عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Nov-2020

هل نسلك الطريق الخاطئ للإصلاح؟*سامح المحاريق

 الراي

أثبتت اللامركزية نجاحاً كبيراً في شأن إدارة الدول والمجتمعات، الولايات المتحدة وألمانيا إلى حد كبير دول لا مركزية، أي أن كل ولاية أو محافظة تمتلك قنواتها الإدارية التي تتعامل مع التحديات المختلفة على المستوى الميداني والاستراتيجي، وجميع من يعملون في الأجهزة المحلية يمتلكون الصلاحيات والإلمام الجيد بالظروف والتحديات، ويتحركون بناء على ذلك، وحتى في الدول التي لا تتبع نفس النموذج، فإنها على الأقل تخففت من المركزية في كثير من المجالات والشؤون.
 
على الرغم من الحديث عن اللامركزية في الأردن إلا أن تطبيقها يبقى إلى حد كبير متباطئاً ونتائجها غير ملموسة وغير مشجعة، ولذلك ينصب الاهتمام على معتركات مثل الانتخابات النيابية والتشكيلة الحكومية لضمان تمثيل المحافظات والمناطق المختلفة، ويحاول الأهالي عادة استغلال تواجد ممثليهم في السلطة التشريعية أو التنفيذية لتمرير بعض المكتسبات لمناطقهم، وهي عادة ما تأتي على ذمة العشوائية والارتجال، وما يمكن تحصيله بغض النظر عن مدى أولويته أو جدواه في المدى البعيد.
 
اللامركزية هي نقطة البداية في الإصلاح السياسي بما يمكن أن تقدمه من قيادات تخرج من مجتمعاتها وتستطيع أن تتعامل مع شؤون الدولة وبيروقراطيتها، ويفترض أن تكون اللامركزية هي المدخل الأساسي لمجلس النواب، لا أن تتحول إلى درجة أقل في الوجاهة الاجتماعية، فكثير من النواب يخوضون التجربة دون خبرات سابقة، ودون مؤهلات كافية، لمجرد الحصول على دور اجتماعي، وفي النهاية لا نحصل على تنمية محلية ولا على تشريع ورقابة منضبطين، لأن المعادلة تقوم على تبادل منافع صغيرة بين الحكومة والنواب من أجل ارضاء القواعد الانتخابية، ويصبح تقييم النائب هو مدى قدرته على خدمة دائرته لأداء دوره الوطني الأوسع.
 
يجب مراجعة تجربة اللامركزية والوقوف على نقاط الضعف التي اعترتها، وخلق تأييد اجتماعي لهذه التجربة لننقلها من خانة الديكور الديمقراطي والشكلي إلى المشاركة الفعلية في الإدارة العامة وفي رفد الحياة السياسية بأشخاص يمتلكون شيئاً من التجربة، والخبرة التي يمكن أن تفتح الطريق للناخب أن يحكم على أدائها وقدراتها، بدلاً من الاستمرار في التعامل مع شخصيات تفتقد لذلك بصورة واضحة على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية.
 
انصب الاهتمام دائماً على مخرجات العملية الديمقراطية في جميع مستوياتها، ولم يتوفر لمناقشة هذه المدخلات الزخم المناسب، أو ربما كان كثيراً ما ينحصر في الأحزاب بوصفها المدخل الوحيد مع أن النقطة الجوهرية تتمثل في رفد الحياة السياسية بالطاقات الجديدة التي تمتلك القدرة على تمثيل الأردنيين، ولا يمكن التمثيل دون معايشة حقيقية، وخوض التحديات الفعلية.
 
نكاد نفشل في تحديد أولويات المحافظات والمجتمعات المحلية المختلفة، وفي المقابل لا تستطيع أدوات الدولة المركزية أن تمضي إلى مختلف التفاصيل وأن تعبر عن الجميع، والمعادلة السليمة هي الهرم بشكله الفعلي وغير المقلوب الذي يبدأ من القاعدة الواسعة ويستمر بغربلة وتأهيل الأفضل انجازاً بوصفهم المؤونة اللازمة لتطوير الحياة السياسية والأدوات الإدارية للدولة الأردنية.