عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jan-2021

مئوية الدولة الأردنية*د. صالح ارشيدات

 الراي

يحتفل الأردنيون ومؤسساتهم الوطنية هذه الايام بكل فخر واعتزاز وتقدير بالمئوية الأولى من عمر الدولة الأردنية، وفيها حقق الوطن بقيادة الهاشميين الفذة، وإرث الثورة العربية الكبرى، وعزم الأردنيين من مختلف الأصول والمنابت، حقق الحرية والاستقلال، وتم بناء الدولة الوطنية والمؤسسات الدستورية وفي مقدمتها الدستور الأردني المرن ذو النزعة الليبرالية وسيادة القانون والتعددية الثقافية والعدالة والمساواة بين الأردنيين، والعديد من الإنجازات على مؤشرات التنمية البشرية في المجالات التنموية والصحية والتعليمية والأمنية على مستوى الإنسان الأردني محلياً وعالمياً..
 
تقدم الأردن بثبات في بناء الدولة، بالرغم من كل التحديات التي واجهته في ظل الإمكانات الاقتصادية المتواضعة، وتداعيات الحروب العالمية والإقليمية والقضية الفلسطينية على الأردن والإقليم، من هجرات بشرية ولجوء ومآس من دول الجوار، حيث أصبح الأردن محطة مضيئة ورقماً صعباً في الإقليم (شوكة ردت إلى الشرق الصبا) وعنصراً فعالاً في امن واستقرار الإقليم والحرب على الإرهاب، ومحطة نموذجية عالمية للتعايش بين الأديان.
 
أثبت الأردن قدرته على التكيف مع التقلبات الإقليمية السريعة والحادة والتعايش مع أنظمة سياسية متعارضة ومتصارعة وهي قصة نجاح فريدة فقد امتص الصدمات السياسية والعسكرية والاقتصادية المتكررة وخصوصاً ما يحدث في الشرق الأوسط من الحروب (الحروب العربية الإسرائيلية وحروب الخليج)..
 
• يحسب للهاشميين أنهم قادوا الثورة العربية الكبرى عام 1916 من أجل نهضة الأمة ضد الظلم والتسلط العثماني بعد اتباع سياسة التتريك، التي ادت بالتراكم إلى تخلف الشعوب العربية واضطهادهم وافقارهم.
 
• يحسب للشريف الهاشمي حسين بن علي أنه أطلق باسم العرب وجمعياتهم السياسية في سوريا ومصر ولبنان مشروعاً عربياً نهضوياً يدعو الى التحرر والاستقلال وانشاء دولة عربية واحدة هدفها الحفاظ على الحضارة العربية، وهو بداية التكوين للنظام العربي الذي نعيشه الان.
 
• يحسب للهاشميين وجود اجماع شعبي لهم وشرعية دينية وسياسية حكيمة غير دموية،،يملكون رؤية وطنية ومشروعا نهضويا عربيا وانسانيا ممتداً من روح الثورة العربية الكبرى، واحترام دولي موروث، واكب الهاشميون بناء الدولة والاستقلال والانجازات وحققوا حقيقة ثابتة أن الاردن هو البلد الانموذج في الإقليم.
 
• يحسب للملك عبدالله الأول أنه أسس الإمارة عام 1923 وحقق الاستقلال للمملكة الاردنية الهاشمية عام 1946 وساهم في بناء هيكل الدولة الأساسي ومؤسساتها الوطنية وبناء الجيش العربي.
 
• ويحسب للملك حسين بن طلال أنه عزز بناء الدولة الحديثة ومؤسساتها على دستور الملك طلال لعام 1952 وأنه عمم وعزز مستوى التعليم والصحة والخدمات في خدمة الإنسان الأردني والعالم العربي وقاد الوطن إلى بر الأمان في كل الأوقات في إقليم ملتهب وغير مستقر.
 
• ويحسب للملك عبدالله الثاني استمراره في تحديث الدولة الأردنية لمواكبة العصر ووضعها على خريطة العالم المتميز وجهوده الفائقة في حمل رسالة العرب الأولى بالتحرر من الاحتلال الإسرائيلي والاستقلال للشعب الفلسطيني.
 
• ويحسب للأردنيين جميعاً، أنهم شعب أردني عربي من مختلف المنابت والأصول يحمل هوية عربية إنسانية واحدة، شعب واع ومتوازن وسطي وموضوعي يحمل فكر الثورة العربية الكبرى، وقف خلف النظام السياسي منذ البداية وضحى في كل الأوقات وأصعبها من عمر المملكة، واحتضن الملايين من العرب المبعدين عن بلدانهم.
 
• ولعل أهم إنجازات الثورة العربية الكبرى هو بزوغ دولة الأردن قبل مئة عام واستقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946 كدولة نموذج للثورة العربية تحمل مبادئ المشروع النهضوي العربي بالحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية والمواطنة الدستورية وسيادة القانون واحترام التعددية الثقافية والسياسية والدينية والحداثة والتعايش والوسطية وتمكين المرأة وحقوق الإنسان.
 
