينية يشي بثبات موقفها الذي لم يسجل في أي مفصل تاريخي منه جانباً واحداً يقع في صالح القضية الفلسطينية، غير أن الاختلاف بينها قد يكمن في درجة الانحياز للاحتلال الإسرائيلي فقط”.
واعتبر أن “الرئيس ترامب لم يخرج عن مسار الإدارات الأميركية المتعاقبة بمواقفه من القضية الفلسطينية، ولكنه اتسم بالجرأة والصراحة فحسب”، محيلاً موقفه من الاستيطان بوصفه غير مخالف للقانون الدولي إلى موقف الرئيس الأميركي السابق، رونالد ريجان، الذي نطق بنفس التصريح سابقاً.
وقال قاسم إنه “لن تكون هناك اختلافات جوهرية عند فوز أي من المرشحيْن، وإنما التمايز يبقى في الشكليات فقط”، متوقعاً باستمرار “صفقة القرن” ومخطط الضم الإسرائيلي مع فوز بايدن”، أما تصريحاته الأخيرة حول “حل الدولتين” والاستيطان فهي، بحسبه، الأغراض انتخابية فقط.
يُشار إلى أن الرئيس الجمهوري السابق، رونالد ريغان، قال في العام 1981 إنه لا يعتبر المستوطنات غير قانونية، بينما وجد الرئيس الديمقراطي السابق، جيمي كارتر، في العام 1978 أن المستوطنات لا تتفق مع القانون الدولي.
وكانت السياسة الأميركية تعتمد، نظرياً على الأقل حتى الآن، على رأي قانوني صادر عن وزارة الخارجية في العام 1978 يعتبر أن إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية يتعارض مع القانون الدولي.
وبالنسبة إلى كثير من المسؤولين الفلسطينيين؛ فإن إعادة انتخاب ترامب ستمثل استمرارا للتهديد، الذي تضمنته رؤيته للسلام المعروفة باسم “صفقة القرن” المرفوضة من الفلسطينيين بشدة.
ويعتقد الفلسطينيون أنهم سيكونون الأكثر تضرر في حال فاز ترامب بجولة رئاسية أخرى، بينما يتوقع آخرون أنه إذا دخل بايدن أروقة البيت الأبيض، فسيعمل بطريقة دبلوماسية، الأمر الذي سيكسب المزيد من الوقت للقضية الفلسطينية.