عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-May-2020

ترامب: الصين ضده ونتنياهو معه - بقلم: حيمي شليف

 

هآرتس
 
وباء الكورونا تدخل على الاقل مرتين لصالح بنيامين نتنياهو. اجواء الطوارئ التي خلقها المرض حرفت الانتباه عن محاكمته الجنائية ومهدت الطريق لتشكيل حكومة طوارئ. وكما يبدو، استمرار ولايته ايضا. مؤخرا الوباء غطى على قضية كان يمكن أن تسبب له باحراج كبير: اكتشافات جديدة حول تدخله كما يبدو في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب في العام 2016 التي كشفت في وثائق مرتبطة بالمستشار السابق للرئيس روجر ستون والتي نشرت مؤخرا.
في الايام العادية هذا الكشف كان سيثير عاصفة على الاقل اعلامية. المراسلات التي كشفت هي خاضعة للرقابة وفي جزء منها هي محجوبة. ولكن حسب كل تحليل معقول هي تثير شك بوجود علاقة خفية بين نتنياهو وستون – الذي أدين في شباط (فبراير) الماضي بمحاولة تشويش تحقيقات الكونغرس في قضية التدخل الروسي – وبين مقر الحملة الانتخابية لترامب.
الحديث يدور عن وزير بلا حقيقة وزارية في حكومة اسرائيل، الذي يعمل في الشؤون الخارجية والامن، والموجود في علاقة متواصلة مع جهة اسرائيلية مجهولة، ذات قدرة على التواصل مع نتنياهو، خلال الحملة الانتخابية. المصدر الذي حاول كما يبدو تنظيم لقاء بين الوزير وترامب كتب بأن “رئيس الحكومة يعتقد أنه توجد لدينا فرصة اخرى… ترامب سيخسر اذا لم نتدخل. توجد لدينا معلومات استخبارية حاسمة”.
المشبوه الفوري كما يبدو هو تساحي هنغبي الذي تم تعيينه وزيرا بلا حقيقة في نهاية أيار(أيار) 2016، قبل بضعة اسابيع من بدء المراسلات مع ستون. هنغبي، الذي كان في حينه الوزير الوحيد بدون حقيبة الذي يوجد في الحكومة، كان موجود في الولايات المتحدة مثل الوزير الذي تم ذكره في الوثائق، من اجل المشاركة في احتفال تسليم طائرة اف 35 الاولى لاسرائيل الذي جرى في مصانع لوكهيد مارتن في تكساس.
ولكن هنغبي نفى أول من أمس كل صلة له بالقصة وبستون نفسه. وحسب قوله “حتى أول من أمس لم أسمع عن اسمه أو أعرف عن وجوده”. في وثائق ستون ذكرت مواعيد سافر فيها الوزير بدون وزارة كما يبدو الى روما للتشاور مع نتنياهو الذي كان يوجد في ذلك الوقت في العاصمة الايطالية. ولكن هنغبي اجرى حسب قوله في حينه زيارات في بنما وتشيلي. وليس مستبعدا أن الامر يتعلق بشخص محتال منتحل، كما قال.
المحقق الخاص روبرت مولر اشار في السابق الى تدخل اسرائيل في حملة ترامب الانتخابية. ولكنه شطب من تقريره حقائق تمكن من أن تشخص اسرائيل بوضوح. عدد غير قليل من الاشخاص الذين ارتبط اسمهم بتدخل روسيا في الانتخابات الاميركية، ومن بينهم اوليغاركيين ومستشارين وشركات سايبر، كانوا على علاقة وطيدة ايضا مع جهات رسمية اسرائيلية.
ربما من غير المسموح الاشارة ايضا الى أن ستون وبول منفورت – الذي كان مدير حملة ترامب وتمت ادانته في السنة الماضية بمخالفات تتعلق بالتآمر وتبييض الاموال وتشويش محاكمة واخفاء معلومات عن عمله كشخص لوبي – قد عملا منذ العام 1996 مع خبير الحملات القذرة، المستشار الاسطوري لنتنياهو، آرثر فنكلشتاين المتوفي، وحتى أنه عرف بالاسم الجماعي “شبان آرثر”.
