عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Feb-2020

مجلة لباب.. الإعلام الاجتماعي بين هندسة توجهات الجمهور وضعف الرقابة

 

 
مع تزايد دور وسائل الإعلام الاجتماعي في صناعة الرأي العام، سلطت مجلة "لباب" في عددها الأخير الضوء على قضيتين إعلاميتين تحظيان بالاهتمام، وهما دور الخوارزميات في هندسة تفضيلات المستخدمين، ودور هذه الشبكات في الرقابة على المحتوى.
 
وصدر أخيرا عن مركز الجزيرة للدراسات العدد الخامس من مجلة لباب التي تعنى بالدراسات الإستراتيجية والإعلامية، ويبدو أن محرريه قد سعوا فيه إلى تكريس هويته الإعلامية إلى جانب الإستراتيجية، من خلال عدة بحوث تتناول قضايا جوهرية في الساحة الإعلامية.
 
وحملت الدراسة الأولى عنوان "الخوارزميات وهندسة تفضيلات مستخدمي الإعلام الاجتماعي"، كتبتها الدكتورة فاطمة الزهراء السيد، وتناولت فيها ما تقوم به شركات مواقع التواصل الكبرى من "هندسة" لجمهورها من خلال التعرف على تفضيلاتهم، حيث تتولى الخوارزميات تحويل عادات الاستخدام إلى أنماط سلوكية للجمهور.
 
وكان مصطلح هندسة الجمهور قد ظهر في العقد الثالث من القرن العشرين، ويقصد به التأثير على العقل غير الواعي للجمهور باستخدام تقنيات الإقناع.
 
وبحسب الدراسة، تسمح المعطيات التي توفرها برمجيات مواقع التواصل (الخوارزميات) باكتشاف ميول الأفراد، إذ يمكنها تتبع أنشطة الشخصيات ذات "الميول الإرهابية" بهدف خدمة أجهزة الأمن، ومثال ذلك نجاح السلطات الروسية في عام 2015 بضبط 196 مجموعة داعمة لتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.
 
لكن هذه الخوارزميات تُتهم الآن بأنها توجه الجمهور للتأثير على قراراته، مما يسمح بتوظيف هذه التقنيات في حملات الدعاية السياسية أو التجارية، مما دفع صحيفة الإيكونوميست لنشر عدة مقالات في عام 2017 للتحذير من التهديد الذي تمثله هذه التقنية على الديمقراطية.
 
وتشير الباحثة أيضا إلى وظيفة التنبؤ التي تمارسها الخوارزميات، وهي تندرج ضمن علم جديد يسمى "اقتصاد الانتباه"، حيث يمكن للباحثين اليوم مضاعفة قدرة المنتجات على جذب انتباه المستهلكين من خلال التنبؤ بتفضيلاتهم، لكن الخطر الأكبر يكمن في الدور السياسي الذي توظف فيه هذه التقنيات، ولعل فضيحة شركة "كامبريدج أناليتيكا" التي دعمت دونالد ترامب في حملته الانتخابية خير مثال.
 
وتضيف الباحثة أن دراسة قام بها فريق بحثي حول الإشكاليات الأخلاقية أثبتت أن الخوارزميات تمتلك القدرة على تتبع نشاط المستخدمين مما يحملها مسؤولية أخلاقية تجاههم، فضلا عن انتهاك خصوصية المعلومات والمس بإمكانات التحكم الذاتي والتمييز والتحيز.
 
ولا تغفل الباحثة إمكانيات الطعن القانوني في هذه الممارسات، والمحاولات التي تقدمها شركات مواقع التواصل لسد الثغرات، كما تشير إلى بعض المقترحات العملية التي قدمها مختصون في توعية المستخدمين لحماية أنفسهم. 
 
الرقابة على المحتوى
وفي العدد نفسه، كتب الباحث محمد الأمين موسى دراسة أخرى بعنوان "شبكات التواصل الاجتماعي والرقابة على المحتوى: فيسبوك وإشكالية الجمع بين التواصل الإعلامي وحرية التعبير"، وهي تتناول جدلية العلاقة بين حرية التعبير التي توفرها بيئة الإعلام الجديد، وبين كل من الفرص التي توفرها هذه البيئة لغياب التقاليد المهنية وكذلك إرادات الدول في وضع الضوابط على النشر.
 
وتنبع المشكلة من تحول مواقع التواصل الاجتماعي من مساحات للربط الشبكي بين الأصدقاء إلى وسائل للتواصل الإعلامي، والكثير مما يقدم فيها من محتوى إعلامي يقدمه هواة أو مزورون.
 
ويوضح الباحث أن الضوابط التي تحددها إدارة فيسبوك للرقابة على المحتوى بحجة الحفاظ على أخلاقيات التواصل يشوبها العديد من الثغرات، فعندما يدرس الباحث سياسة الموقع تجاه الصفحات التي تتناول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يظهر الانحياز بوضوح.
 
ففي عام 2018 وحده، حذفت شبكة فيسبوك 83 حسابا فلسطينيا، منها 26 حسابا لمؤسسة إعلامية، كما حظرت 14 حسابا فلسطينيا آخر.
 
ويخلص الباحث إلى أن التواصل الإعلامي يتسم بالتعقيد الشديد الذي لا ينفع معه استخدام الخوارزميات لاتخاذ القرارات المتعلقة بالنشر أو عدم النشر، بسبب تداخل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية.
 
لذا لا يمكن مقارنة هيئة التحرير التي تنظر في المحتوى الصالح للنشر عبر وسيلة إعلامية تقليدية، بمراقبين يتم توظيفهم للقيام برقابة لاحقة، وقد لا تتوفر في معظمهم الخبرة الكافية، مما يجعل مواقع التواصل أقل قدرة على الضبط من وسائل الإعلام.
 
المصدر : الجزيرة