الغد-نادية سعدالدين
في تحرّك مقدسيّ مضادّ للتهويد؛ يعمّ الإضراب الشامل، اليوم، مدارس القدس المحتلة، مصحوباً بمسيرات وتظاهرات شعبيّة احتجاجية ضدّ مساعي حكومة الاحتلال فرض المناهج الإسرائيلية المُزيّفة على الطلبة المقدسييّن، بما يُعمّق من أجواء التوتر والاحتقان السائدّة في الضفة الغربية، على وقّع تصعيد الاحتلال ضد الفلسطينيين.
تدخل معركة المناهج مجدداً في سياق المحاولات الإسرائيلية الدؤوبة لتهويد القدس والسيطرة عليها؛ في ظل تصاعد هجمة سلطات الاحتلال على مدارس المدينة، مؤخراً، عبر قرار سحب ترخيص العمل من 6 مدارس مقدسيّة بحجة التحريض في الكتب المدرسية على الكيان المُحتّل، وتهديد مدارس أخرى بإجراء مماثل، ما لم تقم بتعديلها.
كما منعت سلطات الاحتلال مدارس القدس من تنظيم وإقامة أي مظاهر وطنية فلسطينية؛ مثل رفع العلم الفلسطيني، أو تعليم الطلبة أغنيات تراثية ووطنية.
غير أن المدينة العصيّة على التهويد، تواصل نضالها ضد طمس معالمها وتغيير هويتها، ورفض تحريف المنهاج الفلسطيني التعليمي، ومناهضة إدخال المنهاج الإسرائيلي في مدارس القدس المحتلة.
ويتقاطر الفلسطينيون، ومنهم طلبة المدارس، اليوم، في وقفات ومسيرات احتجاجية في أحياء وشوارع القدس المحتلة، لتأكيد التمسك بالمناهج الفلسطينية، ورفض محاولات الاحتلال لفرض المناهج الإسرائيلية المًزيفة على الطلبة المقدسييّن.
ودعت القوى والفصائل الفلسطينية إلى إضراب شامل لكافة مدارس القدس، في تأكيد الموقف الثابت للمسؤولية الوطنية والأخلاقية والدينية لحماية الطلبة والعملية التعليمية الفلسطينية من مساعي التهويد الإسرائيلية.
وأكدت رفضها لكافة محاولات فرض المنهاج ألإسرائيلي المُزيف أو المستحدث على الطلبة الفلسطينيين في جميع مدارس القدس المحتلة، على اختلاف مرجعياتها الأكاديمية، مقابل التمسك بالمنهاج الفلسطيني لتعليم الطلبة.
وطالبت الحكومة الفلسطينية بتوفير البدائل الحقيقية، وتأمين الاحتياجات الفعلية والموارد اللازمة لحماية المؤسسات التعليمية والمنهاج الفلسطيني، داعية المؤسسات الدولية إلى الوقوف عند مسؤولياتها ومنع تغول الاحتلال واذرعه التنفيذية على مدارس القدس، وحماية المؤسسات التعليمية في المدينة والطلبة.
ورفضت القوى والفصائل الفلسطينية كافة أشكال الابتزاز المالي الذي تمارسه ما يسمى وزارة المعارف الإسرائيلية على إدارات المدارس في القدس المحتلة وسياسة التهديد العلني والمبطن تجاهها، مؤكدة الحق الفلسطيني الثابت كشعب تحت الاحتلال باختيار المنهاج الذي يتم تدريسه للطلبة في مدارس القدس.
وأكدت أن الإرث الوطني والتاريخي لن تمحوه محاولات التزييف والتزوير الإسرائيلية، ولن تنال منه أساليب ومسلكيات السطو على العقول وكي الذاكرة الوطنية لأجيال متعاقبة عانت، ولا تزال، ويلات سياسات القمع والتهجير القسري والتمييز العنصري التي يمارسها الاحتلال في القدس المحتلة.
وقالت إن “المنهاج الإسرائيلي يزور التاريخ ويغير من فكر ونشأة الأطفال حول قضيتهم وهويتهم، وجميع القضايا الجوهرية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، مثلما يهدف لطمس الهوية المقدسية والفلسطينية”.
فيما أكد رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث، الشيخ ناجح بكيرات، أنّ أهالي القدس سيظلون متمسكين بالمناهج التعليمية وسيبقون حاملين للهوية الفلسطينية، رغم مخططات الاحتلال الساعية إلى “أسرلة” العملية التعليمية.
