عمون
محمد الصبيحي
كانت صبيحة يوم ١٤ تموز ١٩٥٨ يومًا أسودَ في تاريخ الأمة العربية لا يفوقه سوادًا إلا يوم مقتل الإمام الحسين،، إنها لعنة الدم الهاشمي تتنزل على القتلة وتترك في الأرض خرابًا ودماءً ما زالت تنزف حتى اليوم.
وما زال الجرح العراقي نازفًا وقد ذهب شهداء بنو هاشم الأبرار إلى جنة الرحمن وذهب القتلة بعد أن اقتتلوا بينهم إلى جهنم وبئس المصير.
العراقي الذي قتل كامل أفراد الأسرة الهاشمية بعد أن اصطفهم في ساحة قصر الرحاب في بغداد هو النقيب عبد الستار العبوسي، وقد ظل طيف الملك الشهيد يسأله في منامه (لمَ قتلتني ؟؟) حسب ما نقل عنه إلى أن أقدم على الانتحار بالرصاص في العام ١٩٧٠.
لم يكتف رجال عبد الكريم قاسم باغتيال العائلة الملكية، وإنما قاموا أيضًا باغتيال بشع أمام مبنى وزارة الدفاع العراقية للوفد الأردني الذي كان في زيارة رسمية برئاسة رئيس الوزراء إبراهيم هاشم يرافقه سليمان طوقان الذي وُلِد في مدينة السلط عام ١٨٩٣.
وهكذا انتهى الحلم العربي بالوحدة إلى اليوم وما زال الجرح العراقي نازفًا ولم يتوقف إلا لسنوات قليلة حين نقل صدام حسين جثمان الملك فيصل من مدفن خلف مستشفى الرشيد العسكري إلى المقبرة الملكية في الأعظمية، حيث اعتاد الحسين طيب الله ثراه على زيارة ضريحه كلما زار بغداد.
يشهد مؤرخون عراقيون كُثُر على وطنية ونزاهة وعدالة الحكم الملكي العراقي ويترحمون على أيام الملكية الزاهية، ولا يتذكر عراقي أو عربي مخلص ما حدث يوم ١٤ تموز إلا اعتصر الألم فؤاده حزنًا على ذلك الملك الشاب جميل المحيا من نسل رسول البشرية عليه الصلاة والسلام.
ألا فإنك أيها الملك الشهيد في بغداد إنما تلتحق بأول الملوك الشهداء من بني هاشم عبد الله بن الحسين الأول شهيد المسجد الأقصى، فطوبى للشهداء.