عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Mar-2019

مـا ينبغــي للقــادة فعـلــه بعـــد المـأســـاة

 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
يمكن للساسة في نيوزيلندا وبقاع أخرى تعرضت لمآس حديثة، ممن يصغون للغير ويبدون أسفهم، أن يحققوا النجاح. حين تقع فاجعة، يتوجب على القادة في غالب الأحيان أن يمارسوا دورًا مغايرًا للقيادة الجريئة. يتعين عليهم معانقة الضحايا وتعزيتهم ومساعدتهم، بالتواضع والرفق، على تحويل المأساة إلى انتصار في نهاية المطاف. نادرًا ما تتحدث نشرات الأخبار عن هذا النوع من القيادة الرحيمة. ولكن ما حدث في الأيام الأخيرة عكس ذلك. 
قبل فترة وجيزة في نبراسكا، وعقب أن دمرت الفيضانات أكثر من نصف البلدات، جاب الحاكم بيت ريكتس أنحاء الولاية من أجل لقاء الضحايا والمتطوعين وأوائل من تعاملوا مع الواقعة. لقد صرح بالقول: «سنجتاز هذه المحنة سويًّا ونواصل المضي قدُمًا». لم يكن دافع الجولة سياسيًّا فقط، بل إنها كانت جولة تعاطف ذات تاثير ملحوظ لخدمة الصالح العام.
وفي إثيوبيا، عقب تحطم طائرة بوينغ الذي أودى بحياة 157 شخصًا في العاشر من شهر آذار، زار رئيس الوزراء آبي أحمد موقع الحادثة من أجل تقديم الدعم لأولئك الذين يبحثون عن أي آثار لأحبائهم المفقودين. وقد عبر عن حزنه العميق وسعى الى مواساة اصدقاء وعائلات الضحايا. لقد حول أساهم الشخصي الى أسى جماعي، وبالتالي أشعر العائلات بوجود صلة محبة على نطاق أوسع. ومن خلال فعل ذلك فقد ضمن أن الذكريات التي تخص اولئك المفقودين ستتشاركها أمة بكاملها.
على الرغم مما سبق، ربما يكون المثال الأفضل على القائد الذي تحوَّل فجاة الى أبرز المعزين هو جاسيندا ارديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا. في الايام التي تلت قيام ارهابي بقتل 50 شخصًا كانوا يصلون في مسجدين، اظهرت أرديرن بالافعال والاقوال كيفية اعتناق ما يتعارض كليا مع الحقد الذي اعتمل في صدر القاتل. لقد ارتدت حجابا وابدت اسفها مع عائلات واصدقاء الضحايا المسلمين، وجلبت معها ساسة من احزاب اخرى. لقد اصغت اكثر مما تكلمت. وبذرف دموع حقيقية، اظهرت تعاطفها من خلال القول إن البلاد بكاملها تشترك في الحداد. كما ارسلت وزير خارجيتها الى المواطن الاصلية لمن لقوا مصرعهم من اجل اظهار التعاطف.
كما انها اكدت للاقليات أن نيوزيلندا تمثل التنوع والرقة والتعاطف. اذ قالت: «تلك القيم لا يمكن ان تتزعزع بسبب هذا الهجوم». وضمن عبارة باتت اليوم مشهورة قالت عن الضحايا «إنهم نحن». لا يستطيع جميع القادة ان يصبحوا صوت السلطة الاخلاقية عقب وقوع كارثة، مظهرين اسى صادقا وناطقين بعبارات تعزية. مع ذلك، يجبرون في معظم الاحيان على المحاولة؛ ما يعكس مزاج العامة الراغبين في قيادة عطوفة. ان الرغبة في شفاء الجراح والكرامة التي تلي الازمة تتطلب ذلك.
في عام 2007، عقب زيارة بلدة غرينزبيرغ بكانساس التي دمرها الاعصار، قال الرئيس جورج بوش الابن «مهمتي تقتضي رفع معنويات الناس قدر ما استطيع وان أعلم الناس بان ثمة ايامًا مشرقة تنتظرنا برغم كل الايام السوداء التي مرت علينا». وبعد حادثة اطلاق النار في مدرسة نيوتاون بكنتيكت في عام 2012، قال الرئيس باراك اوباما: إن المجتمع بحاجة الى أن نتحلى بأفضل الصفات كمواطنين اميركيين. 
في مثل هذه الأوقات، يجب على أهل السياسة ان يكونوا نبع التعاطف والامتنان والافكار الملهمة. حين يسيطر الخوف على بقعة معينة، فلا يصح أن يعكسوا هذا الشعور. يتعين على القائد أن يخفف من مشاعرالألم من خلال تفهمها في البداية. ومن ثم يمكن أن يحدث شفاء روحي وتقدم اخلاقي بناء على هذه الألفة.