الدستور
وصلني من صديق فيديو لسيجارة تحترق. وما هو لافت، أن السيجارة المشتعلة محشوة بخشب ونجارة، وأصوات فرقعة غريبة، وقطع بلاستيك، وديدان، وبقايا حشرات، وعيدان ملوخية. الفيديو حاولت أن أنشره على نطاق واسع، من باب الإرشاد والتحذير الصحي لمخاطر الدخان، ولكي يتنبه الأردنيون لما يدخنون. ولو أن في كتابة المقال الصحفي يُتاح نشر الفيديو لما ترددت. لربما أن أغلب الأردنيين ينفقون على الدخان أكثر من الطعام والشراب، ولا يعرفون ماذا يدخنون. أعواد ملوخية، ونجارة خشب، وقطع بلاستيك، وبقايا أشياء كثيرة قذرة.
سجائر دون تبغ، وأحرق ما يحرق في السيجارة هو التبغ، وتحترق السيجارة ولا تشم رائحة تبغ، ولو طاردت خيوط وألسنة الدخان، فلا تشم للتبغ رائحة من احتراق السيجارة. شخصيًا، انقطعت عن التدخين منذ عام ويزيد، ولربما أن غير المدخن يكتشف فظاعة الروائح الكريهة الناتجة عن التدخين. تصوّر أنك لا تشم بتاتًا تبغًا محترقًا، إنما خشب وبلاستيك وبقايا نفايات. ومع أني توقفت عن التدخين من سبعة أعوام.
ولكني، لا أترك فرصة ومناسبة صحفية ولا غيرها دون استغلالها وتوظيفها للتوعية والتحذير من الدخان، وسرد تجربتي الشخصية مع الدخان وقطعه.
ومن يقطع الدخان، وغير المدخن يكتشف فظاعة الروائح الكريهة الناتجة عن التدخين، وتصور أنك تشتم «روث حيوانات وبلاستيك يحترق وبقايا نفايات».
وأنا أكتب هذا المقال، وأتابع وسائل الإعلام، وما يتوارد من أخبار عن تفاقم التداعيات الصحية الخطيرة لمجزرة الكحول المغشوشة، وارتفاع أعداد الموتى والمصابين، وامتداد التسمم الكحولي إلى محافظات المملكة، وإحالة ملف التحقيق إلى القضاء. ووزارة الصحة، تقول إن الوضع معقّد ومقلق.
نعيش في الأردن فضائح متتالية من الدجاج المغشوش إلى اللحوم الفاسدة وصولًا إلى مصنع الكحول المغشوشة. ويُضاف إلى ذلك، الدخان والحقيقة غير المرصودة والغائبة عن أعين الحكومة والرقابة في عالم صناعة الدخان في الأردن. لربما، أن مفعول تسمم الكحول الفاسدة والمغشوشة كان سريعًا على صحة المواطنين، وسرعان ما أطاح بعشرات من متعاطيها، وقتل
أشخاصًا، وإصابة العشرات، والرقم مفتوح، ويقدّر مراقبون وجود أعداد أخرى من ضحايا التسمم غير معلومة ولا مرصودة. وبينما الدخان قاتل بطيء ومتدحرج، وقاتل يتسلل إلى جسم الإنسان سلحفائيًا، ويصيب صحة الإنسان وجسده، ويعطب الأعضاء والوظائف البيولوجية والحيوية بهدوء قاتل. ولا يشعر أحد بفظاعة جريمة الدخان على الصحة العامة والمجتمع. وحتى، جمعيات وحملات محاربة التدخين والأطباء، لم نعد نسمع أصواتهم الهادرة والمحذرة من ويلات التدخين الصحية.
وكما لو أن الأطباء رُوِّضوا أو ملّوا من الوعظ والإرشاد الصحي. جريمة الدخان بحق الاقتصاد الوطني والمجتمع والصحة العامة كبيرة، ولا تُقاس وتُقارن بجريمة الكحول الفاسدة ولا غيرها.
التدخين مكروه صحيًا. والأردني العادي، سواء
موظف حكومة أو قطاع خاص، ينفق ثلث راتبه الشهري على الدخان، ويدخن عيدان ملوخية وخشب ونجارة وبقايا بلاستيك.
وأنا أتابع تفاقم مجزرة الكحول.. وجدت من الضروري التنبيه إلى فتح ملف شركات التبغ والدخان، وأن تفتح الأجهزة الرقابية أعينها على صناعة الدخان في الأردن.
ملاحظة، لمن يرغب في متابعة فيديو «السيجارة المحترقة»، فيمكنه التواصل عبر الإيميل.