عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-May-2019

التوتر بین الولایات المتحدة وإیران..یهدد بهز استقرار العراق - تسفي برئیل
ھآرتس
 
صاروخ الكاتیوشا الذي انفجر قرب السفارة الأمیركیة في المنطقة الخضراء في بغداد، التي تتركز
فیھا وزارات النظام العراقي والسفارات الاجنبیة، حول مرة واحدة العراق الى بؤرة جدیدة لمسار التصادم بین الولایات المتحدة وإیران. برد اوتوماتیكي تم نسب اطلاق النار للقوات المؤیدة لإیران أو ملیشیات شیعیة تتركز قیادتھا في محیط بغداد، التي ارادت كما یبدو ارسالة رسالة للإدارة الأمیركیة وللحكومة العراقیة بأن لا تخضع للضغوط الأمریكیة.
مثلما في العملیات السابقة التي نفذت ضد سفن سعودیة في الخلیج الفارسي، ایضا في ھذه العملیة لا توجد حتى الآن أي معلومات عن الجھة المسؤولة عنھا، لكن من الواضح ضد من ھي موجھة.
الضغط الأمیركي یعمل في مسارین. الأول یرغب في فصل اقتصاد العراق عن اقتصاد إیران.
وبذلك اغلاق الفجوة المتوقعة في العقوبات على إیران. وبالتالي محاولة تمكین القوات الأمیركیة
من استخدام الأراضي العراقیة كمنصة إطلاق للھجمات ضد إیران في حالة انتقال المواجھة الى
مسارات عنیفة.
ھذان موضوعان یثیران خلافا سیاسیا في العراق، وھما یھددان استقرار حكومة عادل عبد المھدي،
الذي یعتمد على ائتلاف معقد وھش من قوى شیعیة وسنیة وكردیة، الذي معظم اجزاؤه ترفض
الطلبین الأمیركیین. إیران ھي الشریك التجاري الأھم بالنسبة للعراق، والمیزان التجاري بینھما
یقدر بـ 12 ملیار دولار. العراق یعتمد على التزود بالغاز والكھرباء من إیران، وھما منتجان تجمید تزویدھما یمكن أن یخرج الجمھور الى الشوارع مثلما حدث قبل بضعة أشھر في مدینة البصرة.
ھذا الاعتماد الاقتصادي الذي یتضمن دین عراقي لإیران بمبلغ 2 ملیار دولار، وجد بعد بضع سنوات من حرب الخلیج الثانیة وكان یمكن وقفھ لو أن السلطات العراقیة والإدارة الأمیركیة تمكنتا من السیطرة على الاستثمارات الضخمة التي ضخھا البنتاغون الى العراق، من اجل تطویر البنى التحتیة للكھرباء والماء وحقول الغاز الموجود بكمیات كبیرة في الأراضي العراقیة. ولكن جزءا كبیرا من الأموال تدفق بدون اشراف الى جیوب مقاولین وزعماء سیاسیین ومقربین والاجھزة الحزبیة، الى أن تحول العراق الغني الى دولة مفلسة بحاجة الى قروض كبیرة من مؤسسات التمویل الدولیة.
وبعد تعیین محمد بن سلمان ولیا للعھد بسنة تعمقت العلاقات بین الحكومتین. مع ذلك السعودیة ما
زالت بعیدة عن ان تنافس النفوذ الإیراني. إیران سارعت بعد الحرب الى فتح سفارة في بغداد
وقنصلیة في اربیل، عاصمة الاقلیم الكردي. واوجدت علاقات وثیقة مع زعماء الحركات الشیعیة
والكردیة، واوصت رئیس الحكومة العراقیة السابق نوري المالكي بتقریب السنة، وتعاونت في
محاربة الدولة الإسلامیة داعش وضخت ملایین السیاح الدینیین الى الاماكن المقدسة للشیعة.