وكان أولياء أمور طلبة مدارس القدس نظموا وقفة احتجاجية، أمس، في مدينة القدس المحتلة، ووزعوا المنهاج الفلسطيني على الطلبة، لتأكيد التصدي للمساعي الإسرائيلية.
وأكدوا رفضهم لانتهاكات سلطات الاحتلال تجاه الطلبة، ومحاولاتها تهويد المنظومة التعليمية، ورفعوا شعارات عدة، طالبوا فيها بوقف استهداف الاحتلال للمنهاج الفلسطيني، ومحاولة تعميم منهاج محرف، إلى جانب ضرورة ضمان الأمن والأمان لجميع الطلبة.
وبدأت ما تسمى بوزارة المعارف الإسرائيلية مؤخراً بالتضييق على المدارس الخاصة والأهلية في مدينة القدس، سعياً لإخضاعها لقراراتها.
من جانبها؛ نددت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية، بتصعيد الاحتلال لعدوانه ضد الشعب الفلسطيني بحجج وذرائع واهية، وتنفيذ المزيد من مخططاته الاستعمارية التوسعية الهادفة لفرض المزيد من التضييقات والقيود على الوجود الفلسطيني في القدس وفي عموم المناطق المصنفة (ج)، ومواصلة الاعتداءات على الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم ومقدساتهم.
وقالت “الخارجية الفلسطينية” إن سلطات الاحتلال تشن حرباً شاملة لسرقة المزيد من الأرض الفلسطينية ونهبها وتكريس تهويدها وفرض السيادة والسيطرة الإسرائيلية عليها، لصالح الاستيطان.
وأدانت انتهاكات وجرائم الاحتلال ومستوطنيه ضد أبناء الشعب الفلسطيني، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن نتائج الجرائم والاعتداءات والاقتحامات والاعتقالات الاستفزازية، وعن تداعيات إغلاقها الأفق السياسي لحل الصراع ورفضها المستمر للانخراط في عملية سلام تفاوضية مع الجانب الفلسطيني.
ولفتت إلى الأهمية التاريخية لخطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 من الشهر الحالي، والذي سيدعو فيه المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والتقاط فرصة السلام التي يوفرها الرئيس عباس في خطابه، وإجبار الاحتلال على الانخراط في عملية سلام حقيقية تفضي لانهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين.
واعتبرت “الخارجية الفلسطينية” أن خطاب الرئيس عباس سيشكل محطة تاريخية هامة على طريق إفشال واسقاط مخططات الاحتلال الاستعمارية التوسعية وتنكره لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية العادلة والمشروعة.
اجراءات احترازية بالقدس
منعًا لتصاعد الأوضاع في مدينة القدس المحتلة، ولتوفير الأجواء للمستوطنين لاقتحام واستباحه المسجد الأقصى المبارك خلال الأعياد اليهودية المقبلة دون أية قيود، تعتزم شرطة الاحتلال الإسرائيلي اتخاذ خطوات وإجراءات استباقية ضد الفلسطينيين في المدينة.
وعادةً ما تسبق فترة الأعياد اليهودية حملة اعتقالات واسعة بحق الشبان والفتية المقدسيين، بالإضافة إلى إصدار قرارات بالإبعاد عن الأقصى والقدس، تطال عشرات المصلين والمرابطين والنشطاء، والأسرى المحررين.
ومع اقتراب موسم الأعياد، تزداد ممارسات الاحتلال بحق الأقصى ورواده أكثر ضراوة، وتستغل منظمات “الهيكل” المزعوم تلك الفترة في التحريض على زيادة أعداد المقتحمين، وفرض واقع جديد فيه، من خلال “فرض الصلوات التلمودية والنفخ بالبوق، واقتحام المسجد بثياب كهنوتية بيضاء، ومحاكاة لطقوس القربان النباتية”.
وأعلنت شرطة الاحتلال عن اتخاذ خطوات وتدابير لمنع انفجار الأوضاع واندلاع مواجهات في مدينة القدس، عشية الأعياد التي تبدأ في 26 ايلول(سبتمبر) الحالي وحتى 17 تشرين اول(أكتوبر) المقبل.
وقالت الشرطة إن من بين الإجراءات التي تتخذها في المدينة المقدسة، القيام باعتقالات احترازية، وإصدار أوامر إبعاد عن المسجد الأقصى ومدينة القدس.
ومؤخرًا، استمع وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بار ليف خلال جلسة عقدها بحضور مسؤولين كبار من الأجهزة الأمنية والشرطة، إلى تحذير من مغبة أن ينتشر التصعيد في الضفة الغربية إلى داخل القدس والأراضي المحتلة عام 1948.-(وكالات)