حسب الجهات التي حققت في القضية فان العلاقة بين المحيطين بترامب ونتنياهو بدأت في 2013 عندما ارسل الرئيس المستقبلي لمواطني اسرائيل توصية حارة للتصويت لصالح مرشح الليكود بعد بضعة اسابيع من اتخاذه قرار التنافس على الرئاسة. بادرة حسن النية الغريبة التي اثارت الاستهزاء في حينه كانت مثل رمي الخبز في المياه، حسب ادعاء الخبراء. ومقابلها جاء فقط في بداية 2016 عندما فهم نتنياهو بأنه يوجد لترامب فرصة حقيقية كي يتحول الى المرشح الجمهوري للرئاسة.
نتنياهو كان بعلاقة سيئة مع الرئيس براك اوباما في تلك الفترة وصلت الى الحضيض لم يتردد للحظة. وقد قام بدور فعال في تشجيع الافنغلستيين للتجند لصالح ترامب وبهذا يصبحون ركيزته. هكذا تم خلق محور ترامب – الافنغلستيين – نتنياهو الذي دفع جانبا لوبي الايباك وامثاله من وظيفتهم التقليدية.
يجب عصر الليمونة
في السنة الاخيرة ترامب تدخل بصورة فظة لصالح نتنياهو. قبل اسبوعين من انتخابات نيسان 2019 اعترف بضم هضبة الجولان لاسرائيل، وبعد اسبوعين ايضا بالمفاوضات الائتلافية. في انتخابات ايلول (سبتمبر) ترامب كان اكثر برودا، لكن قبل آذار (مارس) رد الجميل لنتنياهو مرة اخرى بنشر صفقة القرن، وبشكل خاص الضم المدرج فيها.
نتنياهو يريد الآن عصر هذه الليمونة حتى النهاية. هو يريد، وكما يبدو سيحقق، مباركة ترامب للضم الجزئي أو الكامل للمناطق المخصصة لاسرائيل في صفقة القرن. وقد أعلن عن ذلك علنا في خطابه في الاسبوع الماضي، وليس بالصدفة للجنة افنغلستية من اوروبا. واذا قام ترامب بتوفير البضاعة فهو ينوي أن يستعيد من نتنياهو الدين المتراكم بالكامل في الاشهر الحاسمة للجولة الانتخابية في الولايات المتحدة، وهو توقع تحققه مرهون بدرجة معينة بالاستطلاعات.
وكلما امتد منحنى الهبوط لترامب وجو بايدن الديمقراطي فتح فجوة اكبر بينهما فان نتنياهو سيضطر الى التفكير مرتين اذا كان سيحرق الجسور تماما مع الرئيس والكونغرس الديمقراطي اللذين ربما سيسيطران في واشنطن في بداية كانون الثاني (يناير) القادم.
ترامب بالطبع لا يرى أي عيب في تدخل دول اجنبية في الحملة الانتخابية شريطة أن يكون هذا لصالحه. حسب التقرير الذي نشره مولر، فانه علم عن التدخل الروسي في الانتخابات في 2016، وقد تلقى ذلك بالمباركة والتشجيع علنا. ولكنه لم يتم العثور على ما يكفي من الأدلة من اجل اتهامه بتنسيق ممنوع. ترامب، كما نذكر، دعا علنا الصين وبريطانيا واستراليا ودول اخرى، الى التحقيق في القضايا المرتبطة ببايدن من اجل تشويه سمعة خصمه.
