عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    31-Mar-2021

التعليم عن بعد خيار لابد منه*د. عبدالرزاق الدليمي

 الدستور

كان العلم وسيبقى الركيزة الأهم في سلم التطور التكنولوجي الذي يرقى بالفرد والمجتمع إلى طرق المعرفة الإنسانية ففائدته تعود على الفرد، بالجوانب المادية والمعنوية، وهناك رابط واضح بين التعليم السليم ومتطلبات سوق العمل في البيئة المحلية والخارجية، وبدون تطوير التعليم لا يمكن تأهيل أفراد المجتمع بالشكل والمضمون الذي تتطلبه البيئات المتغيرة لتمكينهم من المنافسة في سوق العمل، كما يؤثر نوع التعليم ومستواه في درجة منصب العمل المطلوب وهذا يؤكد حقيقة مفادها أن مستوى ونوع ورصانة التعليم في العصر الحالي أصبح العنصر الحاكم والغالب عليها هو التقدم العلمي والتكنولوجي، ذلك أن العصر الذي نعيشه الآن عصر جديد عصر المعلومات أو عصر التنمية المعلوماتية أو عصر المعرفة كما يطلق تشكيله من المتغيرات والتحولات والمستجدات، كل هذا يفرض علينا مجموعة من المتطلبات والحاجات والتي تجعل التعليم الإلكتروني ضرورة حتمية البديل عنها.
يعتبر التعليم الإلكتروني من أهم أساليب التعليم الحديثة وهو جزء مهم من الحل في مواجهة ظروف جائحة كورونا ناهيك عن إسهامه في التعامل الإيجابي مع ظاهرة الإنفجار المعرفي، والحاجة المتزايدة والإقبال على التعليم وتوسيع فرص القبول في التعليم، بهدف دعم العملية التعليمية بالتكنولوجيا التفاعلية بأفضل الأساليب التي تساعد في مواجهة العديد من التحديات التي تواجهه النظام التقليدي. وعليه، وفي ضوء هذه الحقيقة، التي جعلت العالم شاشة هاتف جوال ذكي صغيرة الأمر الذي وفّر فرص الاستفادة والحاجة لتبادل الخبرات مع الآخرين، وحاجة المتعلم إلى البيئات الغنية المتعددة لمصادر البحث والتطوير الذاتي، فظهر مفهوم التعلم عن بعد، حيث لم يأتي التعلم عن بعد صدفة بل جاء نتيجة جهود تربوية وتقنية على مدار نصف قرن، إن هذا النوع من التعلم لا يسهم في توفير بيئة تعليمية غنية ومتعددة المصادر فحسب، بل ويشجع على التواصل بين أطراف المنظومة التعليمية، ويسهم في نمذجة التعليم وتقديمه في صورة معيارية، وهو يهدف إلى إعداد جيل بادر على التعامل مع التقنية متسلح بأحدث مهارات العصر، لاسيما ونحن نعيش في بيئات عصر التكنولوجيا التي غزت معظم البيوت بأشكال متعددة، بمواكبة هذا التطور الهائل، وأصبح التعامل معها شرطاً ملزماً للكثيرين منّا إجتماعياً وأكاديمياً.
إن البلدان المعاصرة لم تعد تراهن على الحاضر فحسب، بل تعمل بنظرة استشرافية لمواجهة تحديات المستقبل ومنها العمل على استثمار فرص التحول الممنهج من التعلم الكلاسيكي إلى التعليم المتنوع الأبعاد وقد وفرت الموسوعات والفضاءات الإلكترونية، فرص كبيرة لاسيما في مجالات التعليم لأجل استثمار حلقات التطور السريعة لمواكبة ما يحصل من تطور مضاميني في أسس ومجالات التعليم التفاعلي البَنّاء في الدول الأكثر تقدماً في العالم.
وهنا لا ندعي حصول ذلك بيُسر وسهولة وتحديداً إذا ما أخذنا بعين الإعتبار طابع المشكلات التي ستواجهنا وطريقة التعامل معها في سياقاتها، وعليه فإن طبيعة التعلم تتغير من بيئة إلى أخرى حسب مقتضيات الواقع والسياق الذي تتواجد فيه المجتمعات، فأصبح من الضروري على النظام التعليمي والتربوي في مجتمعاتنا مواكبة كل هذه التغيرات لتوفير البيئة والظروف المساعدة لمواجهة
الإشكاليات التي تنجم عنها كثرة المعلومات (الفوضى المعلوماتية)، فنتيجة لحاجة المتعلم لبيئات غنية متعددة المصادر للبحث والتطوير الذاتي لاسيما بعد ظهور وتنوع الكثير من الأساليب والطرائق والوسائل الجديدة في التعليم والتعلم، وبروز مفهوم التعليم عن بعد كأسلوب من أساليب التعليم يعتمد على التقنيات الحديثة.
كل هذا دفع بالمؤسسات التعليمية للتحول إلى التعلم عن بعد كبديل طال الحديث والجدل عنه وإيجاد المقتربات لدمجه في العملية التعليمية، خاصة بعد أن تأثرت العملية التعليمية بشكل مباشر بأتمتة الصناعة وتطور تكنولوجيا الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء وكذلك ثورة تكنولوجيا المعلومات التي اقتحمت معظم أشكال حياة الإنسان وأصبحت جزءاً أساسياً منها.