عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Oct-2019

”أنا من قتل زوجك“ جانب من التعذیب النفسي لمحققین مع فلسطینیات - بقلم: عمیره ھاس
ھآرتس
 
في احد ایام تحقیقات الشباك التي مرت في تموز 2018 ،دینا كرمي من الخلیل شعرت مرتین أنھا تفقد الوعي. ”في المرة الاولى نقلت للفحص لدى الطبیب، الذي بحسبھا قال للمحققین بأنھا أقوى منھ، لذلك تمت إعادتھا الى التحقیق“. ھذا ما كتب في الشكوى التي قدمتھا باسمھا اللجنة العامة ضد التعذیب في اسرائیل للمستشار القانوني للحكومة افیحاي مندلبلیت. في المرة الثانیة استیقظت المشتكیة بعد أن سكبوا علیھا المیاه الباردة. وقد اخذت الى العیادة وھي مبللة، ومتعبة جدا وترتجف. وحسب قولھا الطبیب اعطاھا حبة مھدئة واعادھا مرة اخرى الى التحقیق الذي استمر ساعتین.
ھذا الوصف یظھر في بند من الـ 31 بندا التي تفصل طریقة واسالیب التحقیق التي مرت بھا كرمي، كما تمت الاشارة في الشكوى التي ارسلت نسخة منھا ایضا الى ھینو ربیع من وحدة فحص الشكاوى مع المحقق معھم في وزارة العدل. الشكوى ارسلت ایضا الى النیابة العسكریة والوحدة القطریة للتحقیق مع السجانین بسبب طبیعة الاعتقال من قبل الجنود وتعامل السجانین معھا. حسب الشكوى، ایضا في التحقیق الذي أجري معھا من قبل المحقق دوف شعرت عدة مرات بأنھا تفقد الوعي، لكن دوف كان یصرخ علیھا بصوت مرتفع حتى تستیقط. وھي لم ترسل للفحص في ُ العیادة، كتب.
كرمي (40 سنة) اعتقلت في 2 تموز (یونیو) 2018 .وقبل ذلك تم اعتقال امرأتین تم ربطھما بھا.
في 5 حزیران (یولیو) اعتقلت سوزان العویوي (41 سنة)، عضو مجلس في بلدیة الخلیل. وفي 18 من ذات الشھر اعتقلت صفاء أبو سنینة (38 سنة). أما لما خاطر والتي قالت ”ھآرتس“ الجمعة الماضي أنھا المرأة الرابعة التي اعتقلت.
لقد نسبت للنساء الاربع العضویة في لجنة نسویة تابعة لحماس، أسستھا كرمي في 2010 ،ونقلھن فورا الى تحقیق الشباك في سجن شكما في عسقلان. بعد ذلك، اثناء الاعتقال قدمت النساء الاربعة شھادات عن تعذیبھن للمحامیة علا شتیوي في اللجنة ضد التعذیب، من اجل أن یتم صیاغتھا في الشكاوى (بسبب سوء فھم، شھادة خاطر لم یتم صیاغتھا في شكوى ولم ترسل بعد الى السلطات).
من الشھادات یتبین أن ھؤلاء النساء نقلن الى التحقیق بعد اعتقال مھین ومؤلم. فورا عند الاعتقال تم تكبیل العویوي بالقیود البلاستیكیة لمدة 24 ساعة ونقلت من مكان اعتقال الى آخر وھي جالسة على ارضیة الجیب العسكري ومعصوبة العیون. ایضا كرمي وأبو اسنینة تم تقییدھما عند الاعتقال، وتم منع كرمي من ابقاء الحجاب على وجھھا. مرتین في الصباح نفذت المجندات عملیة تفتیش جسدي للنساء الثلاث وھن عاریات. كلاب رافقت المجندة التي قامت بعملیة التفتیش الجسدي لكرمي الذي جرى في بیتھا. فقط خاطر، كما یتبین من شھادتھا للصحیفة لم یتم تقییدھا فور اعتقالھا ولم یطلب منھا خلع ملابسھا اثناء التفتیش. وقد قالت إن الساعات التي قضتھا في غرفة الانتظار في سیارة النقل كانت قاسیة بشكل خاص.
