عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jan-2021

الكتل الانتخابية.. بين المأسسة والتوظيف*د. فايز بصبوص الدوايمة

 الراي

إن ما أفرزه مجلس النواب كتكوين يمثل قراراً كلياً بالتغيير، ما جعل كل مراقب على المستوى الدولي يقرأ بشكل جديد أن هذا التحول الذي حصل نتيجة لما أراده الناخب الأردني من خلال النتائج التي انبثقت وأدت إلى تغيير حقيقي في بنية المجلس التشريعي، كان هدفها البعث برسالة إلى كل المؤسسات الأردنية بأن الشعب الأردني لن يقبل تحت أي ظرف وتحت أي يافطة بأن يبقى ذلك النهج التقليدي في معالجة الأزمات، أو في إعادة صياغة التشريعات خارج إطار المأسسة، فقد عبر عن ذلك من خلال رسائله المباشرة وغير المباشرة بأن النهج السابق لن يؤدي إلا?إلى ثغرات وهفوات وأمراض أدت إلى ترهّل العمل المؤسساتي، وجعلت المجلس التشريعي ضعيفاً أمام جبروت السلطات وخاصة السلطة التنفيذية.
 
من خلال خبرتي وعلاقاتي مع المؤسسات المدنية والأهلية والقانونية أجد أنه إذا لم يحصل تحول حقيقي في النظام الداخلي للكتل البرلمانية قائم على برنامج مفصل واضح يقوم ارتكازاً لتوافقات برامجية حقيقية يصنع من خلالها نظاماً داخلياً للكتل البرلمانية تتحد بموجبه الهياكل الداخلية لتلك الكتل وتحدد الصلاحيات والمسؤوليات وتضع هدفاً استراتيجياً يقوم على أساس الدفاع عن رؤيتها البرامجية للتشريعات أو يتماهى ويتوافق بين الكتل الأخرى على الرقابة المسؤولة عن أداء السلطة التنفيذية ضمن محددات التمكين الديمقراطي الداخلي للكتل، ولي? على قاعده فرض المعايير والمقاييس وإنما من خلال حوار موضوعي يؤدي إلى إجماع كلي أو من خلال أغلبية تنبثق على أساس الحوار والعصف الذهني المسؤول، وبذلك تكون الكتلة النيابية معبرة حقيقة عن المنطلقات الفكرية لمنتسبيها فتنظيم واقع الكتلة الانتخابية ضمن قواعد التمكين الديمقراطي الداخلي يجعل الاستدامة والتماسك في داخل تلك الكتلة على قاعدة الحد الأدنى من التقاطع الفكري وهو ما يجعل تلك الكتلة تتحول من توافقات مصالحية وعلاقات شخصية على نظام الفزعة وللولاءات الثانوية الى توافقات تؤسس لانسجام فكري وهذا ما يؤسس الى استدا?ة حقيقية للكتل البرلمانية ويخرجها من دائرة الفك والتركيب على قاعدة المستجدات ويجعلها ترتقي الى مستوى التكيف والتكييف في التشريع والرقابة وهو ما يخرج مفهوم المصالح المتبادلة بين السلطات من قاعدة المحسوبية الى قاعدة الكل الوطني استجابة لما تتطلبه المرحلة الاستثنائية التي يمر به وطننا الحبيب..
 
وحتى نخرج من دائرة التحليل النظري والفلسفي نقول بكل وضوح الاستدامة للكتل انطلاقاً من برامجها يجعل من تلك الكتل انوية لتقاطعات فكرية ونظرية تجعلها كتلا مستدامة لن تتفكك على أساس موقفها من التشريعات او من القرارات الحكومية بل تجعل السلطة التنفيذية تأخذ بالاعتبار مشروع برامجها وملاحظاتها وتصحيح مسارات أداء هذه السلطة على قاعدة المسؤولية الوطنية التي تعبر عنها تلك الكتل وهذا بالضبط ما يريده جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله من خلال التركيز على ان المأسسة للهياكل المكونة لمجلس النواب تنطلق من اعتبارين اثنين:?الاستدامة والتوافق والانسجام ومركزية التمكين الداخلي الديمقراطي لتلك الكتل تنظيميا وقانونيا هو الخطوة الأولى والعامل الحاسم في مشروع مأسسة العمل التشريعي القائم على محورية الانسان ومصلحة الوطن العليا واسناد التشريعات والقوانين التي ترتكز على احتياجات الوطن الأردني كمبتدأ وخبر وبذلك فإن هلامية تشكيل الكتل على قاعدة التركيب والفك و الفك والتركيب الآلية والمصلحية والموسمية هي النقيض الحقيقي لمفهوم المأسسة اذا اردنا ان نصل الى مستوى طموح الاستراتيجية الملكية في التمكين التشريعي يجب على تلك الكتل ان تأخذ بالاعت?ار ان التوافق والتمكين الديمقراطي الداخلي في برنامجها السياسي ونظامها الداخلي يعبر عن منهجيتها في مأسسة العمل النيابي، وأن ذلك سيعتبر نموذجاً قابلاً للتعميم على كل مؤسسات الوطن لأن هذا المجلس إذا اتبع سياسة مأسسة عمله سيكون قد ارتقى إلى مستوى المسؤولية الوطنية دون أي اعتبار للمحسوبية المنطقية أو الديموغرافية أو الانتماء.