– ناشونال انتريست
في تصريحاته في مركز ميريديان الدولي في واشنطن هذا الشهر، قدم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين الأخبار. فقد قال أوبراين، في المستقبل غير البعيد ستجلس الولايات المتحدة وروسيا وتبدأ مناقشة جادة حول إنقاذ نظام هش للحد من الأسلحة. وقال أوبراين للحضور «أعتقد أننا سنبدأ مفاوضات قريبًا حول الحد من الأسلحة، بشأن القضية النووية، وهي مهمة لسلامة العالم، لكل دولة، وليس فقط الولايات المتحدة وروسيا».
إن الحفاظ على ما تبقى من نظام الحد من الأسلحة والبناء عليه هو عمل من المنطق السليم الذي نحتاج إليه كثيرا. ولكن إذا كانت إدارة ترمب ملتزمة حقًا بالمضي قدمًا، فيجب عليها أن تبدأ العملية من خلال تمديد الاتفاقية الوحيدة التي تمنع الترسانات النووية الأمريكية والروسية من الخروج عن نطاق السيطرة.
تعد معاهدة نيو ستارت، التي صادقت عليها واشنطن وموسكو في عام 2010، صفقة واقعية في جوهرها. بموجب الاتفاقية، لا يحق للولايات المتحدة وروسيا نشر أكثر من 1550 رأسًا نوويًا على 700 منصة إطلاق كحد أقصى. ويُسمح لكلتا الدولتين أيضًا بالاشتراك في 18 عملية تفتيش متبادلة كل عام. وكانت كل من واشنطن وموسكو قد أكملتا ما مجموعه 162 عملية تفتيش في السنوات التسع التي بدأ فيها تطبيق معاهدة نيو ستارت. بالإضافة إلى معاهدة الأجواء المفتوحة - التي قد تنسحب منها الولايات المتحدة - تعد نيو ستارت واحدة من التدابير القليلة التي تعزز درجة من الشفافية بين أكبر قوتين في العالم في مجال الأسلحة النووية.
ستنتهي صلاحية هذه الشفافية والقدرة على التنبؤ إذا لم يتم تجديد معاهدة نيو ستارت بحلول 5 من شهر شباط لعام 2021. وبشكل واضح فإن السماح بموت الاتفاقية دون إيجاد بديل سيكون الأسوأ، مما يلغي قدرة واشنطن على التحقق من الكمية والنوعية والتصرف الكلي لبرنامج الأسلحة النووية الروسي، وسوف تفقد روسيا أيضًا إمكانية الوصول إلى الترسانة الأمريكية؛ ما يقلل من نوع المعلومات التي تزود كلا البلدين بمظهر من الثقة بنوايا الطرف الآخر.
هذا هو السبب المحتمل أن يشعر المسؤولون الروس بالقلق إزاء معاهدة نيو ستارت التي تعاني من وفاة بطيئة ومؤلمة. أعرب كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرجي لافروف ونائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف جميعهم علنًا عن تأييدهم لتمديد فوري للمعاهدة دون شروط مسبقة. إنهم ليسوا وحدهم: في الوقت الذي لم يكن فيه نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة جون هيتن يوصي رسميا بالتمديد، كان قد وصف سلطات التفتيش بموجب الاتفاقية بأنها «مفيدة بشكل كبير» للتخطيط الاستراتيجي لواشنطن عندما كان قائداً للقيادة الاستراتيجية الأمريكية .
خلال مكالمته الأولى مع بوتين، كان ترمب قد وصف معاهدة نيو ستارت بأنها مجرد صفقة سيئة أخرى تفاوضت عليها الإدارة السابقة التي قدمت لموسكو الكثير ولم تقدم لواشنطن الشيء الكثير. يبقى ترمب مقتنعًا بأن أفضل طريقة للمضي قدماً في الحد من الأسلحة ليس بتجديد معاهدت «نيو ستارت»، بل تشجيع الصين على الانضمام إلى حوار استراتيجي ثلاثي في طريقه إلى اتفاق ثلاثي يغطي الأسلحة من الرؤوس الحربية الاستراتيجية إلى الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.
في حين أن الإدارة تستحق الفضل في التفكير الكبير، فإنها تترك سياسة توجيه الخيال عندما يكون الواقع هو المحرك الوحيد. بقدر مثالية اتفاقية الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا، فقد صرحت بكين وعلى نحو مستمر بأنها لن تشارك في مثل إطار العمل هذا. من وجهة نظر الصين، ليس من المنطقي الحد من ترسانتها المكونة من حوالي 300 رأس حربي عندما تمتلك كل من واشنطن وموسكو أكثر من 6000 قطعة. من غير المرجح على نحو كبير أن تغير بكين موقفها من الآن وحتى عندما تنتهي معاهدة نيو ستارت. إن استمرار واشنطن في الإبقاء على معاهدة نيو ستارت رهينة لموقف الصين - وهو موقف من غير المرجح أن يتغير خلال العام المقبل - هي سياسة متهورة.
يتطلب التفاوض على اتفاقات شاملة للحد من الأسلحة قدرًا كبيرًا من الوقت والمزيد من الصبر. كانت معاهدة القوى النووية متوسطة المدى لعام 1987 نتاج سنوات من المد والجزر بين الرئيس رونالد ريغان ورئيس الوزراء السوفييتي ميخائيل غورباتشوف. استغرقت خطة العمل الشاملة المشتركة ثلاث سنوات من المحادثات، كان الكثير منها مثيرًا للجدل. سيستغرق الأمر أكثر من عام حتى تقوم إدارة ترمب بوضع اللمسات الأخيرة على صفقة نووية كبرى مع الروس - بغض النظر عن إضافة الصين إلى هذا المزيج.
بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الخيار المعقول موجود بالفعل هنا: قبول عرض موسكو بتمديد غير مشروط لمعاهدة نيو ستارت - المعاهدة الوحيدة التي تمنع كلتا القوتين العظمتين النووية من توسيع ترساناتها - واستخدام الوقت الإضافي لاكتشاف نظام أقوى للحد من الأسلحة ينطبق على عدد أكبر من الأطراف ونظم الأسلحة الاستراتيجية.
في الوقت الذي تتعرض فيه العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا لخطر السقوط على المنحدر، فإن الحفاظ على معاهدة نيو ستارت سيحافظ على بعض الاستقرار الضروري في العلاقة الأوسع.