الغد
معاريف
آنا بيرسكي
بعد جلسة الكابنت السياسي – الأمني الأخيرة لم يبق مكان للشك. ست ساعات من المداولات، سلسلة طويلة من التصريحات – التي سرب بعضها واقتبست – وفي نهايتها استنتاج واحد، يكاد يكون موحدا: لا صفقة جزئية. لا الآن، لا في الظروف الحالية. لا توجد، انسوها. نتنياهو قال هذا بصوته، باقي الوزراء كرروه بعده بهز الرأس. بن غفير حاول الدفع إلى تصويت – رئيس الوزراء حسم: لا حاجة. الصفقة شطبت من جدول الاعمال، القتال هو العمل الوحيد.
المنطق الذي يقود نتنياهو واضح: الزمن يلعب ضد إسرائيل. في الماضي غير البعيد كان ما يزال ممكنا أن نسمح لأنفسنا بـ "صفقة انتقالية" – وقف نار مؤقت، تحرير جزء من المخطوفين وعودة إلى ميدان القتال بعد بضعة اشهر مع اسناد من ترامب. هذه المرة في القدس يفهمون بأنه لم يعد هناك ترف كهذا. معنى الصفقة الجزئية: شهران من الهدوء في غزة، إعادة بناء قوات حماس، وسيكون من الصعب على إسرائيل، حتى متعذر، استئناف الحرب. ساعة الرمل تدق والرمل آخذ في النفاد.
لكن الحسم الذي يختاره نتنياهو – مناورة واسعة لاحتلال غزة – مليء بعلامات استفهام ثقيلة. هل عربات جدعون 2، حملة برية في عمق المدينة، ستحقق ما لم يتحقق حتى الآن؟ هل ستنجح في أن تحمل حماس على الاستسلام، التفكك، الاختفاء؟ أحد لا يمكنه ان يضمن هذا، ولا حتى رئيس الأركان زمير.
في هذه اللحظة، حسب التقديرات، لا يوجد مؤشر على ان حماس تفكر بجدية بقبول شروط إنهاء الحرب التي طرحتها إسرائيل. في داخل قيادة حماس لا يوجد "معسكر استسلام"، لا يوجد من يدفع نحو إنهاء القصة وفقا لصورة النهاية التي يرسمها بنيامين نتنياهو. ثمن الحملة، في هذه الأثناء، موضوع على الطاولة: إخلاء اكثر من نصف مليون نسمة فلسطينيين ومعارك شوارع ضارية، مع الخسائر المتوقعة.
أكثر من معقول الافتراض بأن في العالم ستكون حملة دولية هائلة، مع صيغ جديدة ومتطرفة لحملة "التجويع". هذه المرة ستكون "اماتة، ترحيل وإبادة جماعية". حتى لو نجح نتنياهو في أن يخلق لنفسه مجالا لعمل، أحد لا يضمن ان يحصل على ما يكفي من الوقت لإنهاء المهمة. وحتى لو انهيت المناورة، وحتى لو احتلت غزة – من يضمن أن تترجم أهداف الحرب إلى النصر المطلق الذي يعد به نتنياهو الأمة منذ سنتين؟
وهنا تدخل إلى المعادلة الساعة السياسية أيضا. الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقد الصبر على الحرب في غزة، ومشكوك فيه أن يمنح اهتماما لحملة "عربات جدعون 3". في إسرائيل الانتخابات تقترب. اذا لم يسقط الحريديم الحكومة بسبب قانون الاعفاء من التجنيد، فإن صناديق الاقتراع ستفتح بين آذار – تموز 2026. معنى الأمر: ليس لنتنياهو وقت سياسي لحملة أخرى، فصل آخر، في هذه الحرب الطويلة. احتلال غزة، اذا ما وعندما ينفذ، سيتم في كل حال في موعد قريب من فتح حملة الانتخابات التالية.
في السياسة مثلما في السياسة. لا يوجد فراغ. اذا خرج بن غفير وسموتريتش مؤقتا من المعادلة (لا صفقة = لا تهديدات انسحاب)، فإن التهديد الحقيقي على استقرار الحكومة يأتي في هذه اللحظة بالذات من الحريديم. قانون الإعفاء من التجنيد هو المادة المتفجرة الوحيدة التي بقيت تحت كرسي نتنياهو. اذا فشل في إيجاد صيغة ترضيهم، دون تمزيق الجمهور والائتلاف، فإن العبوة التي ستنفجر أولا لن تكون عبوة غزة، بل عبوة أماكن أقرب بكثير من ديوان رئيس الوزراء.
وما يزال يجب القول: حتى تهديد الانتخابات نفسه فقد من وزنه. في الماضي، حين كانت تكون الانتخابات تبدو بعيدة في الأفق، كان فيها ما يخيف رئيس الوزراء ويجبره على اتخاذ قرارات في صالح المهددين. أما اليوم، عشية سنة الانتخابات، فيما تكون صناديق الاقتراع على أي حال خلف الزاوية – فإن قيمة الانتخابات تنخفض. الفرق بين "الصمود لسنة أخرى" وبين "لبضعة اشهر أخرى" يتشوش.
لكن نتنياهو، رجل قرون المذبح، غير مستعد لأن يتخلى عن يوم واحد. من ناحيته، كل يوم إضافي في الحكم اغلى من الذهب، وكل دقيقة يمكنها أن تكون تلك التي تنقذه – أو تحسم مصيره.