الشرق الأوسط الجديد.. إلى أین؟*أ.د. أمين مشاقبة
الراي
يهدف مشروع الشرق الاوسط الجديد لإدماج اسرائيل في المنطقة، وتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية، وتضغط الولايات المتحدة على تلك الدول للسير في اجراءات التطبيع، ويأتي هنا طريق النحور جزءا من المعادلة خط سكة حديد لنقل البضائع والتجارة ينطلق من الأراضي الهندية مروراً بدول الخليج العربي وانتهاء بالموانئ الأسرائيلية على البحر الأبيض المتوسط، بالنظر الى اسرائيل فأن دخلها القومي يزيد عن٥٢٠ مليارا، والناتج المحلي الاجمالي للفرد ويصل ٤٢,٥٩٤ دولار سنوياً وتتقدم على الدول العربية كافة باستثناء دولة قطر، وتسجل فائضاً في ميزانيها يصل 2,8 مليار لعام ٢٠٢٢ وتسجل اسرائيل زيادة في نسبة الصادرات العسكرية وتحتل اسرائيل مرتبة متقدمة عالمياً في تصدير السلاح، وخصوصاً مع بعض الدول العربية، واخيراً صفقه اروا ٣ مع المانيا بمبلغ ٤ مليارات دولار، ومن هنا فأن اسرائيل تـسعى للهيمنة الاقتصادية والعسكرية ومن هنا يأتي موقفها برفض السعودية لتخصيب اليورانيوم على اراضيها، والضغط على الولايات المتحدة بعدم بيع اسلحة متطورة للمملكة العربية السعودية، فهي تريد ان تكون شرطي المنطقة واليد الضاربة من خلال اتفاقيات التطبيع والسلام الذي يتخطى الحقوق الفلسطينية، وبذا ستهيمن على الاقتصاد العربي المنهك، وتسعى الولايات المتحدة لضمان تفوق اسرائيل اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجيا
ومن مخططات الشرق الاوسط الجديد تثبيت الخلافات المذهبية والعرقية ودعم استمرارها من اجمل تفكيك الدول العربية على هذه الأساس ثلاث دول في العراق سنية وشعية وكردية والدستور الاتحادي يركز على هذا التقسيم، اما سوريا فالمطلوب ان تنقسم الى عدة اجزاء، دولة كردية واخرى سنية وعلوية، وربما درزية، ومحاولة فصل منطقة جبل العرب السويداء وربطه بالجولان وبالمنطقة التي تسيطر عليه القوات الإمريكية شمال شرق سوريا «الفرات» وفي هذه الأيام هناك ضغط متزايد على الاردن ليكون طرفاً في معادلة جنوب سوريا وأقامة منطقة عازلة،وباعتقادنا ان المصالح الوطنية الاردنية العليا ضد هذا التوجه فالدور رفضه الاردن في بدايات الربيع العربي فعلى الرغم من التداخل الاجتماعي والجغرافي لا يوجد له مصلحة في تقسيم سوريا فالاردن يقف مع وحدة الاراضي السورية وسيادتها على اراضيها، وعودة العلاقات لطبيعتها فاستقرار سوريا ينعكس على الاستقرار في الأردن، وليس من المصلحة التدخل في الشأن الداخلي السورى لان سلبياته اثر من ايجابياته، فالدولة الأردنية أمامها تحدي الحدود الشمالية وعمليات تهريب المخدرات والاسلحة التي تنجح في التصدي لها بكل كفاءة واقتدار، لكن الأمر يتطلب تعاون الجانب السوري في ضبط الحدود من الداخل السوري التي يصل طولها الى ٢٧٤ كم.
هذا ومشروع الشرق الاوسط الجديد هو قديم جداً، طرحه ثانية من قبل وزيرة الخارجية الامريكية رايس عام ٢٠٠٦ ليكون بديلاً عن الشرق الاوسط الكبير الذي تمت صياغته بعد احداث ١١ سبتمر ٢٠٠١، والذي اعتمد مبدأ الفوضى الخلاقة، وإنشاء المنظمات المتطرفة مثل داعش وما مرت به الدول العربية من حالة فوضى عارمه على جميع الصعد، وقد عرضت العديد من الخرائط الجغرافية لهذا الشرق الاوسط اشهرها المعروضة في الكلية العسكرية للناتو في روما، فقد كان الهدف هو انهاك القوى في الوطن العربي وادخاله في حالة من اليأس والتخلف وبعد انتهاء هذه المرحلة تأتي المرحلة الجديدة لاستمرار الهيمنة والتقسيم واعادة النظر في سايكس–بيكو القديمة بخرائط محدثة جديدة تسير في الفلك الصهيوني.