نصر عسكري.. هزيمة سياسية
الغد
يديعوت أحرونوت
آفي يسسخروف
في ظل التقارير المتفائلة التي تصل من شرم الشيخ، عن تقدم دراماتيكي في الاتصالات بين حماس وإسرائيل على صفقة لتحرير المخطوفين ينبغي القول: سجلت إسرائيل لنفسها منذ بداية الحرب بضعة إنجازات عسكرية مهمة جدا على الأرض، بما في ذلك في ما يلوح كموافقة من حماس لإبقاء قوات الجيش في داخل أراضي القطاع حاليا على الأقل. غير أن الإنجازات العسكرية الهامة للجيش في السنتين الأخيرتين، ليس فقط لم تترجم الى إنجازات سياسية بل أصبحت فشلا سياسيا خطيرا كلمة قصور تثني عليها.
رغم الدمار الهائل في غزة، رغم عدد الضحايا الفلسطينيين الذي يرتفع كل الوقت (67 الفا)، ومع أن الذراع العسكرية لحماس تلقى ضربات قاسية وفقد كل القيادة العليا – فإن حماس ترى في طوفان الأقصى، نصرا. ليس أقل. صحيح أن الحديث لا يدور عن نصر في المعارك في قطاع غزة أو في مواجهة جنود الجيش الإسرائيلي، لكنها تنتصر في الساحة السياسية والدولية. حماس تنتصر لأن عملية عسكرية عنيفة تأتي لتحقيق اهداف سياسية، وحماس تحققها الواحد تلو الآخر، فيما أن دولة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو جعلت استمرار الحرب هدفا سياسيا، او للدقة حزبيا، وهجرت بإهمال الأهداف السياسية للحرب. بالنسبة لمنظمة جهادية كحماس، فإن الدمار الهائل الذي نتباهى نحن به كـ"إنجاز" – هو إنجاز بالنسبة لهم. هكذا هو أيضا عدد القتلى الهائل في أوساط سكان القطاع. من ناحية حماس كل هؤلاء هم القربان الذي ينبغي التضحية به في حربها الأبدية وكل هؤلاء سيزيدون فقط الكراهية تجاه إسرائيل ليس فقط في غزة او الضفة الغربية، بل في كل زاوية في العالم.
نماذج عن نصر حماس هذا لا تنقص. كل زيارة في مدينة في أوروبا تجسد حجم الهزيمة السياسية. يافطات في كل زاوية، فتيان وشبان أوروبيون ليس لهم أي فكرة عما يحصل في غزة يلفون الكوفية السوداء – البيضاء على رقابهم. لو أنهم فقط عرفوا انها كانت في الماضي رمز حركة فتح أساسا، وفي قطاع غزة لم تشهد شعبية زائدة بعد انقلاب حماس هناك في حزيران 2007. مظاهرات، إضرابات ولماذا لا، باسم "الإبادة الجماعية" في غزة، عنف يتفجر بل وحتى عمليات ضد اهداف يهودية. صحيح أن قسما من المتظاهرين يخرجون الى الشوارع كي ينفسوا على حكومتهم او لأسباب أخرى، لكن حماس نجحت في تجنيد الجماهير في أوروبا للتضامن معها، حيثما فشلت حكومة إسرائيل. المشكلة الأخطر: الفشل الذريع لهذه الحكومة، هو الشكل الذي يميل فيه الرأي العام في الولايات المتحدة ضد إسرائيل، بما في ذلك في الحزب الجمهوري. الى ذلك ينبغي ان تضاف إنجازات حماس في الساحة الدبلوماسية: اعتراف دول غربية كبرى بدولة فلسطين، كنتيجة مباشرة لغياب السياسة أو الاستراتيجية الإسرائيلية.
ينبغي ان يقال: شعبية حماس في قطاع غزة في هبوط. يوجد غضب فلسطيني هائل تجاه المنظمة، رغم أنه قبل لحظة من 7 أكتوبر كان التأييد لحماس في ذروته. غير أن الجمهور الغزي يخاف كما يخاف من الموت، بكل معنى الكلمة، الخروج الى الشوارع للاحتجاج ضد حماس ومن يفعل هذا يعاقب. الغضب الجماهيري الفلسطيني لم يعد عاملا مؤثرا من ناحية حماس رغم أنها في الماضي اهتمت جدا بالرأي العام الفلسطيني. ترى حماس نفسها الآن تعمل وفقا لنموذج الجهاد الإسلامي. بمعنى الطليعي الذي يسير أمام المعسكر ويدير حرب التحرير الفلسطيني، حتى لو كان من يدفع الثمن هم الغزيون (وسكان الضفة). يفهم مسؤولو المنظمة بان وقف نار يؤدي الى تحرير سجناء بالجملة، الى جانب وقف الحرب وإعمار القطاع سيؤدي الى ارتفاع متجدد في التأييد لحماس. كما أن المفاوضات الجارية الان هي تجسيد للوضع السياسي الجديد الذي تعيشه المنظمة، حين يكون حتى المندوبون الامريكيون مثلما هم أيضا ممثلو قطر، تركيا، مصر، ومن لا – يتحدثون مباشرة مع حماس.
اذا ما خرج مخطط ترامب الى حيز التنفيذ مثلما نشر، سيكون في ذلك انجاز إسرائيلي هام على المستوى العسكري، لكن مرة أخرى: بلا قدم سياسية متممة، بلا تغيير الواقع السياسي في غزة، فإن حماس ستجني الكثير من الأرباح السياسية والحزبية في الساحة الفلسطينية الداخلية.