عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jul-2020

لا تستعجلوا تأبين ترامب - بقلم: توتان روسو

 

اسرائيل هيوم
 
 
ظاهرا، كل شيء في طالحه. أزمة كورونا، التي تتعرض معالجتها بالنقد: الاحتجاج والاضطرارات العرقية، التي يعزوها بعض المحللين إلى “الانهيار الاجتماعي” لاواخر حكمه؛ وأخيرا الاستطلاعات التي تمنح في هذه المرحلة التفوق الكبير لخصمه جو بايدن.
يجدر بنا أن نتذكر بانه في يوم 3/6/2016 في توقيت موازٍ الى هذا الحد او ذاك قبل الانتخابات السابقة، نشر استطلاع “رويترز” الذي منح هيلاري كلينتون 45 % تأييد مقابل 35 % فقط لترامب. على أساس هذه المعطيات واستطلاعات اخرى ساد توافق في الرأي بين المحللين في أن كلينتون ستفوز في الانتخابات. اما النتيجة، كما هو معروف، فكانت مختلفة. مثلما في حينه، الآن ايضا كفيل غير قليل من الأميركيين ان يصوتوا لترامب رغم أنهم لا يؤيدون كل اقواله وافعاله. بل ان الكثيرين يبلغون بان الرئيس يبعث الحرج فيهم. بالنسبة لهؤلاء، فان النظر الى مرآة تصويتهم ليست متعة ولهذا فهم لا يسارعون الى اشراك المستطلعين للرأي بها. ولكنهم هم ايضا يعرفون بان الاستطلاعات لا تغير الواقع بينما الانتخابات تفعل ذلك.
رغم المعطيات الأولية، من السابق لاوانه تأبين ترامب. فالكثيرون كفيلون بالعودة في التصويت له، والسبب سيكون التطرف في الواقع الذي يرونه أمام ناظريهم: انهيار ثقافة السلامة السياسية. فقد مل الكثيرون الصياغات التي تجامل بالقول “السليم” على التصويت من أجل الحقيقة البسيطة. فظاهرة ترامب هي في أساسها تصويت احتجاج ضد الطريقة ما بعد الليبرالية والتي شعارها المركزي هو التجميل وليس الصدق، التظاهر وليس الاصالة. دكتاتورية فكرية بادعاء الليبرالية.
صحيح أنه ولدت ثقافة السلامة السياسية انطلاقا من التطلع لإصلاح الأمراض الاجتماعية كالعنصرية أو التمييز بين الجنسين. وقد سعت إلى خلق معايير للخطاب النقي من الأحكام والاساءة للجماعات التي تعد ضعيفة أو مقصية. غير أنه في نظر جماهير مختلفة، فان نظام السلامة السياسية اقام ثقافة خطاب مزدوجة وبالاساس مصطنعة.
ان الاحتجاج الشرعي، برعاية سياسيين خبراء الى مظهر من السوقية، افساد الممتلكات والتحطيم الجماعي للنصب التاريخية. في الوقت الذي يتصاعد فيه الدخان من محل تجاري لكادح من أريزونا (بعد أن احرقه “محتجون” كجزء من مطلب “العدالة الاجتماعية”
و”المساواة”) تأتي فجأة الاقوال المنمقة والمنقطعة عن الواقع للرئيس السابق براك اوباما: “يمكنكم أن تخلقوا حالة طبيعية جديدة، نزيهة، تمنح الجميع الفرص وتتعامل مع الجميع بشكل متساو وتجسر بين الناس بدلا من ان تفرق بينهم”. لقد مل الكثيرون في أميركا من محاكاة الحديث السليم والكلمات الجميلة، وامام الرسائل المهندسة و “الصحيحة” يفضلون زعيما حقيقته على لسانه.
وهذا ما يعطيه ترامب. ليس دوما دقيقا في تفاصيله (على أقل تقدير)، عاطفي، فظ ومهين. ولكن، وهذا هو الاساس: الناتج أصيل. ما تراه هو ما تحصل عليه. في عصر يكون فيه الصدق البسيط نادرا جدان فان الأميركي العادي يعرف كيف يقدر الأمر. ولهذا السبب فهو انتخبه، ولهذا السبب سينتخبه مرة اخرى. في الانتخاب المرير بين المحرج والفظ ولكن الاصيل وبين السياسي السليم المزايد والكريه، قد يعود الكثيرون لان يصوتوا في صالح الضد. حصل هذا في 2016، وهو كفيل بان يحصل مرة اخرى في 2020.