عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Dec-2019

ألا يكفي تقرير ديوان المحاسبة للمحاسبة؟! - كمال زكارنة

 

الدستور- ما تضمنه تقرير ديوان المحاسبة من تجاوزات وظيفية واختلاسات مالية ورواتب فلكية، وما يتوفر على طاولة هيئة النزاهة ومكافحة الفساد من قضايا وابلاغات واخبارات عن الاعتداءات على المال العام، واستغلال الوظيفة والمنصب للاستيلاء على الاموال العامة، كلها تعتبر اثباتات قاطعة على مرتكبيها ولا يوجد ما يمنع من تقديمهم للقضاء وملاحقتهم وتصويب الاوضاع واعادة الامور الى نصابها وظيفيا، واسترجاع ما سلب من المال العام، لان وسائل الدفاع لدى المتجاوزين والمعتدين ماليا غير موجودة ومعدومة وليس امامهم الا الاعتراف بالذنب والعودة عنه لاسقاطه عنهم .
كيف يمكن ان يقتنع قرابة ثمانية ملايين مواطن اردني الذين ينحتون في الصخر، من اجل تأمين حياة كريمة ومعيشة مستورة، بأن سلوك بعض العشرات من المسؤولين المعتدين على مقدرات الوطن وثرواته، يمكن ان يتم تصويبه واستعادة ما قاموا بالاستيلاء عليه دون اي وجه حق، وكيف يمكن اقناع اربعمائة الف طالب وظيفة ينتظرون دورهم في ديوان الخدمة المدنية، وبعضهم وصل الى سن التقاعد وهو ينتظر، بأن هناك عدالة في التوظيف والدور والراتب، وهو يسمع ويقرأ ويشاهد الاخبار والمعلومات التي تتناقض مع كل تلك المثاليات التي لا وجود لها على الارض، وتتناقض تماما مع الواقع، وامام كل هذه المعطيات كيف يمكن زرع الثقة والتجسير بين المواطن ومؤسسات الدولة المختلفة المعنية بتوظيفه وتحديد راتبه، وهو يرى التفاوت والانتقائية والتمييز وتقديم البعض على المستحقين من المنتظرين منذ سنوات للحصول على وظيفة او عمل.
بعد ان كشف تقرير ديوان المحاسبة الكثير من الهنات والمنعطفات الخطرة، في المنهج الوظيفي والتوظيفي، لم تعد الجهات المطلوب منها ان تحاسب، والمكلفة اصلا بالمحاسبة، وصاحبة العلاقة بالمتابعة والمعاقبة، مضطرة لانتظار المزيد من الوقت للبد بالاجراءات القضائية والقانونية بحق المتجاوزين، لانها لا تحتاج الى اثباتات اضافية غير التي قدمها التقرير وعزز بها ما تضمنه من معلومات وايضاحات.
هذه التجاوزات وما شابهها وماثلها، تعيدنا الى السبب الرئيس لمقولة «خربانة «، التي تنزلق عن كل لسان، في وصف الحال والواقع الذي يعيشه المواطن، ولا يوجد اسوأ ولا اخطر من ان يفقد الانسان الثقة باسباب انتمائه ووجوده، لانه يتحول عندئذ الى فريسة سهلة الاصطياد للاعداء والمتربصين بالوطن.
نحن نعرف ان الجميع امام القانون والقضاء سواسية، ولا فرق بين مواطن وآخر مهما كانت المسؤولية وحجم وشكل المنصب، كما ان محاربة الفساد وملاحقة الفاسدين وحماية المال العام من التغول غير المشروع، تعتبر احد اهم صمامات الامن الاجتماعي والوظيفي، وركيزة اساسية من ركائز ترسيخ العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة بين الناس عموما.