عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Sep-2022

صدور كتاب غسان عبدالخالق “بلاغة الشارع.. بحوث تطبيقية”

 الغد-عزيزة علي

 صدر عن دار “الآن ناشرون وموزعون”، كتاب بعنوان “بلاغة الشارع-بحوث تطبيقية في النقد الثقافي”، لأستاذ الأدب والنقد في جامعة فيلادلفيا الأكاديمي والناقد الدكتور غسان عبدالخالق، وهو مجموعة من البحوث في مجال النقد الأدبي.
في مقدمته للكتاب، يقول المؤلف “إن النقد الثقافي الذي يتصدر المشهد النقدي والفكري غربًا وشرقًا الآن يكاد يعد أرخبيلاً واسعًا من الاجتهادات ووجهات النظر، إلا أن الجامع المشترك بين منظّريه ينطوي على الخطوط الرئيسة لنظرية في الأدب؛ سواء بوصفه بديلاً جذريًا للممارسة النقدية التقليدية أو بوصفه نتاجًا لرؤية أو فلسفة ما، وهو بوجه عام يحقق شروط النظرية لأنه يعمد إلى إعادة تأويل أصول الأدب وأجناسه ومعاييره ومذاهبه من جهة، ولأنه عابر للعصور التاريخية والحدود القومية من جهة ثانية”.
ويرى عبدالخالق، أن النقد الثقافي قابل للتفعيل في كل زمان ومكان، ولا يقتصر على عصر دون عصر آخر، أو بقعة دون بقعة أو حضارة دون حضارة، أو جنس أدبي دون جنس أدبي آخر. وبطبيعة الحال، فهو انعكاس دائم لرؤية ما في الفلسفة أو السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو التاريخ أو الفن أو علم النفس أو الفيزياء، مشيرا إلى أن هذا الكتاب يعد تطبيقا في النقد الثقافي، حتى يتمكن للقارئ العادي والباحث المستجد، أن يسترشد بما يضمه من بحوث ثقافية عملية؛ وهي البحوث التي يمكن لها أن تجسر هذه الفجوة الواسعة بين النظرية والتطبيق.
الكتاب الذي جاء في مقدمة وتمهيد وخمسة فصول وخاتمة، أبرز فيه المؤلف أربع مسائل جوهرية وهي: ضرورة الخروج من متاهة التوسع في التنظير على حساب التطبيق، وضرورة تجاوز “عقدة الأجنبي”، من خلال الاعتزاز برموز النقد الثقافي في المدونة العربية مثل الجاحظ والتوحيدي وابن حزم وابن خلدون، وضرورة التوقف عن التهرب من أهداف ومرامي النقد الثقافي عبر الاتجاه إلى الحقول الحقيقية لهذا النقد، فضلاً عن ضرورة العمل على استلهام جوهر النقد الثقافي ثم التعبير عن هذا الجوهر بطرائقنا الخاصة. ولم يتردد المؤلف الذي أهدى كتابه إلى الجاحظ بوصفه الناقد الثقافي الأول.
الفصل الأول يقدم مقاربة بلاغة الشارع إبان ما سمي “الربيع العربي”؛ حيث رصد وحلل (33) لفظًا من ألفاظ هذا الربيع من منظور نسقي وبلاغي جديد، أما الفصل الثاني فقد تناول إمكانية دراسة الأدب العربي القديم والحديث في ضوء نظرية الفوضى/ رفّة الفراشة، ومن خلال المزاوجة الحثيثة بين النظرية الفيزيائية وما يقابلها من مرادفات في السياسة والاقتصاد وعلم النفس من جهة والنصوص التطبيقية القديمة والحديثة (ألف ليلة وليلة، السيرة الهلالية، فرس العائلة، فرانكشتاين في بغداد) من جهة ثانية.
وأما الفصل الثالث فقد حمل تحليلاً مكثفًا من منظور التاريخانية الجديدة المحسوبة على النقد الثقافي، لنص الرسالة الأولى أو الرحلة الأولى المنسوبة لأبي دلف الخزرجي الذي يمثل الشخصية الملهمة لبديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات، الذي فتح الباب للباحث على مصراعيه، لمعاينة وتشخيص أبرز ملامح العيّارة والشطارة في الحضارة العربية الإسلامية.
