عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Nov-2020

المصلحة في مجلس نواب قوي فاعل*د. محمد حسين المومني

 الغد

يقفز البعض للاستنتاج ان مجلس النواب المقبل سيكون ضعيفا، مستندين بذلك لثلاث مشاهدات رئيسية: احتفالات بعض الفائزين تجاوزت على القانون وان بعض من سيشرع ويراقب هم ذاتهم لا يلتزمون بالقانون، وان الانتخابات شهدت مالا فاسدا بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة جراء كوفيد 19 وظفه قلة لنيل مقعد النيابة، وان المجلس الحالي نتاج قانون انتج السابق فلماذا نتوقع أي تغيير. هذا استباق محفوف بالمغامرة العلمية والتحليلية، والأولى الانتظار لبدء دورات البرلمان للحكم عليه. المحتفلون والمستخدمون للمال الفاسد يبقون قلة قليلة قد لا يصح تعميم سلوكها على كامل البرلمان، كما أن القانون الذي انتجهم لا يمكن ان يكون كاملا وهذا هو حال قوانين الانتخاب بغالبية الدول، حتى وان جرى تعديله فلن يكون مثاليا ولن يرضي الجميع. الواقعية تقول، إن الفائزين بالانتخابات الأخيرة قيادات مجتمعية وسياسية اتقنت لعبة الانتخاب وأفرزت نفسها قيادة شئنا أم ابينا.
مصلحتنا كمجتمع ودولة في مجلس نواب فاعل، ولكن الحكم على فعاليته وقوته يجب ان تحتكم لمعايير موضوعية تتجاوز الانطباعية. النخب بالتحديد يجب أن تصدر حكمها بعد ان تراقب وترى السلوك بموضوعية وتبتعد عن الأحكام المسبقة. في البرلمان المقبل 98 نائبا جديدا، وهذه رسالة بحد ذاتها، بإن جمهور الناخبين يريد تغيير النخبة البرلمانية ويتوقع منها شيئا مختلفا، وهذا يملي ضرورة الانتظار لاصدار الأحكام والتحلي بالموضوعية عند اصدار التقييم. غالبية المجالس التشريعية في العالم لا تحظى بأرقام استطلاعات مرتفعة عند تقييمها، وفي الأردن الحال متشابه وسببه أمران رئيسيان، الأول، ان مئات ممن خسروا الانتخابات يبررون ذلك بالطعن بصحة الانتخابات أو الطعن بمن فاز بها، وثانيا، سلوكيات برلمانية سابقة كان مجلس النواب فيها ليس على قدر التحدي اما لسلوكيات قلة من اعضائه أو لتغول الحكومات عليه.
مهم جدا إعطاء البرلمان المقبل مساحته السياسية الكاملة للعمل والتحرك، ولا بد ان تشتبك معه الحكومة مؤسسيا ضمن إطار دستوري يبتعد عن أي شكل من أشكال الزبائنية التي لا شك سيحاول فيها البعض القليل. لا نريد علاقة مشاحنة وصدام بين الحكومة والنواب، كما أننا لا نريد علاقة سمن وعسل؛ المطلوب علاقة تحكمها الأطر الدستورية الناظمة بوجود حكومة تنفذ القوانين وتدير البلد ومجلس يشرع ويراقب بقوة. هذه هي مكنتنا الدستورية لمراقبة اعمال السلطة التنفيذية، فالبرلمان يستطيع جلب ومساءلة ومراقبة الحكومة على كافة قرارتها، وان يطالبها بنتائج، والحكومة ملزمة ان تدافع وتقنع وتشتبك مع النواب ومن خلالهم مع الرأي العام. هذا ما حرمنا منه كمجتمع منذ آذار الماضي، وادى لخلل كبير في القرارات ومنظومة المساءلة الوطنية. من هنا، فغريب فعلا ان يستمر البعض بمساءلة قرار اجراء الانتخابات، رغم حاجتنا الماسة لوجود مجلس نواب، والاصل ان يثنى على الأردن لالتزامه بالاستحقاق الدستوري بإجراء الانتخابات.
لم نر بعد اداء مجلس النواب المقبل، ومن المبكر وغير العلمي الحكم المسبق عليه، والأمل ان يدرك الجميع، رسميا وأهليا، أهمية وحاجة البلد لمجلس نواب فاعل قادر، وضرورة اعطائه المساحة السياسية الوافية لاحقاق ذلك.