عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Feb-2020

الطلاق الإيجابي.. هل يكسر الصورة النمطية عن “عداوة” ما بعد الانفصال؟!

 

ديمة محبوبة
 
عمان-الغد-  في اللحظة التي يقرر فيها الشريكان اتخاذ خطوة الطلاق بعد استنفاد كل الطرق لإصلاح العلاقة، قد تبدأ المشاحنات والمضايقات المقصودة، والتي يتعمد كل طرف إظهارها للآخر، كنوع من الانتقام على فشل الزواج.
تلك هي الصورة النمطية والسائدة لأشكال الطلاق في المجتمع، بالرغم من تأكيد خبراء أن تلك الخطوة يمكن أن تتم بشكل حضاري وإيجابي من دون أن تنكسر صورة الشخص أمام شريكه السابق، ولكي لا ينعكس ذلك القرار بشكل سلبي على مستقبل الأطفال.
سامية تعود بذاكرتها لتتحدث عن طلاقها من زوجها الذي أحبته، وأنجبت منه ابنها الوحيد، لكن الحياة بينهما بدأت تتغير وتتسيد الخلافات والنقاشات الحادة والغضب، واختلاق المشاكل، فضلا عن الإهانات المتكررة.
لذلك، كان القرار النهائي والأفضل لهما هو الطلاق، وذلك لعدم استطاعتهما إكمال هذه الحياة البائسة.
تقول “عرفت أن الحياة بيننا انتهت، والاستمرار فيها إرهاق لكلينا ولطفلنا الذي يرتعب من نقاشاتنا الحادة، إلى جانب الغضب والطاقة السلبية المسيطرة”.
وقررت سامية الجلوس مع زوجها بعد أن جهزت مائدة عشاء، وبدأت كلامها عن حياتها معه تحديدا في البدايات، وحزنها لما آلت إليه الأمور بعد مضي ستة أعوام وأسباب الشجارات غير المبررة، ما جعلها تقف طويلا، وتفكر بمنحى آخر لهذه العلاقة.
وبعد حديث طال بينها وبين زوجها واتفاقهما بأن مصلحة ابنهما هي الأساس، اتفقا على الطلاق بطريقة عقلانية وإيجابية وترك ذكريات جميلة بينهما، وذلك لأجل طفلهما الذي سيتشاركان في تربيته.
الطلاق بين سامية وزوجها تم قبل عامين، واليوم هما يشكلان أنموذجا جيدا لأبوين يفكران بمصلحة طفلهما، فيتشاوران بأمره وبتعليمه، مؤكدة أنه رجل نبيل لا يترك طفله بحاجة شيء، ويتعامل معها بمنتهى الاحترام والمودة.
وفي المقابل، كانت تجربة طلاق أحمد من زوجته السابقة وهي إحدى قريباته، سيئة؛ إذ جاء ذلك بعد خلافات طويلة، وكانت الفجوة تكبر يوما بعد آخر بينهما، وبالرغم من تدخل عائلة الطرفين إلا أن ذلك لم يحل الأمور، وازدادت المشاكل والخلافات، وكان الطلاق هو الحل الوحيد.
لكن طلاقه لم يكن يسيرا؛ إذ وكلت زوجته السابقة محامية عنيفة وعدائية ولا تريد التسوية على أي شيء، وتتعمد أسلوب الاستفزاز والتهديد، ووصلت المشاكل للعائلتين بالرغم من صلة القرابة بينهما.
يقول “أنا لا ألوم طليقتي ولا ألوم نفسي لما آلت إليه الأمور بهذه التجربة الصعبة، لكن التدخل الخارجي جعل الحياة أصعب ومستحيلة حتى إن العدائية والكره ازدادا أكثر في مرحلة إجراءات الطلاق”.
ويستغرب من زوجته بأنها سلمت أمرها لمحامية عدائية جعلت الخلافات أكبر بكثير، وتعمدت استخدام أسلوب استفزازي.
اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، يؤكد أن الاحترام ينبغي أن يكون أساس تعامل أفراد المجتمع، ومن يقرر الطلاق بعد أن تنتهي به كل السبل لإصلاح هذا الزواج، ينبغي أن يراجع أخطاءه، والتفكير بإنهاء هذه العلاقة بأقل الأضرار لكي لا يضر الطرف الآخر أو يؤذيه، وبالتالي يؤثر على الأولاد وعلى العائلات الكبرى.
ويؤكد استشاري العلاقات الأسرية مفيد سرحان أن الطلاق يأتي بعد محاولات عدة لتصليح العلاقة الزوجية، ويكون أحيانا الحل لعدم وقع الظلم على أحد الزوجين أو كليهما وكذلك على الأطفال.
ويلفت إلى أنه عند اللجوء لمرحلة الطلاق، على الطرفين التفكير مليا بأنهما كانا زوجين سابقين وأما وأبا للأطفال، ما يعني حق الصغار على أبويهما أن يستمرا بدعمهم والالتزام بحقوقهم وكل ما يصب بمصلحتهم وعدم وضعهم في دائرة الأجواء السلبية.
ويلفت سرحان إلى أن الكثير من الأهالي، والمقصود أهل الزوج والزوجة المطلقين، يكونون السبب بزيادة المشاكل والجفاء، سواء بتحريض كل طرف على الآخر أو تكبير الخلافات.
ويؤكد سرحان أن على الوالدين أن يتواصلا مع بعضهما بعضا بحدود الحديث عن الأطفال، أو ابتكار وسيلة آمنة للتواصل لمعرفة ما يترتب على تربية أبنائهما وكل ما يسهم بتأمين حياة جيدة لهم.
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يؤكد أن الطلاق ليس بالأمر البسيط، فحتى مع تصاعد الخلافات والحياة الصعبة بين الطرفين، يبقى وقعه كبيرا على النفس، فالكثير من الآمال والأحلام الجميلة تكسرت، ويتأثر الطرفان بشكل كبير لأن هنالك حياة كاملة بينهما سوف تتغير.
ويؤكد مطارنة أن من حق الشخص أن يشعر باحترام الآخر لمشاعره، وأن يعطي كل طرف لنفسه الحق بأن يعيد حساباته ويفكر مليا بجميع الأحداث التي حصلت معه وما هي الطريقة الصحيحة التي ينوي اتباعها للحصول على نتائج مرضية فيما بعد.
وينصح الأزواج بعد قرار الطلاق، أن يحاول كل طرف المضي قدما بحياته، والتفكير مليا بما حدث ولا ضير من الاستفادة من أخطاء الماضي، فلكل واحد أخطاؤه، ويتوجب أن يمتلك شجاعة للاعتراف بها أمام نفسه.
إلى ذلك، ينبغي الخروج من محنة الطلاق بأقل الأضرار، والنظر للحياة والمستقبل بمنظور إيجابي، والتخلي عن المشاعر السلبية.