الأصابع موجهة نحو الصين
بسبب أن ترامب يتعامل مع التدخل الاجنبي كأمر طبيعي، فهو يلقي من ذلك على منافسه ويعتقد أنهم يفعلون ذلك ايضا. المتهم الرئيسي حتى الآن كان دولة اوكرانيا التي اتهمها ترامب بالتنسيق مع الديمقراطيين وطبخ قضية التدخل الروسي كلها. الرئيس الاميركي أراد قلب الحقائق عن طريق ابتزاز الرئيس الحالي لاوكرانيا، فلادمير زلانسكي، من اجل أن يعلن عن فتح تحقيق ضد بايدن، وهو حدث تطور الى محاكمة العزل التي انتهت بتبرئة ترامب في مجلس الشيوخ في شهر شباط (فبراير) الماضي.
هذا الاسبوع احتلت الصين محل اوكرانيا كعدوة رئيسة لترامب. مؤخرا، في الوقت الذي فيه الجمهور الاميركي متضايق من السلوك الفضائحي له في ازمة الكورونا ومن الـ 60 ألف ضحية التي جباها المرض، ترامب زاد هجومه على بكين واتهمها باخفاء بيانات عن تفشي وباء الكورونا، وبهذا ساهمت في انتشاره.
شبكة “فوكس” تردد في المقابل بلا تردد النظرية غير المثبتة بأن الفيروس قد تسرب من معهد للابحاث البيولوجية في اقليم ووهان، الذي منه انتشر المرض. وحسب تقارير في وسائل الاعلام فان الوكالات الاستخبارية في واشنطن أعطيت توجيهات لجمع أدلة تعزز هذه الشائعة.
الآن، بعد أن تم اعطاء نشطاء جمهوريين توجيهات لتوجيه سهامهم نحو الصين، فان ترامب يأخذ خطوة واحدة الى الامام ويتهم الصين بشكل صريح في محاولة ترجيح كفة الانتخابات ضده ولصالح بايدن. وحسب ادعاء الرئيس فان بكين تفضل المرشح الديمقراطي لأنه سيسهل عليها التهرب من الاتفاق التجاري المتشدد، كما يبدو، الذي عقده مع الصينيين. وحسب اقوال خبراء في التجارة فان اتفاق ترامب لن يغير بصورة جوهرية علاقة القوى التجارية بين الدولتين. الصين التي كانت هدف لهجمات ترامب في حملته الانتخابية في 2016 والتي تحولت الى هدف لملاحقاته بعد ذلك، من شأنها أن تشكل له كيس اللكمات في حملته في 2020 – مع كل ما يترتب على ذلك للامن والاقتصاد الدولي.
التوجهات الكارثية في الاقتصاد الاميركي لن تغير الاتجاه في الاشهر القريبة القادمة، وفي غياب زلة كارثية لبايدن فان اعادة انتخاب ترامب ستعتبر على الاقل مهمة غير ممكنة، بحجم جون ماكين مقابل براك اوباما بعد الازمة المالية في 2008. فقط اعلنت وزارة العمل الاميركية أول من أمس بأنه في الاسبوع الماضي تم اضافة 4 ملايين شخص الى العاطلين عن العمل الذين وصل عددهم اليوم الى 30 مليون شخص. وهو اعلى معدل نسبي منذ الانهيار في العام 1929.
ترامب مضغوط الآن، وهو يصرخ في وجه مستشاريه، ويتخلى عن مرؤوسيه ويرفض تصديق الاستطلاعات التي تظهر كم هو خطير وضعه. “لا يوجد وضع أخسر فيه أمام بايدن”، قال وسارع الى الغاء توجيهات الابتعاد الاجتماعي للادارة ويحث حكام الولايات الى الاسراع لفتح المصالح التجارية من جديد لتسريع تعافي الاقتصاد – رغم الخطر الكبير. بدون تحسن قريب سيتحول ترامب الى اكثر يأسا وأكثر خطرا. وهو من شأنه أن يتصادم مع الصين وأن يصادق على الضم وبالتأكيد أن يطالب نتنياهو بالضغط لصالحه وليكن ما يكون.