عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Jan-2020

فرصة تاريخية لا تجوز إضاعتها - يفعت ايرلخ
 
«ها هو يأتي صوت عمّي من وراء الجبال يقفز على التلال»، هكذا يشدو شلومو الملك في نشيد الإنشاد، عن التمني والتوق بين الحبيب وحبيبته. غير أن وثيقة حب شلومو، بكل جمالها، هي في نهاية الأمر وثيقة تفويت للفرصة. فالحبيبة تبحث في الليالي عن حبيب قلبها، ولكن عندما يدق الحبيب بابها تتردد. أما بعد أن تفتحه فيكون هو قد غاب.
منذ سنة تدق إدارة ترامب بابنا مع صفقة القرن. صوت العم سام يأتي من الغور والصحراء، يصعد الى الجبل. «صوت عمّي يدق، افتحي لي يا أختي، اما نحن فنتعلل بالمعاذير: «خلعت منامتي، انتظر لارتديها». ليس الآن. الآن انتخابات، ومرة أخرى انتخابات ومرة أخرى انتخابات. والعم ينتظر بصبر. والآن مرة اخرى يدق، ربما يقترح، ربما يطلب من إسرائيل أن تبسط القانون الإسرائيلي على كل الغور وعلى كل المستوطنات في «يهودا» و»السامرة». هذه اللحظة التاريخية من المحظور علينا أن نفوتها بأي حال.
في العقد الماضي، كان الفلسطينيون هم الذين قرروا الحقائق على الأرض. لعب الزمن في صالحهم. فقد كفت حكومات إسرائيل عن اقامة مستوطنات جديدة، وبنت بتقنين داخل المستوطنات، وسيطرت السلطة الفلسطينية على مناطق «ج». عدد لا يحصى من البؤر غير القانونية، مثل الخان الأحمر، نثرت على الأرض، بإدارة السلطة الفلسطينية وبتمويل أوروبي. اما إسرائيل فلم ترد. المعنى عملياً هو فقدان ذخائر استراتيجية. على هذا أن يقلق ليس اليمين فقط. بالنسبة لليسار أيضا، إذا كانت إسرائيل تفقد مسبقا ذخائرها، ما الذي يمكنه ان يعرضه على طاولة المفاوضات؟
توضح صفقة القرن للفلسطينيين أن الزمن يعمل في طالحهم. في مشروع التقسيم كان يمكنهم أن يقيموا دولة على نحو نصف الأرض التي بين النهر والبحر. ولاحقا عرض عليهم باراك واولمرت كل «يهودا» و»السامرة» وعاصمة في القدس. أما الآن، فحسب  المنشورات، يعرض عليهم أقل بكثير. مساحة اقل، تجريد من السلاح، بدون القدس، بدون حق العودة. دولة بلا سلاح وبلا سياسة هجرة مستقلة، هذه ليست دولة. هذه أقل من سلطة فلسطينية. هذه النقطة من المهم أن تفهمها محافل مختلفة في اليمين. ولكن في اليمين أيضا تنطلق أصوات تلك الحبيبة الكسولة التي يصعب عليها فتح الباب. فلا يكفيها أقل من مسيح مع حمار أبيض وبوق.
في الوسط وفي اليسار ايضا، من جهة المستوطن ليبرمان ورئيس الاركان الاسبق غانتس، تنطلق اصوات تثاؤب الحبيبة التعبة. هذه الاصوات، التي تحاصر الادارة الأميركية من اليسار، تقترح ان يبسط، الآن، القانون فقط على غور الاردن وليس على المستوطنات في «يهودا» و»السامرة».
هذا لا يعقل. فلماذا نفوت الفرصة التاريخية؟ حكومات إسرائيل، بما فيها حكومات رابين وبيريس، ساعدت في اقامة المستوطنات واعترفت بها. مر اكثر من يوبيل منذ أن بدأ المشروع الاستيطاني في «يهودا» و»السامرة». اكثر من 400 الف من السكان اليهود يعيشون هناك اليوم، يربون الجيل الثالث والرابع. بعد المحاولة الفاشلة في غزة، بات الكل يفهم بأنه لن يكون مزيد من الانسحابات. فلماذا، إذاً، نبقي مئات آلاف الأشخاص تحت حكم عسكري؟ ضم الغور والكتل والجيوب الاستيطانية في «يهودا» و»السامرة» سيستوجب اعطاء المواطنة لكل الفلسطينيين الذين يعيشون في تلك «المناطق». في الغور يدور الحديث عن 5 آلاف شخص. في مناطق «ج» يعيش بضع عشرات آلاف أخرى من الفلسطينيين. ولما كان الاقتراح الأميركي يتحدث عن الضم فقط لقسم من المناطق «ج» التي تضم بالذات المستوطنات اليهودية، فيمكن الافتراض أنه هنا ايضا يدور الحديث عن بضعة آلاف من الفلسطينيين ممن سيتلقون المواطنة. يمكن لإسرائيل أن تحتمل ذلك.
لا عذر يمكنه أن يبرر تأجيل هذه الفرصة التاريخية. لا الانتخابات ولا التحقيقات. كل تأجيل هو سيئ. كل من هو صهيوني، من اليمين ومن اليسار، عليه أن يفهم بأن هذه اللحظة محظور تفويتها. نتنياهو يفهم هذا. وحسب القانون فهو لا يحتاج حتى الى اغلبية في الكنيست كي ينفذ اقتراح صفقة القرن، رغم أن له اغلبية كهذه. يمكن لنتنياهو أن يعقد حكومة إسرائيل صباح غد، ويعلن عن بسط القانون على الغور وعلى المستوطنات في «يهودا» و»السامرة». يمكن لنتنياهو أن يفتح الباب للعم أخيرا.
«يديعوت احرونوت»