والأردن اليوم دولة مدنية تحظى باحترام العالم كله، فتحت أبوابها لكل العرب المحتاجين للأمن والاستقرار رغم قلة الإمكانات المادية تقوم على محاربة الإرهاب الدولي وتأهيل الخطاب الديني الوسطي من خلال رسالة عمان وأسبوع الوئام العالمي للأديان، وتسعى إلى ترسيخ النهج الديموقراطي وتعزيز التعددية لإقامة الدولة المدنية الكاملة ومؤسساتها الدستورية تحت سيادة القانون.
 
• التحديات الاقليمية والعربية والمحلية:
 
تأثرت مسيرة الأردن التنموية والسياسية خلال القرن الأول بعدة عوامل في مقدمتها قيام المشروع الصهيوني على أرض فلسطين والتداعيات المتراكمة المستمرة على ذلك ومنها:
 
• تراجع النظام العربي في تحقيق المشروع النهضوي للثورة العربية بالاستقلال والتنمية والتجديد الثقافي والديني وخلق مجتمعات متماسكة، كما أخفق النظام العربي في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي ستبقى مركز التوتر والحروب في المنطقة.
 
• فشل الدولة القطرية في تحقيق الأمن والتنمية والاندماج الوطني للسكان في مفهوم المواطنة الشرعية المتكافئة وخلق الهوية الوطنية الواحدة المشاركة في تقرير المصير مما أدى إلى التطرف والإرهاب والتهجير السكاني في القطر الواحد.
 
• استمرار الصراعات الإقليمية على أرض العرب:
 
تتميز بعض الصراعات الحالية بان المتحاربين الدوليين يخوضون حروباً بالوكالة من خلال العرب أنفسهم كما في ليبيا اليمن والعراق وسوريا، مما ساهم في تفكك العرب وبروز ظاهرة الهجرات القسرية الجماعية للسكان العرب مما يشكل تحديا للهوية والكرامة العربية ومفهوم الامن المجتمعي العربي.
 
• ظهور الإرهاب والتطرف الديني على الأرض العربية وأدى ذلك الى محاولة تشويه العقيدة الإسلامية السمحة واوجدت شرخا في مفهوم المذاهب الإسلامية وتاريخ السنة وشرعية احترام آل البيت الاطهار.
 
• ضعف توظيف العرب امكانات التكنولوجيا والعولمة الهائلة في التقدم والانفتاح والعلم ونقل رسالة الأمة العربية إلى العالم وثقافاته حيث أصبح جزءاً كبيراً من مخرجات العولمة تشكل عبئاً ثقافياً على ثقافتنا الإسلامية العربية وعلى المجتمعات البشرية.
 
• اليوم في عهد الملك عبدالله الثاني تستمر مسيرة البناء والخير لولوج المئوية الثانية بكل إرادة وتصميم ويستمر طموح الملك عبدالله الثاني بالتدفق الإيجابي البناء في كل الملفات لخدمة المواطن، كما عبر عنه في ممارساته في قيادة الدولة ورؤيته الملكية في المبادرات الملكية المتعددة، وخصوصاً في أوراقه النقاشية الملكية، مكملاً لطموح شعبه الأردني الوفي من مختلف المنابت والأصول في المئوية الثانية بشكل أكبر وأعمق لتحقيق المزيد من إنجازات رؤية الملك الإنسانية والتنموية والسياسية والعربية للأردن وشعبه وأمة العرب وللقضية الفلسطينية وشعب فلسطين الشقيق، مدافعاً عن الحقوق الوطنية في التحرر من الاحتلال الإسرائيلي وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة على تراب فلسطين.
 
• يبقى التحدي الكبير أمام الدول العربية بما فيها الأردن هو في إعادة بناء النظام العربي من جديد بعد ان تغيرت معادلة التوازن الدولي والنظام الدولي الجديد دون مشاركة عربية ودخلت إيران وتركيا وإسرائيل الى الإقليم بحماية اميركية لدورها القادم، ويظل الاردن بدوره الاستراتيجي المرن قادراً على المبادرة الى الدعوة الى لم الشمل العربي, والبحث عن نواة عربية مع السعودية والكويت والامارات ومصر العربية والجزائر والمغرب العربي الى حين تتعافى باقي الدول العربية من احوالها التي اهلكها الاقتتال الداخلي. فالأردن قوي وقادر على الحركة والفعل بعمقه العربي والاسلامي.
 
• في دخول المئوية الثانية سيبقى الأردنيون على العهد، شعباً واحداً يحمل هوية عربية إنسانية واحدة يؤمنون بالوطن ويخلصون لقائد المسيرة وحكمته في الدعوة إلى الاعتماد على الذات والتوافق على وجهة الإصلاح الشامل وحدوده ضمن إطار آمن واستقرار الوطن والمواطن، يعملون لتعزيز الثوابت الوطنية والعربية والإنسانية والثقافية التراكمية، مؤمنين بدور قواتنا الأمنية والمسلحة والمؤسسات الوطنية في بناء وتنمية الوطن وحفظ الأمن الوطني والاستقرار المجتمعي.
 
حمى الله الأردن وشعبه وقيادته..