الغد-هآرتس
بقلم: ينيف كوفوفيتش 10/2/2021
إيران ما تزال لا تخصب اليورانيوم بمستوى يمكنها من إنتاج قنبلة نووية والنظام لم يتخذ بعد قرار لفعل ذلك. هذا ما يتبين من التقدير السنوي لشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في الجيش الإسرائيلي. وحسب تقدير “أمان” الذي عرض مؤخرا على المستوى السياسي فانه منذ اللحظة التي ستبدأ فيها إيران بتخصيب اليورانيوم بمستوى
%90، فانها تستطيع إنتاج قنبلة خلال سنتين تقريبا. ايضا في الجيش الإسرائيلي يعتقدون بأن إيران تجد صعوبة في تطوير أجزاء تعتبر ضرورية لإنتاج قنبلة نووية، منها رأس متفجر وصاروخ مناسب للإطلاق.
في “أمان” يقدرون بأن السبب الأهم في تأخير المشروع النووي الإيراني هو اغتيال عالم الذرة محسن فخري زادة، الذي نسب في وسائل إعلام أجنبية لإسرائيل. فخري زادة جمع حوله الجهات ذات العلاقة لعملية إنتاج قنبلة نووية. وحسب التقدير، في إيران ما زالوا يجدون صعوبة في ايجاد البديل له.
إضافة إلى ذلك، في “أمان” يعتقدون أن إيران تواصل خرق التفاهمات التي وقعت عليها في الاتفاق النووي مع الدول العظمى في العام 2015. وفي احاطة مغلقة اجراها رئيس أمان هذا الأسبوع قال الجنرال تمير هايمن إن “إيران توجد في حضيض غير مسبوق في اعقاب العمليات التي قمنا بتنفيذها في السنوات الأخيرة، ليس فقط بسبب الكورونا، لكنها لم تتنازل عن مشروعها النووي وحتى أنها زادت جهودها في هذا الشأن. وحسب قوله، إيران تعتبر الاتفاق النووي المخرج الوحيد من العقوبات التي فرضت عليها ومن الازمة الاقتصادية في الدولة. لذلك، هي تسعى إلى العودة اليه.
بخصوص الساحة السورية، يقدرون في أمان بأن إيران لم تتنازل بعد عن تطلعها للتمركز العسكري في سورية، لكنها تقوم بإعادة فحص طبيعة هذه العملية وحجمها. هذا ضمن أمور أخرى، في اعقاب الضرر الذي تكبدته من إسرائيل ومن جانب منظمات أمنية في العالم تعمل ضد تمركزها في سورية واليمن ولبنان والعراق. الضرر الأكبر من هذه الناحية هو اغتيال الولايات المتحدة لقائد قوة “القدس” التابعة لحرس الثورة، قاسم سليماني، في بداية العام 2020. وحسب تقدير الجيش الإسرائيلي فان الاغتيال كان عملية غيرت واقع الشرق الأوسط وأضرت بصورة كبيرة بطموحات إيران لايجاد محور شيعي واسع في المنطقة. سليماني الذي كان يعتبر الأكثر قربا من الزعيم الروحي علي خامنئي كان هو الذي نفذ توسع إيران خارج حدودها. وفي “أمان” يقدرون بأنهم في إيران يجدون صعوبة في العثور على من يحل محله، الأمر الذي يمس، ضمن أمور أخرى، بجهود النظام للتمركز في سورية.
حسب التقدير، إيران قلصت تواجد رجالها في سورية بحيث أنه بقي في الدولة بضع مئات من المستشارين والإداريين. هذا ضمن أمور اخرى، لأن عددا من رجالها في هناك وأبناء عائلاتهم تضرروا من الهجمات التي نسبت لإسرائيل، وهؤلاء بدأوا بالخوف على حياتهم. ايضا الإيرانيون يجدون صعوبة في أن يدخلوا إلى سورية وسائل قتالية متطورة، ومن أسباب ذلك الهجمات الجوية التي نسب عدد منها لإسرائيل في تقارير أجنبية. هكذا على سبيل المثال، إيران تعمل على تحويل غرب العراق إلى نقطة تسلح، منها يمكنها أن تنقل وسائل قتالية إلى سورية ولبنان. ولكن في هذه الحالة ايضا فان الهجمات التي نسبت لإسرائيل على إرساليات السلاح ومخازن للسلاح في العراق تمنع هذه الخطوة.
على الرغم من الثمن الذي تدفعه عن جهودها فانهم في “أمان” يقدرون بأن إيران لا تنوي التنازل عن محاولات تمركزها في سورية والعراق. “المحور يواصل محاولات التمركز من أجل ضرب إسرائيل عبر هضبة الجولان”، قال هايمن وأضاف “جهودنا الكثيرة تنجح في التسبب بالاضرار وتقليص هذه القدرة”.
