الراي
لم تهدأ عاصفة مشروع تهجير أهل غزة إلى خارجها لكن هذا المشروع ليس قراراً بالتهجير بل هو تحول جذري في المنطقة لا تتوفر عناصر تطبيقه؛ فغزة ما زالت تحت تهديد الحرب وما يجري حتى الآن وقف مؤقت لاطلاق النار وخطوات انسانية من تبادل أسرى او إدخال مساعدات ومواد يحتاجها اهل غزة لازالة الانقاض واعادة توطين اهل غزة في مناطقهم حتى وان كانت بيوتهم مدمرة.
الاردن مستهدف بمشروع التهجير وهو يعلم معنى التهجير من غزة او الضفة، وكان لديه موقف معلن وواضح قبل أن يأتي ترامب للبيت الأبيض لكن مع اعلان المشروع الجديد للتهجير وضع الاردن مسارا للتحرك والتعامل مع المشروع وفق النقاط التالية:-
١- الرفض غير القابل للنقاش لفكرة التهجير وهو رفض مشدد اذا كان تجاه الاردن، وهذا الموقف ليس تعاملا تكتيكيا بل استراتيجي لان التهجير إلى الاردن اعلان حرب على هويتنا الوطنية وبنية الدولة السياسية فضلا عن انه مشروع لتصفية القضية الفلسطينية، فالموقف جذري ولا مجال للمناورة في اصل الموقف ولا تفاصيله.
٢- تشكيل حالة عربية قوية للتعامل مع المشروع والدخول مع الإدارة الأميركية في معركة سياسية تقوم على رفض التهجير والتفكير بخطة للتعامل مع غزة تقوم على تثبيت اهلها على أرضهم عبر اعمار بمراحل اهمها البيوت والبنى التحتية وايضا طرح مشروع سياسي يقوم على عملية سلام تعطي الفلسطيني حقوقه.
وهذه الحالة العربية هي خط الدفاع الأهم في التعامل مع الإدارة الأميركية، وتحقق هذا في التنسيق القوي بين الدول العربية وأهمها الاردن والسعودية ومصر والسلطة والإمارات...
٣- إيجاد جبهة رفض للمشروع في داخل المؤسسات الأميركية وايضا في أوروبا والدول المؤثرة.
وفي زيارة الملك إلى واشنطن كانت مسارات الموقف الأردني واضحة، فالموقف واضح وقوي رغم محاولات بعض «الأشقاء!!!» تشويه موقف الملك وهو امر متوقع نراه في كل أزمة خاصة مع وجود أذناب لهم داخلنا.
ونجح الملك في تأكيد موقف الاردن وتبيان خطورة المشروع على أمن الاردن ومصر وأمن المنطقة وحتى ما تتحدث عنه إسرائيل «أمن إسرائيل»، ولم يكن هذا المنطق مع ترامب بل مع مؤسسات القرار هناك.
وقدم الملك للإدارة الأميركية رؤيته لكن الأهم ان لدى الدول العربية خطة ستقدمها مصر الدولة التي تتولى ملف غزة عربيا منذ عقود، وكان هذا احتراما للتنسيق العربي وإعطاء وقت للدول العربية لإعطاء زخم لمشروعها الرافض للتهجير.
٤-وما نجح به الملك هو فك الارتباط بين موقف الاردن الرافض للتهجير وبين العلاقات مع أميركا وشبكة المصالح المشتركة التي تشمل أمن الإقليم ومحاربة الإرهاب وغيرها من الملفات، وتحدثت الإدارة الأميركية عن عدم الربط بين مشروع التهجير والمساعدات الأميركية للاردن ومصر.
ويدرك الاردن خطورة المشروع لكنه بالشراكة مع الدول العربية المعنية يرون ضرورة حماية موقفهم الرافض للتهجير ليس عبر الصدام السياسي مع واشنطن لكن عبر عمل سياسي وتقديم البديل الذي يخدم الفلسطينيين.
المعركة السياسية ضد مشروع التهجير لن تكون سهلة ولا قصيرة الأمد وتحتاج إلى جانب الثبات على الموقف إلى إدارة حكيمة، وفي أسوأ الظروف اذا وصلت الامور إلى مرحلة الخيار الأسوأ فإن الأشقاء الفلسطينيين هم خط الدفاع الأول والأهم بثباتهم على أرضهم وخلفهم رفض للتعامل مع المشروع واستقبال اي مهجر..