عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jan-2020

نساء يطرحن مشاكلهن عبر مواقع التواصل.. والحلول أشبه بـ “قنابل موقوتة”

 

مجد جابر
 
عمان–الغد-  “الرجاء النشر بدون اسم”، “أرجو مشاركة مشكلتي”، “ساعدوني بحل ضروري”، “هل تعرضتوا لمثل مشكلتي”، “ساعدوني بخبراتكم”، بهذه الجمل والعبارات تمتلئ صفحات الجروبات عل “فيسبوك” من مشتركات يطرحن مشاكلهن الخاصة جداً على باقي المشتركات، رغبة منهن بإيجاد حلول تنقذ حياتهن الزوجية أو الأسرية وحتى العائلية.
تكتب احدى المشتركات مشكلتها على واحدة من الصفحات الممتلئة على مواقع التواصل، تبدأ بعدها التعليقات من قبل المشتركات لتنهال على “البوست”، كل واحدة منهن تحكي الحل الذي تراه مناسباً من وجهة نظرها، وكيف عليها أن تتصرف وما الطريقة المثلى في هذه الحالة، رغم أنهن لا يملكن الوعي الكافي لإبداء النصيحة وتقييم الأمور، ولا هن من أهل الاختصاص.
ذلك ما جعل سهاد تتابع احدى الجروبات على “فيسبوك” بعد أن لاحظت أن هناك كمية صراحة وبوح في الخصوصيات من قبل أعضاء الجروب وبشكل كبير، مبينةً أنها في البداية استغربت من الفتاة التي تقوم بطرح مشكلتها على الملأ، خصوصاً اذا كان شيء خاص جداً أو مشكلة مع زوجها أو أسرتها وتسرد عن ذلك تفاصيل كثيرة، أملا بإيجاد الحل اللازم.
غير أن ما أثار استغرابها أكثر من ذلك هو عندما دخلت على التعليقات ووجدت أن كل فتاة قد عينت نفسها اختصاصية نفسية في العلاقات، وبدأت تنهال بالنصائح والارشادات، والتحريض المقصود، لافتةً الى أن بعض التعليقات كفيلة بـ “خراب البيوت”.
وتبين أن كل واحدة تنشر مشكلتها المختلفة عن الأخرى، ولا يمكن قياسها عى أحد، الى جانب أن المشاكل لا يتم حلها بطريقة عامة وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إنما من أهل الاختصاص، كما أن الفتيات اللواتي يقدمن النصائح لا أحد يعرف ما هي الخلفية لهن، ودرجة الوعي لديهن لإعطاء هذه الارشادات.
وكانت آخر الأرقام الرسمية قد أظهرت أن عدد مستخدمي الانترنت في المملكة ارتفع ليسجل في نهاية العام 2017 حوالي 6.6 مليون مستخدم.
وبحسب إحصائيات وتقديرات عالمية، يبلغ عدد مستخدمي “فيسبوك” في الأردن 5.7 ملايين حساب، وما يقارب 675 ألفا على “تويتر”، أما “انستغرام” فهناك ما يقارب من مليون مستخدم، وهناك مليون آخرون على موقع “سناب شات”.
وفي ذلك يذهب الاستشاري الأسري أحمد عبدالله أن سبب هذا التصرف يعود الى عدة احتمالات، أولا أن من تطرح مشكلتها لا أحد يعرفها عن قرب، وهذا يوفر لديها شعور موهوم بـ “عدم انتهاك الخصوصية” كونها تكتب في صفحة فيها الكثير ولا أحد يعرف الآخر حقيقة.
ثانيا، أن من تطرح مشكلتها في هذه المواقع تنتظر حلولا من عدد كبير ومختلف من الثقافات والمعارف، وتعتقد في نفسها “إلا ما تكون في وحده مرت بحالة زي حالتي”!
ثالثا، من تكتب في هذه المواقع تريد أن يكون لها “مشاركة ما” في هذا العالم، فتطرح مشكلة حتى لو لم تكن واقعية وصادقة. ويرى عبدالله أن الرأي العلمي في هذه الأمور هو الأهم، ومن تطرح مشكلتها على مثل هذه المجموعات هي حقيقة لا تريد الحل بقدر ما هي تكتب من باب الفضفضة ليس أكثر، وما تقدمه القارئات من حلول هي “قنابل موقوتة” قد تنفجر في وجه صاحبة المشكلة كون الحلول كلها غير متخصصة وغير مبنية بناء علمي إنما هي مجرد خبرات لا أكثر.
ويشير الى أن ثقافة الذهاب لأهل الاختصاص، ما تزال غير ناضجة في مجتمعنا وما يزال أصحاب المشكلات النفسية والأسرية لا ينظرون لمشكلاتهم بشكل جاد وحقيقي.
الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة يبين أن مواقع التواصل الاجتماعي ينبغي ألا يتم التعامل على أنها منصة لنشر القضايا الخاصة وعلى صفحات عامة، وموجهة لأشخاص غير مؤهلين، لا أحد يعرف مدى وعيهم والبيئة التي جاؤوا منها.
بالتالي، فإن هذه الطريقة بنشر القضايا الخاصة تضع الاسرار بأيدي أشخاص ليسوا أهلا للأمانة، بالاضافة الى أن هذه المواقع الافتراضية يتواجد عليها جميع الأجناس والاطياف والشخصيات ولا أحد يعرف عنهم شيئا.
لذلك الثقة بهذه المواقع، لا ينبغي أن تكون بعرض الأمور الخاصة والبحث عن حلول بأماكن عشوائية غير مناسبة، بل يجب أن تطرح بين يدي مختصين قادرين فعلا على تقديم النصيحة الصحيحة والمناسبة.
ويشير مطارنة الى أنه من الجانب الاجتماعي تولد هذه الامور خللا، خصوصا اذا كانت المشكلة أسرية، مبيناً أنه كل شخص لديه مشكلة عليه أن يعرضها على صاحب الاختصاص فقط.
ويعتبر مطارنة أن صاحب المشكلة الذي يلجأ الى وضع أزمته بدون وعي بين أيدي الغرباء، قد يتعرض لعواقب كبيرة وقد تتضاعف مشكلته النفسية، وتخلق لديه الردود المتعددة والمختلفة، توترا أكبر وتعب وقلق وتزيد المشكلة بدل من أن تحل، لافتا الى أن هذه الصفحات الغرض منها زيادة التفاعل عليها وجمع “اللايكات والتعليقات” من دون اي اهتمام لمشكلة الشخص نفسه.
ويرى مطارنة أن الشخص الذي يعرض مشكلته بهذه الطريقة هو انسان غير واع أو مدرك لما يفعله، ويبحث عن حل لمشكلته بشكل خاطئ.