في الساحة الداخلية، الوضع الاقتصادي في إيران هو الأصعب منذ حربها مع العراق التي انتهت في العام 1988. إضافة إلى العقوبات بدأ انخفاض في تصدير النفط (الذي يشكل 60 % من مداخيل الدولة)، كما أن أزمة الكورونا أدت إلى موت أكثر من 50 ألف شخص، وايضا واجهت إيران عدة كوارث طبيعية قاسية، منها فيضانات وهزات أرضية. ورغم حدوث بعض الانتعاش الاقتصادي مؤخرا وصادرات النفط زادت الى حوالي مليون برميل يوميا (مقارنة بـ 2.4 مليون برميل في 2018) بالأساس بفضل الصين وروسيا وسورية، فانها ما زالت بعيدة عن حجم التصدير المطلوب لها من ناحية اقتصادية.
نصر الله ما زال يريد الثأر
تقدير “أمان” يظهر ايضا أن حزب الله يخشى من إمكانية نشوب حرب مع إسرائيل. وأن هذا الوضع يتوقع أن يستمر في السنة المقبلة. الى جانب ذلك، التقدير هو أن احتمالية حدوث مواجهات محدودة على الحدود الشمالية، ارتفعت. لأن رئيس حزب الله، حسن نصر الله، يصمم على الرد على الضربات التي تلقاها، منها موت أحد اعضاء المنظمة في شهر تموز (يوليو) الماضي في قصف نسب لإسرائيل. أحد إنجازات حزب الله في السنوات الأخيرة هو خلق معادلة بحسبها حزب الله سيرد على كل قتيل له بإصابة جندي. محاولات حزب الله للرد على قتل أحد مقاتليه لم تنجح. لذلك، نصر الله ما زال يهتم بتنفيذ عملية ثأر.
حزب الله ايضا يواصل تسلحه، ورغم الازمة الاقتصادية غير المسبوقة في لبنان إلا أنه حافظ على وتيرة تعززه، وحتى أنه حسنها. وحسب تقرير “أمان” فان نصر الله يستمر في الدفع قدما بمشروع زيادة دقة الصواريخ كاستعداد لمواجهة محتملة مع إسرائيل. مع ذلك، حسب التقدير فان عدد الصواريخ الدقيقة الموجودة بحوزة حزب الله غير كبير. وحسب تقدير الاستخبارات فان زيادة قوة حزب الله العسكرية لا تغير في هذه المرحلة ميزان الردع أمام إسرائيل.
“نحن نعمل بصورة ثابتة ومستمرة على تهديد الصواريخ الدقيقة. ورغم أن الأمر يتعلق بتهديد لا يجب الاستخفاف به إلا أننا نوفر ردا نوعيا بعدة طرق، علنية وسرية”، قال هايمن. “بفضل قدرات استخبارية عالية نجحنا في مهاجمة مئات الأهداف في اطار “المعركة بين حربين”، والحفاظ على تفوق إسرائيل الاقليمي”.
دخول الجيش الإسرائيلي إلى الفضاء المدني
في الساحة الفلسطينية يقدرون في “أمان” بأن حماس يتوقع أن تواصل استثمار معظم جهودها في الساحة المدنية في قطاع غزة، التي تواجه ضائقة اقتصادية ووضعا إنسانيا صعبا. وحسب التقدير فان الأموال التي تحولها قطر إلى القطاع تمنع التدهور الإنساني فيه. وحسب التقدير فان حماس يتوقع أن تواصل محاولة الدفع قدما بالتطبيع مع إسرائيل، حتى في موازاة عملية المصالحة بينها وبين السلطة الفلسطينية. كما أنه يتضح من التقدير ايضا بأن حماس نجحت في ضبط الجهاد الإسلامي، الذي امتنع في هذه المرحلة عن القيام بمواجهات داخلية في القطاع.
التحديات الرئيسية التي وضعها الجيش الإسرائيلي لسنة 2021 للدفاع عن حدود الدولة هي مواجهة مع محاولات من جانب حماس للمس بالعائق التحت أرضي في غزة، ومع إطلاق النار من القطاع من قبل تنظيمات في القطاع ومع نشاطات ضد إسرائيل في غزة وفي هضبة الجولان. ويعتقدون في “أمان” بأن العام 2021 سيكون سنة انتظار في الشرق الأوسط لتغييرات في الاستراتيجية التي ستطبقها الإدارة الأميركية الجديدة. في إيران يتطلعون الى رفع العقوبات، وفي حزب الله ينتظرون رفع العقوبات من قبل البنوك في العالم واعطاء قروض للبنان، والفلسطينيون يأملون دعم الرئيس جو بايدن واستئناف المحادثات مع البيت الأبيض فيما يتعلق باحتياجاتهم.
تقدير “أمان” تطرق ايضا الى النشاط البارز للجهات الاستخبارية في المجال المدني على خلفية أزمة الكورونا. في شعبة الاستخبارات يعتقدون أنه حان الوقت لإعادة فحص درجة تدخل الجهات العسكرية في الساحة المدنية. شخصيات رفيعة في “أمان” تطالب بفصل واضح ودائم بين نشاطات الشعبة العسكرية وبين المجال المدني بسبب حساسية استخدام قدراتها المتطورة في قضايا ليست عسكرية. في “أمان” وجدوا أن هذا الفصل تم خرقه في عدة حالات في السنة الاخيرة، وتوصيات رجال الاستخبارات انحرفت عن حدود المسموح.