عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Dec-2024

نفتقد رجالات دولة*محمود خطاطبة

 الغد

يبدو أن الأردن ما يزال يفتقد لرجالات دولة، كسابق عهده، يدافعون عن سياساته وإجراءاته وقراراته، أكانوا على رأس عملهم أم بعد تقاعدهم أم في حال «الاستراحة» أو «الاسترخاء».
 
 
لماذا لا نمتلك رجالات دولة حقيقيين؟، فرجل الدولة عندما يقبل بمنصب ما، يتوجب عليه أن يدافع عن قرارات وسياسات وإجراءات المؤسسة أو الدائرة التي يشغلها، وكذلك ينطبق أيضًا على أعضاء الفريق الحُكومي.
 
وهُنا لا أقصد أن يكون بوقًا أو «إمعة»، بلا أي إرادة أو فكر أو قرار، لكن عندما يقبل بذلك المنصب وهو في كامل قواه العقلية، ويعرف ويعلم ما يترتب عليه، فإنه تلقائيًا يكون مُجبرًا بالمُدافعة عن سياسات وإجراءات وقرارات تلك الدائرة أو المؤسسة.. إلا إذا تجاوز الأمر الخطوط الحمراء، من قيم ومبادئ وأخلاق، تربينا عليها جميعًا.
وللعلم، فإن ذلك الأمر تقع مسؤوليته أولًا على الحُكومة أو الدولة، بمعنى أشمل، التي يتوجب عليها أن تختار الشخص المُناسب للمنصب، وفق أُطر تعتمد أولًا وأخيرًا على الكفاءة والعدالة، وحب الوطن والانتماء إليه، بعيدًا عن أي مصالح شخصية أو أنانية.
ثانيًا، يقع جزء من المسؤولية على الشخص المسؤول، خصوصًا الذي يتبوأ منصبًا من المناصب العُليا.. فعلى ما يبدو أن المسؤول الأردني ما يزال حبيس أوهام، تُعشعش في أعماقه هو فقط، يرى من خلالها بأن المنصب قد فُصل على مقاسه، وفي حال غيابه عنه، ستنهار المؤسسة أو المُديرية التي يرأسها، وسيصبها الخراب والدمار.
فهو يرى دومًا بأنه الأحق والأصلح والأنسب لهذا أو ذاك المنصب، وعندما يصل أُذنيه خبر يتعلق بإقالته أو أن هُناك تغييرات ستطرأ، وأنه جزء منها، يبدأ بنسج بطولات قائمة على الخيال فقط، وترديد اسطوانة مشروخة، أصبحت من الأسلحة التي عفا عليها الزمن، ولم تعد تنطلي على أي أحد من الشعب الأردني، من قبيل أنه تعرض لضغوطات، أو أن هُناك شخصيات ومسؤولين يتدخلون بعمله وبعمل إدارته وسياساتها وإجراءاتها، وذلك من باب «الشعبويات» فقط.
سبحان الله، المُشكلة أن تلك التدخلات أو الضغوطات، طبًعا حسب تصريحات ذلك المسؤول، تُكتشف فجأة ودون سابق إنذار، بعد أن يكون قد مضى على خدمته في منصب ما، مُدة لا تقل عن ثلاثة أعوام، وقد تصل في بعض الأحيان إلى خمسة أعوام!!.. مع العلم بأن ذلك المسؤول لم يتقدم بأي شكوى تُفيد بأنه تعرض لتدخلات أو ضغوطات.
نقطة ثالثة في غاية الأهمية، تكمن في أن بعض أبناء الشعب الأردني، يُساهمون أيضًا بذلك، فعندما يسمعون من مسؤول بأنه قد تعرض لضغوطات أو تدخلات، فإنهم يصدقون ذلك بـ»الكُلية»، من غير تمحيص أو تدقيق، فيُصبح ذلك المسؤول مُصدقًا، وكأن كلامه مُنزلًا لا غُبار عليه.
نعم صحيح، قد يتعرض بعض المسؤولين لضغوطات وتدخلات، لكن ليس من المروءة والعدل أن يبقوا صامتين طوال تلك المُدة، حتى إذا ما حانت ساعة الصفر لإقالتهم، يبدأون بهجوم، مدعوم بأُناس مُهمتهم الأساس الترويج له، فقط لأنهم من أبناء منطقته أو عشيرته أو حتى نكاية بالحُكومة أو حقدًا عليها.
لست مُدافعًا عن الحُكومة، لكن من باب الموضوعية والأمانة يجب أن نذكر ذلك ونؤشر إليه، فعندما تُبقي الدولة أو الحُكومة، «حنفية» العطاء مفتوحة، إما بمناصب أو أموال أو تنفيعات أيا كانت، فإن الشخص (المسؤول) يبقى يُسبح بحمد الحُكومة، ويذكر أمجادها وإنجازاتها، وعندما تُقفل تلك «الحنفية»، فإن الشخص يقلب 180 درجة، ويبدأ بخلق أكاذيب، ليس لها من الصحة شيء، وإنما في داخله فقط، والتي تنم على أمراض نفسية.
لم يصل المسؤول في الدولة الأردنية بعد إلى مرحلة يستطيع أن يفهم معها مقولة: حتى النجاح له نهاية».