عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Feb-2020

تــرحيـــل قـــــرى المثلـــــث ! - ناحوم برنياع
 
عمل جارد كوشنير، صهر ومستشار دونالد ترامب، ثلاث سنوات على خطته. والنتيجة، اذا كان ممكنا الحديث بصدق، مخيبة للآمال بعض الشيء. فالكراس، 181 صفحة بلونين، يذكر بنشرة دعائية لبرج شقق جديد في منهاتن. كلمة «Great» المحببة جدا إلى ترامب، تتكرر المرة تلو الأخرى. ما ينقص في الجوهر تغطيه العناوين المتفائلة والرسومات النقية. فهل يشتري أحد ما شقة في برج كوشنير؟ ليس أحداً يعيش هنا، بين النهر والبحر.
كان مشوقاً أن نتابع الاختلاف في ردود فعل الأميركيين، الإسرائيليين، والفلسطينيين على الخطة. نقطة انطلاقة الإسرائيليين كانت ان هذه تلاعبات: اذا كان نتنياهو يؤيد، فهذا دليل على ان هذه مناورة. فنتنياهو لم يوافق حقا على إقامة دولة فلسطينية؛ وهو لم يتخلَ حقا عن 70 في المئة من المناطق ج؛ وهو لا يقصد استئناف المفاوضات. قبل خطاب بار ايلان، الذي تبنى حل الدولتين، اتصل نتنياهو بنواب من «الليكود» ممن عارضوا إقامة دولة فلسطينية. وشرح لهم بأن هذا اضطرار: كان أوباما دخل قبل شهر الى البيت الأبيض، ونحن ملزمون بإعطائه شيئا ما، وبعد ذلك نتدبر الأمور.
الاحتفال في الغرفة الشرقية في البيت الأبيض، أثارت انطباع الإسرائيليين أكثر من الخطة. فنحن جوعى للحب، والحب كان في القاعة بكميات تجارية. الإسرائيليون يحبون حب ترامب: فهم مقتنعون بان نتنياهو جلب لهم هذا، أعد لهم هذا. بيبي هو أمازون.
أما بيان غانتس بانه سيطرح خطة ترامب كلها على الكنيست للتصويت عليها، فهو حيلة أخرى، تجسد فقط مصاعب «أزرق أبيض»، في الاتحاد حول شيء ما ليس نتنياهو. والخطر الذي يقف أمامه غانتس يذكر بالمنافسة بين كوكا كولا وبيبسي: المشروبان بتركيبة متماثلة، ولكن كوكا كولا أكثر أصالة.
عشية نشر الخطة ادعى النائب أحمد الطيبي من «القائمة المشتركة» بأن فيها ذكراً لترحيل بلدات عربية في إسرائيل. وقد كان محقاً. الصفحة 13 في الخطة تستحق القراءة، وهي تكشف اكثر مما قصده الكُتّاب.
«تبادل الأراضي يتضمن أراضي مأهولة وأراضي غير مأهولة»، تقول الخطة، وتنتقل الى البحث في البلدات العربية في المثلث، «تجمعات سكانية مثل كفر قرع، عرعرة، باقة الغربية، ام الفحم، قلنسوة، الطيبة، كفر قاسم، الطيرة، كفر برا، جلجوليا، هذه التجمعات السكانية التي تعرف نفسها بأنها فلسطينية، كان يفترض بها ان تنتقل الى سيطرة اردنية في اتفاقات الهدنة في العام 1949. ولكن في نهاية المطاف بقيت في ايدي إسرائيل. تطرح الخطة إمكانية أن يعاد ترسيم حدود إسرائيل بتوافق الطرفين بحيث تكون قرى المثلث جزءاً من الدولة الفلسطينية».
هذه فقرة غريبة، غير قانونية: سكان وادي عاره والمثلث، على أطراف بيتح تكفا، 200 ألف نسمة، هم مواطنو إسرائيل. لم يسألهم أحد إذا كانوا يريدون الانتقال الى دولة أخرى. وحسب الخطة، فان أحداً لن يسأل. أما المستوطنون اليهود، فانهم سيسألونهم؛ وسيتجاوزون العرب.
يمكن الافتراض بأن هذه الفقرة غرسها رجال نتنياهو. معظم الخطة مبنية على صياغات عرضها نتنياهو في مناسبات مختلفة، ابتداء من الكتاب الذي كتبه «مكان تحت الشمس». والسؤال هو لماذا غرست الفقرة؟ سبب واحد، هو تقييد ليبرمان: فنقل المثلث الى فلسطين هو فكرة يروج هو لها منذ سنين.
الطيبي مقتنع بان نتنياهو غرس الفقرة كي يجتذب الى «الليكود» ناخبي ليبرمان. ربما، من المعقول أكثر أن يحصل العكس: فالتهديد المبطن بالترحيل سيجلب الى صناديق الاقتراع ناخبين من الوسط العربي، من مصوتي «القائمة المشتركة». هذا حصل في الانتخابات السابقة، ليس للعرب في المثلث أية نية للتخلي عن مواطنتهم الإسرائيلية. وهم سيصوتون بجموعهم.
القدس الثالثة
توجد ثلاثة أنواع من القدس: القدس الغربية، القدس الأردنية، والقدس الحالية. من ليس ضالعاً بالخرائط، قد يتشوش. بعد النصر في «الأيام الستة» قررت حكومة أشكول ضم شرقي القدس. ولم تكتفِ بالمنطقة البلدية للقدس الأردنية: ثلاثة جنرالات – رحبعام زئيفي، شلومو لاهط، وحاييم هرتسوغ، كلفوا بأن يرسموا للمدينة خطوطا جديدة.
وهكذا انتفخت القدس شرقا، نحو الصحراء، وشمالا، نحو رام الله. أحياء، قرى، ومخيمات لاجئين لم تكن لها صلة بالقدس، ضمت اليها. كان هذا قراراً غبياً من ناحية ديمغرافية، اقتصادية، وسياسية. واحتدمت المشكلة بعد الانتفاضة الثانية. أقامت الحكومة على طول مسار المطار في قلنديا سور الفصل، وتركت القرى ومخيمات اللاجئين في الشمال خلف السور. البلدية لا تدخل الى هذه القرى؛ ووضع الخدمات فيها صادم. على الرغم من ذلك، ليس لأحد الشجاعة لنقلها رسمياً الى السلطة.
قالت خطة كلينتون: الأحياء العربية للفلسطينيين؛ والأحياء اليهودية لإسرائيل. خطة كوشنير تقول: كل ما هو داخل السور لإسرائيل؛ القليل الذي خارج السور لفلسطين. والفلسطينيون يفترض بهم أن يقرروا عاصمتهم في كفر عقب أو في ضاحية البريد، في أبو ديس، أو في العيزرية، وأن يسموها القدس. أفكار مشابهة طرحت في الماضي، ولم تنجح.
كما هو متوقع، وكما هو مخطط، رد الفعل الفلسطيني على الخطة كان رفضا تاماً.
لن يخرج السلام من الخطة. كل واحد يفهم هذا، ربما باستثناء جاريد كوشنير. السؤال هو ما الذي سيخرج حقا؟ نتنياهو وعد رؤساء مجالس المستوطنين بضم فوري لغور الأردن والكتل الاستيطانية. انتهت مرحلة الاحتفالات؛ بدأت مرحلة الفحص. وفي الأفق تطل الاحتجاجات. ما يحصل في كانون الثاني يبقى في كانون الثاني: من المشكوك فيه أن يؤثر على ما سيحصل في 2 آذار.
«يديعوت احرونوت»