عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Mar-2019

الإساءات الشخصیة لیست معارضة - محمد سویدان
 
الغد- تحولت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا لساحة أساسیة لنقل الآراء حول مختلف القضایا العامة، وساحة لتبادل وجھات النظر، ومنصات لتبادل الانتقادات أو توجیھھا للحكومة أو للشخصیات العامة، أو للمؤسسات المختلفة.
ھذا التحول، دفع البعض للاعتقاد، أن ھذه المنصات الاجتماعیة تشكل بدیلا للأحزاب السیاسیة، سیما أن لھا تأثیرات كبیرة في المجتمع، واصبحت تشكل أداة مھمة جدا للرقابة على السیاسات العامة.
ولأن البعض یعتقد أن ھذه المنصات أصبحت بدیلا عن الأحزاب، فباتت بالنسبة لھم الشغل الشاغل، حیث اعتقدوا أنھا قادرة على التغییر في المجتمع، واعتقدوا أنھا تغني عن الأحزاب، فكانت بالنسبة لھم كل شيء زاویة للنقد، والاعتراض والرفض للسیاسات الحكومیة، ومنصة لطرح الافكار والآراء ووجھات النظر، ومنصة لحشد الانصار والمؤیدین.
لھذا كلھ استحوذت على كل وقتھم، فبدلا من العمل داخل المجتمع وبین فئاتھ المختلفة، صارت
المواقع الاجتماعیة الكل بالكل، وأصبح الناشطون یعتقدون أنھم یمكن أن یغیروا ما یریدون أو یحولوا أنظار الناس إلى الجھة التي یریدونھا.. كما أصبحوا یعتقدون، أن ما یقولونھ أو یكتبونھ لایأتیھ الباطل من أمامھ أوخلفھ، وأنھما مؤثران بشكل لایمكن لجھة أو شخص أو مؤسسة أو حزب أن یصلوا إلى مستوى ھذا التأثیر.
ولذلك، حینما، نمحص بما یكتبھ بعض النشطاء من النوع الذي ذكرناه في الأعلى، نجد أنھم یتمادون في الاساءة الشخصیة، ویستخدمون ألفاظا وتعابیر تحمل الكثیر من الشتائم والمسبات.
فالبعض بات یعتقد أن المسبات والاساءات والشتائم ھي التي تجعل الشخص معارضا، وأنھا ھي
التي توصلھ لأكبر قاعدة من المؤیدین أو المتابعین. كما أصبح یعتقد، أنھ إذا مازاد من الشتائم للشخصیات العامة، والجھات، فإنھ بات معارضا من طراز رفیع، وإنھ سیجد من یصفق لھ، ومن یؤیده.
نعم، مثل ھذا النوع سیجد مؤیدین على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنھ بالواقع لن یجدھم، بل
سیجد أنھم ینفرون منھ ولن یقبلوه كمعارض وطني جاد.. فالاساءات الشخصیة والشتائم لاتحول الشخص إلى معارض وطني، ولكنھا تحولھ إلى سباب، و“رداح“ ولن یكون لھ قدرة على التأثیر في المجتمع، حتى ولوبلغ عدد متابعیھ على ”التواصل الاجتماعي“ الآلاف.
فالمعارض الحقیقي للسیاسات، ھو شخصیة محترمة ینتقد السیاسات ویعترض علیھا وعلى القائمین علیھا، ویواجھھا بكل قوة.. ولایلجأ أبدا للإساءات الشخصیة أو الترجیح للشخص، أوتوجیھ الشتائم للآخرین الذین یعارضھم.
المعارض الحقیقي یدفع ثمن مواقفھ بكل شجاعة واخلاق ومروءة.. ولایلجأ مھما اشتدت الظروف علیھ، لتحویل معارضتھ لشتم الآخرین والاساءة الشخصیة لھم.
المفروض أن من یقوم بالمعارضة السیاسیة، ھو الذي یتبنى الأفكار والتوجھات النبیلة، ویتمتع
بصفات ایجابیة عالیة.. المعارضة ھدفھا التغییر الایجابي ، ولیس تبادل الاساءات والمسبات والشتائم