في نھایة المطاف تم اعتقال سبعة نساء في اطار ھذه التھمة. ربیع، ممثل لجنة فحص شكاوى المحقق معھم التقى في السجن مع المشتكیات الثلاث. في نھایة شھر آب (أغسطس) 2018 نشر الشباك بیانا دراماتیكیا ادعى فیھ أنھ تم كشف بنیة تحتیة واسعة لحماس تضم نساء. وتلقي توجیھات من قیادة حماس وتمویل لنشاطات ارھابیة.
صراخ وإھانة
النساء السبع اللواتي تم اطلاق سراحھن بعد قضاء 10 – 12 شھر في السجن في اطار صفقات ادعاء، اقل من فترة السجن التي طلبتھا النیابة في البدایة (20 – 24 شھرا). وقد قال محامون من المحكمة العسكریة بأن فترة اعتقال كھذه ھي قصیرة وتدلل على مخالفات غیر خطیرة حتى حسب معاییر الجھاز العسكري الاسرائیلي: نشاطات اجتماعیة ودینیة في اطار حماس، تنظیم مظاھرات ومشاركة فیھا، فتح صفحة في الفیس بوك، توزیع كتب صلاة وزیارة عائلات السجناء.
القضاة العسكریون الذین صادقوا على الصفقات بین النیابة والدفاع كتبوا بأنھ تم الاخذ في الحسبان ”وجود صعوبة في البینات تتعلق بموضوع التمویل الذي تم استلامھ ومصدره“. اثناء اعتقال العویوي لم یكن شك بوجود نشاطات عسكریة بذاتھا، التي تعرض حیاة احد للخطر على المستوى الآني، ایضا النساء اللواتي اعتقلن في اعقاب التحقیق معھا تم التحقیق معھن عن نشاطات اجتماعیة ومدنیة في اطار حماس.
شھادات النساء مثلما صیغت في الشكاوى تفصل قساوة الظروف في كل یوم. ”التحقیق ازداد قسوة مع مرور كل یوم“، كتب في الشكوى التي قدمتھا كرمي. ”في البدایة تم التحقیق مع المشتكیة من قبل المحقق آندي، لكن محققین آخرین دخلوا الى الغرفة وخرجوا منھا بذریعة أنھم یریدون التعرف على زوجة الشھید نشأت الكرمي (حسب الشباك، زوج الكرمي نفذ عملیة اطلاق نار في بیت حغاي في 2010 وقتل اربعة اشخاص واصاب شخصین آخرین في عملیة اخرى. وبعد حصار اطلقت النار علیھ من قبل قوات الجیش الاسرائیلي). ساعات التحقیق زادت مع مرور الوقت، وھكذا ایضا شدة التحقیق. المحققون ھددوا بتھدیدات مختلفة منھا أنھا ستبقى ھناك الى الأبد، ولن تعود الى البیت وستحصل على عقوبة قاسیة. بعد ثلاثة ایام من التحقیق، المحقق آندي استبدل بالمحقق ھارون الذي اصبح المسؤول عن التحقیق. المحقق ھارون استخدم الصراخ والاھانة ضد المشتكیة وزوجھا“.
من شكاوى النساء الثلاث، من شھادة خاطر یتبین نمط تحقیق مشابھ. لقد منعن من النوم بطرق مختلفة، تحقیق مطول (17 ساعة في حالة كرمي، و20 ساعة في حالة خاطر)، أو اصوات ضجة مختلفة قرب الزنزانة التي احتجزت فیھا بین فترات التحقیق، منھا الضرب على الجدار، محادثات بصوت مرتفع بین السجانین والدخول الى الغرفة كل نصف ساعة – ”من اجل السؤال اذا كان الوضع على ما یرام“، حسب شھادة كرمي التي قالت إنھا ”لم تنجح في اكمال ساعة نوم دون أن تستیقظ“. جمیعھن تم احتجازھن وھن یجلسن لساعات طویلة وایدیھن مكبلة للخلف. التحقیقات تضمنت ضراخ وتھدیدات لھن ولابناء عائلاتھن، واحیانا ایضا اقوال واشارات ذات طابع جنسي واضح.
