الغد- ترجمة: علاء الدين أبو زينة
مقال افتتاحي - (بيبولز ديسباتش) 3/4/2025
في زيارته إلى المجر يوم الخميس، كان بنيامين نتنياهو محميًا من مذكرة الاعتقال الصادرة عن "المحكمة الجنائية الدولية"، حيث قالت المجر إنها ستنسحب من المحكمة.
بدأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب لـ"المحكمة الجنائية الدولية" للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، زيارة رسمية إلى المجر يوم الخميس بدعوة من رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان.
[يوم الخميس، أعلن أوربان أن المجر ستنسحب من "المحكمة الجنائية الدولية" لأنها أصبحت "مسيسة" للغاية. وفي مؤتمر صحفي مع أوربان في بودابست، شكره نتنياهو على مغادرته "المحكمة الجنائية الدولية"، واصفًا خطوته بأنها "موقف جريء ومبدئي" ضد "منظمة فاسدة"].
كانت هذه أول زيارة يقوم بها نتنياهو إلى أوروبا منذ أن أصدرت "المحكمة الجنائية الدولية" مذكرة اعتقال في حقه في أواخر العام 2024. وحذر نشطاء ومنظمات مراقبة من أنه إذا رحبت المجر بنتنياهو وتجاهلت التزاماتها الدولية، فإن ذلك سيزيد من تلطيخ سجل أوروبا بشأن الإبادة الجماعية الجارية في غزة.
وجادل بعض المحللين بأن البلد ليس ملزمًا باعتقال نتنياهو، زاعمين أن نظام روما الأساسي -الذي يحدد مثل هذه الواجبات- لم يتم نقله بالكامل إلى القانون المحلي.
دعم من بودابست إلى بروكسل
مع ذلك، قدمت الشبكات الدولية، بما في ذلك "مركز الميزان لحقوق الإنسان" و"حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات"، حججًا على عكس ذلك. وقال "الميزان" إن "عدم القيام بذلك [اعتقال بنيامين نتنياهو] سيشكل انتهاكًا خطيرًا لالتزامات المجر بموجب نظام روما الأساسي، ويرسل رسالة واضحة تفيد بأن مجرمي الحرب المشتبه بهم هم موضع ترحيب داخل الاتحاد الأوروبي".
حافظت السلطات المجرية على علاقات وثيقة مع الحكومة الإسرائيلية طوال فترة الإبادة الجماعية في غزة. ومنذ عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، أشاد أوربان بقراره فرض عقوبات على مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية" بسبب إصدارها مذكرات الاعتقال في حق القادة الإسرائيليين. وفي أعقاب هذه الخطوة، ادعى الوزراء المجريون أنهم سيدعمون إجراء مراجعة لمشاركة المجر في "المحكمة الجنائية الدولية"، وهو ما حدث يوم الخميس. وكانت بعض التقارير غير المؤكدة قد ظهرت مسبقًا ونقلت عن مصادر دبلوماسية قبل زيارة نتنياهو تفيد بأنه تم اتخاذ قرار في المجر بالانسحاب من "المحكمة الجنائية الدولية".
ليست الحكومة المجرية وحدها هي التي تحافظ على علاقات جيدة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية. تجدر ملاحظة أن القادة الأوروبيين الذين انتقدوا أوربان في الماضي التزموا الصمت بشأن هذه الزيارة. كما أشارت دول، مثل رومانيا وبولندا وإيطاليا وفرنسا، إلى أنها لن تتحرك بناء على مذكرة الاعتقال الصادرة عن "المحكمة الجنائية الدولية" إذا ما سافر نتنياهو إلى أراضيها.
وأشار سياسيون ألمان إلى أنهم سيتجنبون التمسك بالمذكرة أيضًا. وأخيرًا، في آذار (مارس) وحده، التقى العديد من المسؤولين في الاتحاد الأوروبي والمسؤولين الوطنيين مع نتنياهو، في ما وصفوه بأنه جاء للحفاظ على "الشراكات" وتوسيعها.
كما وصفت كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، إسرائيل بأنها "شريك جيد جدًا" خلال زيارتها لإسرائيل الأسبوع الماضي، وهو ما أثار رد فعل منتقدًا من الأحزاب اليسارية والتقدمية.
تساءل عضو البرلمان الأوروبي، البلجيكي مارك بوتينغا: "من هم الشركاء الجيدون جدًا؟ في الجريمة؟ في الإبادة الجماعية؟ في التطهير العرقي؟ هذه الكلمات عار على الاتحاد الأوروبي. لا ينبغي أبدًا النطق بها مرة أخرى".
وأدان الحزب الشيوعي اليوناني بالمثل زيارة رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، للقدس في 30 آذار (مارس)، حيث التقى نتنياهو لمناقشة تعميق العلاقات الاقتصادية و"التعاون الدفاعي".
وقال ديميتريس كوتسومباس من الحزب الشيوعي اليوناني إن هذه الزيارة هي إهانة للشعب اليوناني الذي احتشد تضامنًا مع الفلسطينيين منذ شهور: "إن تكثيف التعاون العسكري مع دولة إسرائيل القاتلة يشكل مخاطر كبيرة على شعوب المنطقة بأسرها، ويشير إلى مزيد من انخراط بلدنا في خطط الحرب الإمبريالية".
تقاعس أوروبا خيانة، وليس حياداً
تحذر جماعات من بينها "الميزان" من أن تطبيع أوروبا للعلاقات مع إسرائيل يثير قلقًا عميقًا ويقوض أسس القانون الدولي. وقالت المنظمة: "لا يمكن لأوروبا أن تدعي بمصداقية أنها تدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون بينما يستمر الترحيب بأشخاص متهمين بارتكاب جرائم فظيعة والتعامل معهم".
ووصف آخرون سلوك أوروبا في هذا السياق بأنه جبان ومتواطئ، مشيرين إلى أنه يهدد بمزيد من التآكل في مكانة المنطقة في العالم.
وقالت مؤسسة هند رجب: "بنيامين نتنياهو ليس رئيس دولة عادياً. واستضافته -أو السماح لطائرته بالمرور عبر المجال الجوي الوطني- لا تشير إلى الحياد، بل إلى الخيانة؛ خيانة للعدالة الدولية، وسلطة ’المحكمة الجنائية‘ الدولية، ولكل ضحية عانى تحت قيادته".
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Wanted for War Crimes & Welcome in Europe