وقد أبرز المؤلف في الفصل الرابع جانبًا منسيًا من جوانب ريادة العلامة ناصر الدين الأسد، وهو اعتناؤه الشديد بتحرير المصطلحات السياسية والاقتصادية والحضارية، كما تبدى في كتاب “نحن والآخر”، وأظهر الأهمية الاستثنائية لهذه الوجهة من الدراسات الثقافية التي تتجاوز المراوحة في منطقة الدراسات الأدبية البحتة، فيما يتحدث الفصل الخامس عن رواية “القدس حرة”، من منظور نقد ما بعد الاستعمار، فأبرز فيه سمة العصف الشديد في الصور النمطية التي راكمها عقيل أبو الشعر، كما دعا لإيلاء الأدب المزامن للاستعمار ما يستحقه من بحث وتفكيك.
ويشير عبدالخالق إلى أن كثيرًا من مواصفات النقد الثقافي ذاهب باتجاه إعلاء أدب الجمهور؛ ما أكثر بلاغة من الشارع بمركباته وأبواقه وأرصفته وأشجاره وروائحه وبيوته ومحلاته وواجهاته وأصوات ناسه وملابسهم وملامحهم؟! إنه التمثيل الأعلى لثقافة الشعار والملصق والنكتة والمذياع، وهو التجسيد الحقيقي لتيار الحياة المتدفق دون انقطاع.
ويرى المؤلف أن بعض الباحثين العرب طرحوا ما أسموه بـ”النقد الثقافي أو الدراسات الثقافية”؛ فراحوا يتسابقون إلى التركيز على كل ما غمض ودق منها ويزيدونه تعقيدًا وتناهيًا، إلى درجة أن كثيرًا من القراء قد ضاقوا ذرعًا بهذا التنظير غير المنتج؛ فالقارئ أو الباحث المستجد ليس معنيًا بكل هذه التفريعات والشطحات، قدر اعتنائه بالوقوف على الخطوط العامة، مشفوعة بالنماذج التطبيقية الدالة، التي يمكن أن تأخذ بيده وتعينه على العبور إلى شواطئ المحاكاة والممارسة.
وفي ختام الكتاب، يقول عبدالخالق “إن نصف بحوث هذا الكتاب، اصطدمت بصعوبات النشر في المجلات العربية المحكمة، لما اشتملت عليه من طروحات وتطبيقات جديدة وغير مسبوقة شكلاً ومضمونًا”، إلى درجة أنه اضطرر لتعديل أحد العناوين حتى يحظى بالموافقة على النشر!، لافتا إلى حرصه الشديد على التماهي التام مع منهجية النقد الثقافي في كل ما اشتمل عليه هذا الكتاب من بحوث.
وخلص عبدالخالق إلى أن ما يطمح إليه الناقد والمفكر الثقافي، هو تضييق الفجوة بين النظرية والتطبيق من جهة، وربط الفكر بالواقع من جهة ثانية، فهو من خلال هذه البحوث التطبيقية يكون قد أسهم بفتح نوافذ البحث الأكاديمي وأبوابه على عوالم السياسة والتاريخ والجغرافيا والفيزياء والفلسفة، فضلاً عن إيقاع الحياة الهادر في الشوارع والميادين. “كما آمل بأن تكون هذه البحوث منطلقًا لمزيد من جهود أبناء الجيل الجديد الذين أتمنى ألا يغرقوا -كما غرقنا نحن ومن سبقنا- في دهاليز البحث الأدبي وأروقته المعزولة عن تيار الحياة المتدفق”، كما يقول.
ويذكر أن الناقد والأكاديمي الأردني الدكتور غسان عبد الخالق، هو أستاذ للأدب والنقد في جامعة فيلادلفيا، وهو يرأس الآن هيئة تحرير “مجلة أفكار”، الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية. وصدر له العديد من المؤلفات، منها زهاء خمسة وعشرين كتابًا في الفكر العربي والنقد الأدبي والرواية والقصة القصيرة والسيرة الذاتية.