جمیعھن تم احتجازھن بشكل انفرادي في زنزانة قذرة ونتنة خلال بضعة اسابیع. بعضھن تم نقلھن لعدة ایام الى زنزانة الظروف فیھا اكثر فظاعة. في الشكوى التي قدمت باسم العویوي وصفت ھكذا: ”الزنزانة كانت معزولة، مضاءة وباردة جدا. وكان فیھا فرشة رقیقة جدا وقذرة. من البطانیة التي كانت ملیئة بالغبار انطلقت روائح كریھة. میاه الشرب كانت صدئة وساخنة والحمام كانت حفرة في الغرفة انطلقت منھا ایضا رائحة نتنة. التكییف البارد في الغرفة كان موجھ مباشرة الى رأس المشتكیة وھو الامر الذي جعلھا تحول رأسھا باتجاه ثقب المرحاض“.
العویوي اضطرت لزیارة الطبیب عندما كانت في الزنزانة. الطبیب تحدث معھا من خلال الفتحة الموجودة في باب الغرفة، كتب في الشكوى، بعد ذلك تلقت مصادقة من المحقق (آندي) لنقلھا الى العیادة، وھناك شخص بأنھا ”تعاني صعوبة في التكیف وخوف مع آلام في جمیع الجسم وتنمیل بالایدي والوجھ. وبعد التشاور مع العاملة الاجتماعیة وطبیب كبیر، تلقت المشتكیة نقط فالریان، ومع ذلك تمت التوصیة باعادتھا الى نفس الغرفة مع رقابة كل 20 – 30 دقیقة.
ایضا أبو اسنینة احتاجت الى رؤیة الطبیب عدة مرات اثناء التحقیق. حسب قولھا، ذات مرة سأل المحقق ”لماذا تحضرونھا كل یوم؟“ ایضا ھي تلقت مسكنات آلام واعیدت الى التحقیق. لقد شھدت بأن اقدامھا قیدت بین حین وآخر اثناء التحقیق.
العویوي حقق معھا خلال 27 یوما في جولتین. بعد 21 یوما نقلت الى سجن ھشارون بسبب وضعھا الصحي، واعیدت بعد سبعة ایام الى التحقیق. أبو اسنینة حقق معھا 45 یوما، منھا 35 یوما قضتھا في العزل. في بدایة التحقیق معھا نقلت الى سجن مجدو لمدة اسبوع، وبعد ذلك اعیدت الى سجن شكما. كرمي قدرت بأنھا قضت شھر في التحقیق تقریبا. وخاطر حقق معھا 35 یوما.
في شھاداتھن ذكرت النساء دائما تقریبا نفس اسماء المحققین: آندي وبنیامین (بنجي) وجوني وھارون، دوف ورینو ومرزیل ویاسمین وغاي ویحیى وھرتسل. حسب تقدیرھن كان ھناك 13 محققا بالاجمال. المحقق آندي، كتب في شكوى العویوي، ”كان عنیفا بشكل خاص اثناء التحقیق. لقد كان یصرخ ویشتم، واحیانا كان یقرب وجھھ من وجھ المشتكیة وھو یصرخ ویخرج البصاق من فمھ، حیث كانت رائحة كریھة تنبعث منھ“. من بین المحققین، دوف، تتذكر أبو سنینة، انھ كان عنیفا بشكل خاص. ”لقد كان یستخدم الصراخ والشتائم ذات الطابع الجنسي والتھدیدات. المحقق ھارون كان یستخدم التھدید بأنھا ستتعفن في الزنزانة“.
في شكوى كرمي كتب أن المحقق مرزیل الذي جاء بعد ھارون ھو طویل القامة وعیونھ زرقاء ویوجد جرح أو نتوء ما في وجھھ“. في البدایة ھو ”تحدث مع المشتكیة بلطف وھدوء. وحتى أنھ احترمھا بالضیافة التي احضرھا معھ الى غرفة التحقیق“.
حسب الشكوى، عندما تجدد التحقیق في الیوم التالي، تغیرت معاملة المحقق: ”مرزیل جاء واتھم المشتكیة بخیانتھ“. قال إنھ اعتقد أنھ یوجد بینھما علاقة حمیمة. احد المحققین قال للمشتكیة بأنھ الرجل الذي قتل زوجھا، وبكلماتھ ”لقد حولت زوجك الى مصفاة“. المحقق مرزیل مثلا، قال للمشتكیة ”لقد قتلنا زوجك مثل الصرصور“.
