الذكور الأكثر تحرشا في الأماكن العامة بنسبة %9.52 التحرش القضیة المسکوت عنها.. دراسة تکشف بالأرقام هول المعاناة بین الإناث
رانیا الصرایرة
عمان-الغد- منذ اطلاقھا الھاشتاغ الذي یشجع فتیات ونساء الأردن على مشاركة قصصھن في حال التعرض لأي نوع من التحرش في العمل أو المدرسة أو الجامعة أو في الأماكن العامة، فوجئت الطالبة راما حمد بمشاركة أكثر من خمسة آلاف شخص اغلبھم اناث بقصص تضمنت مواقف تعرضوا فیھا للتحرش، ولیفتح الھاشتاغ بابا لنقاش واسع حول أھمیة محاربة ھذه المشكلة بطریقة تجعل كافة الأماكن آمنة للجمیع وبالأخص النساء والفتیات.
تقول راما لـ ”الغد“ ان اطلاق الھاشتاغ جاء بعد إعداد فیلم قصیر تضمن روایة قصص لفتیات تعرضن للتحرش، حیث اجرت استطلاعا للرأي وارسلتھ عبر الإنترنت لمجموعة من الاناث وطلبت منھن مشاركتھا قصصھن لتعطیھن حریة ذكر اسمائھن او لا، لتصلھا لاحقا مجموعة كبیرة من الرسائل اختارت بعضھا وعرضتھا في فیلمھا.
وتشیر راما الى أنھا ”ذھلت من حجم الأسى الوارد في الرسائل“، وأنھا أرادت من ھذه الدراسة التي جاءت ضمن مشروع دراسي للتوعیة بمشكلة التحرش بالنساء في الأردن إیصال أصوات الفتیات لكل المجتمع لیدرك المتحرش حجم الألم الذي یتركھ لدى الضحیة حتى وان اعتقد ان فعلھ بسیط، لكنھ یبقى أثره السلبي یرافق الفتاة طیلة عمرھا“.
ھذا المشروع المدرسي جدد النقاش حول دراسة حملت عنوان ”التحرش في الأردن“ أعدتھا اللجنة الوطنیة لشؤون المرأة العام الماضي واطلقتھا في حملة حملة ”16 یوما العالمیة لمناھضة العنف ضد المرأة“.
وخلصت نتائج الدراسة الى أن 9.75 % من أفراد عینة الدراسة تعرضوا لواحد أو أكثر من أفعال وسلوكیات التحرش، وأن أكثر الأشخاص الذین ارتكبوا التحرش في المنزل ھم ”الأقارب الآخرون“ بنسبة 8.11 ،% ثم ”الغرباء الذكور“ في الأماكن العامة بنسبة 9.52 ،% وفي أماكن العمل والدراسة من ”الزملاء الذكور“ بنسبة 1.29 ،% وأخیرا في الفضاء الإلكتروني ”الغرباء الذكور“ .% 43.9 بنسبة الأمینة العامة للجنة الوطنیة لشؤون المرأة سلمى النمس قالت في تعلیق على نتائج الدراسة انھا ”نُفذت بمنھجیة علمیة واحصائیة سلیمة على عینة قوامھا 1366 شخصا (86 % إناث، و14% ذكور)، خصص 322 منھا لعینة قصدیة من مرتكبي التحرش“.
وبینت النمس انھ وبالرغم من أن التحرش الإیمائي نال الحصة الأكبر من حیث الانتشار ضمن العینة (1.89“ ،(% إلا أنھ لا یمكن التقلیل من أن نسبة انتشار التحرش الجسدي بین أفراد العینة بلغت 7.68 ،% والتحرش الإلكتروني 8.80 ،% معتبرة ان التحرش أصبح ظاھرة مثیرة للقلق وبحاجة لاھتمام خاص.
وقالت، بالرغم من أن الدراسة أظھرت أنھ لا علاقة مباشرة ما بین ملابس الضحیة وتعرضھا للتحرش، إلا أن ”المتحرشین أشاروا الى أن ملابس الضحیة ھي السبب في ارتكابھم ھذه الجریمة، ما یشیر إلى أن مفھوم الاحتشام ھو مفھوم نسبي ولا یمكن اعتماده كآلیة لمكافحة التحرش، وأن ُ رفض ھذه الظاھرة كسلوك اجتماعي م َّجرم وغیر خاضع للتبریر ھو الأساس في مجابھة ھذه الظاھرة“.
كما أكدت نتائج الدراسة أن الإجراءات الرسمیة ”لا تشجع النساء والفتیات على التبلیغ وأن ثقافة الصمت لا زالت سائدة، حیث جاء الخوف على السمعة كأحد أھم الأسباب للتصرف بشكل سلبي إزاء المعتدي“، داعیة الى إحداث تغییر مؤسسي ومجتمعي تجاه الظاھرة وآلیة التعامل معھا.
وأوصت الدراسة بضرورة اتخاذ إجراءات وتدابیر سریعة وفعالة وحاسمة للتعامل مع التحدیات التي فرضتھا ھذه الظاھرة، من اجل ضمان أن تتمتع جمیع الإناث على وجھ التحدید بحیاة خالیة من كافة أشكال العنف الممارس ضدھن.
