عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jun-2021

الإصلاح المنشود*د. أمجد بدر القاضي

 الراي

لعل أكثر ما يردده الناس في الأردن خلال السنوات الأخيرة مصطلح الديمقراطية والحكم الرشيد وما ارتبط بهما من دعوات جادة ارتفعت وتيرتها وسبل التعبير عنها يوماً بعد يوم لتشمل معظم فئات الشعب بأطيافه وألوانه المختلفة والمتباينة في كثير من المجالات. لتصل للمطالبة بالإصلاح وأحياناً التغيير الشامل لكل ما هو سائد خلال العقود الأخيرة.
 
وربما نحتاج بشكل أكثر الحاحاً وجدية في هذه الفترة للمضي بحكمة وبمعرفة مستنيرة لتحقيق هذه المطالب التي أصبحت من ضرورات الحكم الديمقراطي وفي مقدمتها إن أردنا بناء دولة قوية متماسكة إصلاح منظومة التعليم والإعلام وإعادة النظر بقانوني الأحزاب والانتخاب والاستجابة لمطالب الشعب الأردني المستمرة بهذا الصدد، لا سيما إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الانتخاب هو الأساس الأقوى والركيزة الأمتن للحكم الديمقراطي لمن يؤمن به.
 
واعتماداً على هذا فنحن مطالبون اليوم بإيجاد قوانين عصرية للانتخاب والأحزاب تأخذ بنظر الاعتبار المعطيات الحاكمة للعملية الديمقراطية كافة وتتناسب مع هذه المرحلة والعوامل المسيرة لا سيما الوعي العالي للغالبية الساحقة من الأردنيين وعدم إمكانية استغفالهم والتلاعب بعقولهم في ظل هذه الثورة الهائلة من انتشار وسائل الاتصال وزيادة قوتها بشكل مذهل كقوة ضاغطة صانعة ومسيرة للرأي العام.
 
ومع ذلك فنحن بحاجة لقانون انتخاب يكون فيه توزيع عادل للدوائر الانتخابية من حيث المساواة في الأصوات ونصيب الأفراد بعدد الممثلين، ونحن بحاجة لمواصفات معرفية وتخصصية لأعضاء مجلس النواب، نحن بحاجة لإلغاء الكوتات بما يتوافق مع الدستور، وتوسيع حجم الدوائر الانتخابية حتى لا تصبح الانتخابات جهوية وطائفية، نحن بحاجة لسلوك بعيد عن المحسوبيات يحارب المال الأسود، والدعم الأكثر سواداً لإخراج ممثلين تمقتهم جماهيرهم ولا تعترف بهم، نحن بحاجة لانتخابات تعتمد القائمة الانتخابية التي ترتكز على تصارع الأفكار والطروحات والبرام? بدلاً من الشللية والفئوية، نحن بحاجة لقوانين تضمن الحرية والعدالة دون تمييز قائم على الخوف والأوهام التي لا تخدم إلا بعض الجماعات النفعية.
 
وأيضاً نحن بحاجة لأحزاب جماهيرية برامجية أفكارها مدروسة وقابلة للتطبيق مختلفة عن التكيات السياسية الهزيلة التي لا مبدأ ولا فكر لها، أحزاب قائمة على التعددية وتمثل قنوات للتعبير عن أمنيات ومطالب الجماهير ونظرتها للمستقبل بشكل دقيق وواقعي، ونجد هنا أنه من المعيب أن تكون الأحزاب مبنية أو تشكل بناء على نظرة ضعيفة جاءت من زاوية واحدة لا تخدم إلا أغراض داعميها من أصحاب المصالح والأجندات الخاصة، وتعيق بناء أي تنظيم حزبي يمثل الكل على الأقل في مواقفه وطروحاته، ويصبح أداة لمحاربة الناجح منها ومعول هدم له.
 
ولن يتأتى هذا دون وجود قانون انتخاب يعطي نصيباً جيداً لتمثل الأحزاب في المجالس النيابية، ولا ضير في هذا المجال من إضافة مقاعد تعويضية لتعديل نقاط الضعف في قانون الانتخاب الحالي بما يضمن تقوية تمثيل الأحزاب والسماح لها بالنمو الطبيعي خلال المراحل الزمنية القادمة.
 
وعودة لقانون الانتخاب الحالي فالرهان على الجدية لدى الجهات التنفيذية والتشريعية لاستبداله بقانون عصري وتوافقي يرضي الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الأردني، والتي ما فتئت تؤكد على تعدد الأصوات وتتبناها كمدخل للإصلاح السياسي لا سيما انه يعطي فرصة لانتخاب أصحاب الكفاءات ويقلل من إمكانية انحراف الديمقراطية عن مسارها وسيؤدي الى تمثيل التيارات المعارضة مشكلا ً فرصة لوجود كتل تؤشر على أماكن الخلل وتراقب أداء مجلس النواب والحكومات من داخل المجلس نفسه.
 
في المحصلة فإن الأردنيين يطمعون إلى أن تسود دولة القانون والمؤسسات ضمن الممارسات الفضلى نصاً وروحاً وعلى من يقود الحوار أن يبدأ بداية قوية ومقنعة وأن يستمع للآراء المغيبة وآراء الأجيال الجديدة بصبر وموسوعية معرفة، والأهم النوايا الصادقة بعيداً عن الأفكار والطروحات المقولبة والمجهزة مسبقاً، وأن يكون الحوار للبناء.