الاحتلال يستهدف الوجود الفلسطيني بالقدس.. وانتشار أمني كثيف بمحيط "الأقصى"
الاحتلال يفرض ضرائب باهظة ويصادر ممتلكات الفلسطينيين بالمدينة عند تعثر السداد
الغد-نادية سعد الدين
تسببت إجراءات الاحتلال لاستهداف الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة وحرب الإبادة الجماعية المتواصلة ضد قطاع غزة في إغلاق أكثر من نصف المحال التجارية داخل البلدة القديمة وتفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمقدسيين بهدف إجبارهم على الرحيل، لكن من دون جدوى إزاء تمسكهم بأراضيهم ورفضهم مغادرتها.
ويسعى الاحتلال لتشديد إجراءاته الأمنية والعسكرية ضد الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة، وبخاصة العديد من أحيائها العربية، عبر هدم المنازل ومصادرة الأراضي وتهجير أصحابها قسراً، في إطار خطة ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" الضخمة الجاثمة فوق أراضيها إلى المدينة.
ونتيجة لسياسات الاحتلال العدوانية التي تستهدف الوجود الفلسطيني في المدينة، فإن نحو 50 % من المحال التجارية داخل البلدة القديمة أغلقت أبوابها بسبب التراجع الكبير في الحركة السياحية والإجراءات الأمنية المشددة التي تحاصر كل مفصل من مفاصل الحياة هناك، بحسب مدير مركز القدس للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، زياد الحموري.
وقال الحموري، في تصريح له أمس، إن الأوضاع في البلدة القديمة تسوء يوماً بعد آخر، مشيراً إلى أن إجراءات الاحتلال تركت أثراً بالغاً على جميع القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن أن تراكم الضرائب الباهظة يشكل خطراً حقيقياً على الوجود التجاري في المدينة، إذ قد تُستخدم هذه الذرائع القانونية لاحقاً لمصادرة المحال والممتلكات الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة.
يأتي ذلك على وقع اقتحام مئات المستوطنين المتطرفين، أمس، باحات المسجد الأقصى المبارك في القدس المحتلة، وسط حماية مشددة من قوات وشرطة الاحتلال، حيث نفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوسًا تلمودية علنية في مشهد استفزازي تزامن مع انتشار أمني واسع في محيط المسجد وفي شوارع البلدة القديمة.
واقتحم المستوطنون المسجد الأقصى عبر "باب المغاربة" على شكل مجموعات متتالية، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته بحماية عناصر من شرطة الاحتلال، الذين شددوا القيود على دخول المصلين الفلسطينيين وفرضوا الحواجز في محيط الأبواب والطرق المؤدية إلى "الأقصى".
وتأتي هذه الاقتحامات في سياق محاولات الاحتلال مستمرة لفرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، من خلال تكثيف الاقتحامات اليومية التي تتم على فترتين صباحية ومسائية.
وكانت جماعات "الهيكل المزعوم" قد دعت أنصارها لاقتحامات جماعية يومي الأربعاء والخميس المقبلين، بذريعة أداء ما يسمى بـ"صلوات شكر" على عودة أسرى الاحتلال من قطاع غزة، في خطوة اعتبرها مقدسيون استفزازًا متعمدًا واستغلالًا للأحداث لخدمة أهداف استيطانية ودينية متطرفة.
وفي ظل التصعيد، دعا خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أبناء الشعب الفلسطيني في القدس وفلسطين المحتلة عام 1948 وكل من يستطيع الوصول إلى شد الرحال إلى المسجد والرباط فيه، دفاعًا عن حرمته في وجه محاولات التدنيس والتهويد المتواصلة.
وقال الشيخ صبري، في تصريح له أمس، إن وزراء الحكومة المتطرفة يقودون اقتحامات جماعية للمسجد الأقصى لاستفزاز المسلمين، محذرًا من تصاعد الاقتحامات والانتهاكات في المسجد.
وخلال موسم الأعياد اليهودية المزعومة الأخيرة، شهد المسجد الأقصى تصعيدًا غير مسبوق في وتيرة الاقتحامات، إذ بلغ عدد المقتحمين نحو (9820) مستوطنًا، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال.
ويندرج ذلك ضمن مخطط الاحتلال للسيطرة على القدس المحتلة والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، أسوة باستيلائه على أكثر من 70 دونماً في محافظة نابلس، لصالح التوسع الاستيطاني عبر إقامة منطقة عازلة حول مستعمرة "عيلي" الصهيونية، وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية.
وأفادت الهيئة، في تصريح لها أمس، أن مجمل المساحة التي قرر الاحتلال مصادرتها لأغراض الاستيطان تبلغ نحو 70 دونماً و147 متراً مربعاً، مشيراً إلى أن الاحتلال أصدر منذ مطلع عام 2025 ما مجموعه 53 أمراً لوضع اليد لأغراض عسكرية متعددة الأغراض، في تكثيف ملحوظ لاستخدام هذا النوع من الأوامر بحجج عسكرية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية.
فيما شهدت مدينة طولكرم، بالضفة الغربية، انتشاراً مكثفاً لآليات الاحتلال وفرق المشاة، حيث أغلقت الشوارع والمداخل الرئيسية، وأعاقت حركة التنقل، بالتزامن مع مداهمة المنازل والمنشآت الفلسطينية، كما شددت حصارها على مخيم طولكرم، بعد نصب بوابات حديدية على المداخل المؤدية إلى عدد من حاراته، لا سيما من الجهة الغربية، ووضعت سواتر ترابية في الحي الشرقي للمدينة المحاذية للمخيم، بعد استيلائها على عدد من منازل الفلسطينيين في تلك المنطقة.
ويتواصل عدوان الاحتلال على المدينة ومخيميها طولكرم، ونور شمس، لليوم الـ267 على التوالي، وسط حصار مشدد، ومنع سكانهما من الدخول إليهما، واطلاق النار على كل من يحاول الاقتراب.
وتتصاعد انتهاكات الاحتلال واعتداءات مستوطنيه ضد الضفة الغربية بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على قطاع غزة على مدار عامين، مما أدى لاستشهاد ما لا يقل عن ألف و50 فلسطينياً وإصابة الآلاف، وفقا لبيانات رسمية فلسطينية.