كما دعت الجھات الرسمیة المعنیة الى ”توفیر إرادة سیاسیة قائمة على الالتزام الواضح والفعال بالعمل على القضاء على ظاھرة التحرش الجنسي، من خلال إنفاذ القانون تطبیق إجراءات وسیاسات فعالة للاستجابة والإبلاغ وتقدیم الشكاوى الرسمیة“.
ولغایات قیاس الأثر ومعرفة التقدم المحرز في مواجھة التحرش الجنسي، فإن من الضرورة بمكان ضمان أن تكون كافة الخطوات المتخذه للحمایة والوقایة والاستجابة مبنیة على أسس علمیة من خلال الرصد والتوثیق والتعاون والتشبیك، وأن تخضع كامل الإجراءات لعملیات التطویر والتحسین باستمرار بحسب الدراسة.
بدورھا، اصدرت جمعیة معھد تضامن النساء ورقة موقف أكدت فیھا ان قانون العقوبات الأردني وتعدیلاتھ لم یذكر مصطلح ”التحرش الجنسي“ بشكل صریح، إلا أن ”ھناك عدداً من الجرائم منصوص علیھا في القانون وتدخل في إطار التحرش الجنسي، وھي جریمة المداعبة المنافیة للحیاء، وجریمة الفعل المنافي للحیاء، وجریمة الفعل المنافي للحیاء في الأماكن العامة، الا أنھ تم بموجب التعدیلات الأخیرة على قانون العقوبات العام 2017 تشدید العقوبة على ھذه الجرائم وتوسیع نطاق تطبیقھا“.
وكان القانون شدد العقوبة على جریمة المداعبة بصورة منافیة للحیاء وبحد أدنى الحبس سنة، حیث نصت المادة 305 على أنھ ”یعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من داعب بصورة منافیة للحیاء شخصاً لم یكمل الثامنة عشرة من عمره ذكراً كان أو أنثى، أو شخصاً ذكراً كان أو أنثى أكمل الثامنة عشرة من عمره دون رضا“.
كما شددت العقوبة على جریمة الفعل المنافي للحیاء وتوسع في تعریفھا، وأصبحت المادة 306 تنص على أنھ ”یعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشھر كل من عرض فعلاً منافیاً للحیاء أو وجھ أي عبارات أو قام بحركات غیر أخلاقیة على وجھ مناف للحیاء بالقول أو الفعل أو الحركة أو الإشارة تصریحاً أو تلمیحاً بأي وسیلة كانت متى وقع الإعتداء على شخص لم یكمل الثامنة عشرة من عمره، أو شخص ذكرا كان أو أنثى أكمل الثامنة عشرة من عمره دون رضا“.
ولفتت ورقة ”تضامن“ الى عدة أسباب تعمل معاً وتحد من مواجھة التحرش الجنسي في أماكن العمل أھمھا، القصور التشریعي وثقافة العیب والوصمة الاجتماعیة التي تلاحق النساء، ولھذا فإن عدد الشكاوى المقدمة لمدیریة التفتیش في وزارة العمل حول التحرش الجنسي محدودة جداً، كما القانون الحالي وفي حال ثبوت التحرش الجنسي یعاقب صاحب العمل أو من یمثلھ، ویخرج من نطاق العقاب زملاء وزمیلات العمل، أو العملاء، ویحرم النساء المتحرش بھن من العمل في حال تقدیم الشكاوى، حیث اعطاھن الحق بترك العمل، ولم یعمل على وقایتھن وحمایتھن مع الحفاظ على عملھن، كما لا توجد أیة أرقام أو إحصاءات تتعلق بالتحرش الجنسي في أماكن العمل سواء من الجھات الحكومیة أو غیر الحكومیة أو مؤسسات المجتمع المدني.
وتقترح ”تضامن“ من أجل مكافحة التحرش الجنسي في أماكن العمل تعدیل قانون العمل الأردني لتجریم التحرش الجنسي في أماكن العمل وتعریفھ وتحدید أشكالھ، بحیث یعاقب كل من یرتكبھ سواء أكان صاحب العمل أو زمیلا أو عمیلا من الجنسین، وأن یضمن الوقایة والحمایة للنساء العاملات، وتدریب المفتشین في وزارة العمل على كیفیة رصد حالات التحرش الجنسي ومتابعتھا وتوثیقھا، وإنشاء قاعدة بیانات مفصلة تساھم في التخطیط والتنفیذ لبرامج مكافحتھ مستقبلاً، وزیادة البرامج التوعویة والتثقیفیة حول التحرش الجنسي بالنساء العاملات وتسھیل وصول النساء العاملات الى مراكز تقدیم الخدمات المساندة كالاستماع والإرشاد والمساعدة القانونیة، وتبني استراتیجیة واضحة ومحددة الأھداف والوسائل لمكافحة التحرش الجنسي في أماكن العمل، ودعم برامج إشراك الرجال والشباب في مكافحة التحرش، وتعزیز دور وسائل الإعلام في إبراز قضیة التحرش الجنسي والمخاطر التي تترتب علیھ من النواحي النفسیة والصحیة بالنسبة للمتحرش بھن، والإخلاقیة والتربویة بالنسبة للمتحرشین، والأسریة بالنسبة للمجتمع ككل.