الطعام الذي حصلن علیھ كان شیئا لا یؤكل، حسب الشھادات والشكاوى. العویوي وكرمي وأبو سنینة تم التحقیق معھن في شھر رمضان، وحصلن على وجبة واحدة یمكنھن أكل اللبن فقط منھا.
”تھدید، منع النوم، تكبیل مؤلم واحتجاز في ظروف مؤلمة. للاسف طرق تعذیب معروفة في البلاد والعالم“، قالت للصحیفة المحامیة افرات بیرغمان سفیر، مدیرة القسم القانوني في اللجنة ضد التعذیب. وقالت إن ”القانون الدولي یعتبر التعذیبات عمل یؤدي الى الألم والمعاناة النفسیة أو الجسدیة الشدیدة“. ھذه الاسالیب، لا سیما الدمج فیما بینھا، بالتأكید تتناسب مع ھذا التعریف، ویسبب للضحیة ألما جسدیا ونفسیا طویل المدى.
1200 شكوى
منذ بدایة العام 2018 حدثت زیادة في عدد الشھادات للمعتقلات الفلسطینیات عن تحقیقات قاسیة، تقول رحیل سترومزا، مدیرة اللجنة. في عدد من الحالات أبلغ عن ذلك ابناء عائلات المحقق معھن وھن ما زلن في المعتقل. حتى لو كانت الشھادات غیر ناضجة لتصل الى حد شكاوى رسمیة لاسباب مختلفة، قالت سترومزا، فانھا تشیر الى استخدام وسائل استخدمت في السابق فقط في حالات كانت فیھا التھمة شدیدة جدا. ولكن ھذه الاسالیب – منع النوم وتكبیل في اوضاع مؤلمة خلال ساعات كثیرة – منتشرة اصلا في التحقیق مع الشباب الفلسطینیین، حتى عندما یدور الحدیث عن اتھامات لا تعتبر ”قنابل موقوتة“.
ھذا ایضا استنتاج المحامي لبیب حبیب الذي مثل كرمي في نھایة محاكمتھا. لقد قال إن معظم الشباب المحقق معھم لا یریدون تقدیم شكوى لأنھم لا یؤمنون بأنھا ستفحص بجدیة وأن الجھاز القضائي الاسرائیلي مستعد لمواجھتھا. منذ 2001 قدمت اللجنة لوحدة فحص الشكاوى 1200 شكوى حول التعذیب، منھا فتح تحقیق جنائي واحد فقط، ولم تقدم لوائح اتھام.
معالجة الشكوى عن التعذیب والتنكیل تستمر 39 شھرا في المتوسط. اللجنة تنتظر الآن قرار الوحدة بشأن 37 ملفا – في 15 منھا تنتظر منذ اكثر من خمس سنوات.
علا اشتیوي تأخذ بصورة منتظمة شھادات من المعتقلین والمعتقلات. اذا وجد أن ھناك علامات على التعذیب تتم صیاغة الشھادات على شكل شكاوى حسب طلب المعتقلات. اشتیوي قالت إن الشباب على الاغلب لا یتحدثون عن العزل اثناء التحقیق كمشكلة. في حین أن النساء أكدن بأنھ جزء من المعاناة. ھناك اطباء یعتقدون أن العزل 15 یوما وأكثر ھو نوع من التعذیب. وعندما یكون وضع المعتقل صعب بشكل خاص، حتى یوم واحد في العزل یعتبر تعذیب.
في قرارھم في اطار التماس للمحكمة العلیا حول التعذیب من العام 1999 ،منع القضاة استخدام منع النوم كوسیلة للتحقیق. ولكن مثلما تشیر مدیرة التوثیق في اللجنة، افرات شیر، تقرر أنھ یمكن منع النوم أو اجراء تحقیق طویل اذا كانت حاجة لذلك. من اقوالھا یمكن الفھم بأنھم في الشباك یستخدمون ھذه المنطقة الرمادیة من اجل منع النوم