السعودیة من ناحیتھا عرضت أن تبیع العراق الكھرباء بسعر منخفض بدرجة كبیرة من السعر الذي
یدفعھ العراق لإیران. وفي الشھر الماضي اعلنت ایضا عن نیتھا أن تضخ للعراق ملیار دولار في استثمارات تطویر. السعودیة ایضا تدیر علاقات مع زعماء شیعة وامرت رجال الدین بالتخفیف من تصریحاتھم المناوئة للشیعیة. مؤخرا ھي ایضا تفحص امكانیة فتح قنصلیة في مدینة النجف المقدسة لدى الشیعة والتي تشكل بؤرة جذب لمواطني السعودیة الشیعة الذین یشكلون 10 في المائة من السكان.
الدبلوماسیة الناعمة التي تتبعھا السعودیة تنضم الى الدبلوماسیة القاسیة والمھددة للولایات المتحدة التي لدیھا قوة تبلغ 5 آلاف جندي على الاراضي العراقیة. لقد عادوا الى العراق بعد انسحابھم في العام 2011 من اجل المساعدة في الحرب ضد داعش. ولكن بعد أن اعلن الرئیس ترامب أنھ ینوي ابقاء ھذه القوات في العراق ”من اجل الاشراف على افعال إیران“، تم تفسیر ھذا التصریح كنیة أمیركیة لتحویل العراق الى قاعدة عسكریة ثابتة، وحتى استخدام العراق كجسر لنشاط عسكري ضد إیران.
تصریحات ترامب التي تقول إنھ غیر معني بمواجھة عسكریة مع إیران، لكن اذا ھاجمت إیران اھداف امریكیة فذلك سیكون نھایتھا الرسمیة، فقط عززت مخاوف القوى السیاسیة الرئیسیة في العراق، ومنھا حركة الزعیم الشیعي مقتضى الصدر الذي حصلت حركتھ على اغلبیة الاصوات في الانتخابات التي جرت في السنة الماضیة. الصدر الذي قام بزیارة تاریخیة للسعودیة في 2017 یمثل المعضلة السیاسیة في العراق. فھو معارض شدید للوجود الأمیركي في العراق ولكنھ یؤید تطویر العلاقة بین العراق والسعودیة. ورغم أنھ شیعي إلا انھ غیر محسوب على أتباع إیران. وفي نفس الوقت یرید أن یحافظ العراق على الحیاد في الصراع بین الولایات المتحدة والسعودیة وبین إیران.
الزعیم الروحي الشیعي الاھم في العراق، آیة الله علي السیستاني، یعارض أن یتحول العراق الى
خط مواجھة في الصراع ضد إیران. وھو یؤمن بأن العراق یمكنھ أن یكون وسیط بین إیران والولایات المتحدة وحتى بینھا وبین السعودیة. الحیاد العراقي لیس غایة واشنطن التي ترید أن تفرض على العراق سیاسة فعالة مناوئة لإیران، لكنھا تفھم أنھ من شأنھا أن تفقد نفوذھا في العراق وأن تعمق الكراھیة ضدھا اذا أدى ضغطھا الى صراع قوى داخلي یضعضع التوازن السیاسي الھش، بدون أن تحقق افضلیة ما في الصراع ضد إیران.
في ھذه المرحلة التي فیھا المواجھة العنیفة تظھر فقط عن طریق عملیات ضد السفن السعودیة
وغیرھا التي تتحرك في الخلیج الفارسي، وإطلاق النار من الیمن على منشآت نفط سعودیة ومحاولة ضرب قاعدة أمیركیة، فان الإنجازات الدبلوماسیة والسیاسیة لھا اھمیة كبیرة في تحدید مكانة إیران في المنطقة.
العلاقة العلنیة مع السعودیة، وبدائل اقتصادیة تمكن العراق من التحرر بالتدریج من الاعتماد على
إیران، واستعداد لمنح العراق دور في جھود الوساطة یمكن أن تقلص التھدید العسكري وأن تعزز
المسار السیاسي. ولكن من اجل ذلك یجب على الولایات المتحدة والسعودیة الامتناع عن عرض
العراق كدولة دمیة ملزمة بالاذعان.