عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Dec-2021

ما هو مصير الأردن القادم؟*فايز الفايز

 الراي 

سيخرج الأردن من مآزقه التي تكالبت عليه أكثر قوة بفضل وعي أبناء شعبه، فالعارف بتاريخ هذا البلد ممن خبروه جيدا زمن الفقر والعازة وتكالب القريب والبعيد عليه يدرك أن لنا جولات وصولات مع عناد الزمن، فحتى عام 2003 كان غالبية الأردنيين يتعايشون مع وضعهم الاقتصادي في ظل استقرار مقبول لمعدلات الفقر والبطالة، وكانت المواصلات العامة هي أكثر الوسائل استخداما وتوفيرا، والتعليم العام متوفرا بجودة وأقل تكلفة، فيما القيمة الشرائية كانت تفي بحاجات الموظفين، وخلال 18 عاما قفزنا الى خانات الملايين جراء تداولات العقارات والبورصات والقروض التي تشبه قروض الحكومات المتعثرة، حيث سقط الكثيرين ودخلنا في أزمة جديدة لا حل لها.
 
سياسيا يبدو أن الإدارة العليا للدولة رمت عن كاهلها تبعيتها للأخ الأكبر رغم العلاقة الطيبة التي تربط عمان بجميع الأقطار العربية وذلك قرار ليس بالسهل، فالقرار الأردني خلال خمسة سنين مضين كان لافتا فيما يتعلق بالمجابهة التي عاندت فيها الإدارة الأردنية بعضا من الدول التي حاولت تركيع القرار السياسي والسيادي، ورغم محاولات الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة ترمب للتأثير على الموقف الوطني ومحاولة إبعاد الملك عن القبة الذهبية المتمثلة بالقدس كمكانة لا تباع ولا تشترى بالمال ولا بكنوز الأرض، فإن الموقف الأردني كان صلبا وواضحا، وفي نهاية المنافسة سقط ترمب وأصدقاؤه بالضربة القاضية، وعادت أمريكا لدعم الموقف الأردني.
 
لقد لعب الأردن دورا يشابه الأدوار السياسية في حقبة الثمانينات والتسعينات التي كان يديرها الملك الحسين، فكان دعم الملك عبدالله وتعاونه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي انخرط في جبهة الانقاذ فضلا عن الرئيس الفرنسي ماكرون، قد أوجد مثلثا جديدا في العالم العربي بتحالف جديد بغية إعادة العراق لعروبته وتنقيته من شوائب المتمددين عبر الحدود الشرقية ووكلاء إيران، والهبة لانقاذ لبنان من الكارثة التي تواجهه، وإعادة سوريا وقيادتها الى الحضن العربي بتروٍ والبدء بتخليصها من الطوق الطائفي الذي شكلته قوات إيران، كل ذلك قد أثمر برسم صورة لنا ستكون طريقا جديدا للتغير نحو الأفضل إذا ما أحسنا لعب الدور بطريقة جيدة.
 
ما نريده هنا هو أن تنعكس كل تلك المواقف والمبادرات السياسية والتعاونية الدولية لمصلحة الأردن الذي يواجه أزمات مركبّة،وكما كانت الجولة الأوروبية التي قام بها جلالة الملك في شهر تشرين الماضي وحققت مكاسب سياسية وانتجت مردودات مالية تدعم المالية العامة، فكل يوم يضيع من بين أيدينا دون إفادة سيعيدنا الى مربع الخوف من القادم، ولهذا على المسؤولين أن يخرجوا من الصندوق الفارغ الذي لا يحتوي سوى على يوميات رتيبة دون أفكار مبدعة لمساعدة حكوماتهم وشعبهم المستسلم لأي قرار في صالحهم، وأن لا يبددون الوقت في الشكوى من الاعتراضات الطبيعية التي يخرج بها أردنيون لهم رأي مخالف حسبما رؤيتهم.
 
الأردن على مفترق طرق جديد، تماما كما كان في كل مراحله، ومن كان يظن أن الشعب يجب أن يكون في الجيبة الخلفية فهو مخطىء، فعليهم أن لا يزينوا الأخطاء أو يقللوا من أهميتها، فإن لم تخلق المنظومة الحكومية بمجاميعها مصيرا جيدا والاستفادة من وضع الأردن على الخارطة العربية والعالمية فسنواجه مصيرا لا يعلمه إلا الله، ولهذا علينا أن نرى حراكا حكوميا على مختلف الصعد، وأن نرى اتفاقيات هامة مع جميع الدول لتصب في مصالحنا، ولتستغل الحكومة الفتوحات التي بذلها الملك شرقا وغربا لاستقطاب الشراكات والاستثمارات وأن تهدم الأسوار المعيقة لحركة الاقتصاد الذي هو الركيزة لبقاء البلد آمنا مطمئنا.
 
علينا أن نشيع وهج الأمل في مستقبل علمه عند الله، ونحن نعلم أن ما ننصح به قد يؤخذ به أولا يؤخذ، ولكن لو أشعنا اليأس ورسمنا صورة سوداء للمصير المحتوم لغضبت الإدارة واتهمتنا، في المقابل سيصفق الكثير ممن يأسوا من الانتظار على مقاعد الحاجة، ولكن الله أصدق قولا إذ قال: «فإن مع العُسرّ يسرًا،إن مع العسرّ يسرا».. فأي مصير سنلاقي؟