عدم يقين جيوسياسى وأمنى.. النووى الإيرانى فى روما!* حسين دعسة
الدستور المصرية -
المنطقة تسجل أعلى مستوى من الأزمات المتباينة فى منحنى الاستقرار الذى يتناوب الارتفاع، والانخفاض، وفق الحالة العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية لها على الإطلاق. تبدو خرائط العمل السياسى كأنها «روبابيكيا»، القديم يهتز والجديد تحت التجربة.
المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات العالم الإغاثية والإنسانية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما الأحلاف السياسية والاقتصادية والأمنية، أصبحت تحمل فى جيبها «ممحاة»، ينظر لها كملاذ آمن لإعادة محو، أو رسم، ما يقابل الموروث الحضارى البشرى، فى أوقات عدم اليقين الجيوسياسى والأمنى.
فى سجل مستويات الحراك السياسى والأمنى، هناك مكوكيات دبلوماسية، قياسية، مرتفعة متعددة، ترتبط بدول المنطقة، والإقليم أو ما يطلق عليه من الغرب الأمريكى والأوروبى اصطلاحًا بـ«الشرق الأوسط»، ذلك أن معركة «طوفان الأقصى»، فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، جعلت بوصلة العالم تتخبط بين حركة حماس ومشروعية حرب المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، ما فتح ملفات تثير زوابع أمنية، كأنها الأسرار التى يتم تغييرها وتفعيل ممحاة لـ«روبابيكيا» المنطقة، وصولًا إلى نووى إيران، وطموحات تركيا فى عودة الخلافة العثمانية عبر سوريا الانتقالية.
.. وفى أجندة هذا العام «2025»، الذى تلاشى ثلثه الأول، قفزت الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، إلى دموية وإبادة ومجاعات لا حصر لها، وفاقت العام الأول من ذات الحرب.
.. عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مفاوضات روسيا أوكرانيا، مفاوضات إيران الولايات المتحدة الأمريكية لتدمير النووى الإيرانى، ازدياد ألاعيب السفاح نتنياهو، وتصعيد حرب الإبادة الجماعية على سكان غزة وتهجيرهم القسرى والتطهير العرقى والتوسع الإقليمى للكيان الصهيونى المتطرف التوراتى.
.. يلخص حالة عدم اليقين الإنسانى، والقانونى، وطبيعة الحرب، مشاهد من تمثيلية جسدتها جموع من الجمهور الغربى والعربى، خلال تظاهرة مساندة لفلسطين ورافضة الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح، دعا إليها قوى المجتمع المدنى فى العاصمة السويدية ستوكهولم.
المشاهد حركات إيمائية تمثل السفاح نتنياهو وجيش الكابنيت والشاباك الذى يُبيد سكان غزة ورفح، فى الوقت الذى تمارس القوة العسكرية تحديها للجماهير الرافضة لحرب الإبادة.
* انتباه.. هناك ممحاة.. قنبلة ذرية
انتباه.. الحرب على غزة هى محور الحراك السياسى الأمنى.. فى كل العالم، المنطقة والشرق الأوسط «يغلى حد التبخر».. وما عودة المفاوضات الإيرانية الأمريكية بواسطة سلطنة عمان، إلا محاولة لزرع صمام أمان، لكن على طريق الكابوى الأمريكى فى الألفية الثالثة.
.. انتباه.. هناك ممحاة.. قنبلة ذرية، ستنفجر فى روما، السبت «..»
- يا رجل كفانا الله شرك وشر إيران!
هكذا عمقت حوارى مع صديقى الصحفى الأمريكى، المقيم فى عمان، وهو بالمناسبة متشائل- متشائم/متفائل- من أى مفاوضات تجرى فى عهد الرئيس الأمريكى ترامب.
.. نبهنى، الصحفى الذى زار أغلب مناطق الشرق الأوسط، أن مفاوضات روما، ستزرع إشكالية تدمير المشروع النووى الإيرانى، عدا عن كل قضايا الصراع العربى الفلسطينى مع دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، وأيضًا مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، فى هذا الزمن، الذى يعيش فيه العالم، رش الملح على جروح الحروب والجبهات التى تضع أصابعها على الزناد، وربما أزرار التشفير النووى.
.. ويركن هذا الصحفى إلى أنه خلال الأسابيع الماضية، شهدت العواصم العربية والغربية، بالذات القاهرة وعمان والرياض بيروت والكويت الدوحة أبوظبى، حراكًا دبلوماسيًا متسارعًا، مترقبًا، يبحث عن حلول ونهايات قبل تحرك «الممحاة» على خطوط وهى الخرائط، بالمناسبة صديقى الصحفى الأمريكى يعاين تاريخ المنطقة من خلال رحلة استقصائية فى الربع الخالى، لكنه يركن للإنترنت الفضائى فى التواصل.
.. نعم إن مفاوضات الاتفاق النووى الإيرانى، تنطلق، وفى ذات الوقت هناك حراك نحو مفاوضات إيقاف الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.
ما يجرى، شاركت به الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا وبريطانيا ومصر والأردن وتقريبًا كل دول الخليج العربى، إشارات التوقف، لأقل من ٢٤ ساعة، تستمر الجهود، لأن المنطلق، وفق الإدارة الأمريكية وتحالفه الأمنى والعسكرى مع دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، يراقب كيف التحايل على مسار المفاوضات مع إيران، وأيضًا مع حركة حماس، ومع تركيا وسوريا ولبنان حول سلاح حزب الله.
.. كل ذلك خرج من عباءة معركة طوفان الأقصى، لأن حركة حماس تتفاوض مع وجود الدول الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، وهى دول ضامنة لتنفيذ، وإعادة جهود التفاوض الجبارة، ومع ذلك يبدو أن فكفكة نووى إيران وحل العقوبات عنها أسهل من حرب السفاح نتنياهو، وجيش الكابنيت والشاباك، لأنه فى المؤشر أن الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى لا يريد إيقاف الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح ويزدد فى اقتحامات الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.
الأردن ومصر، ودول الاتحاد الأوروبى، تحديدًا فرنسا، تعمل لاحتواء تصعيد الحرب، ومنع الرغبات الأمريكية الإسرائيلية التى تحرض نحو التهجير أو إبادة الشعب الفلسطينى، ينحاز هذا الحراك نحو اتجاهات السياسة الأمريكية المضطربة نتيجة تداخل العمل السياسى مع الاقتصادى عند أو فى قرارات أو ما يريد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب، فهو يتابع اليوم ما سيحدث غدًا فى روما، ويقرأ فى قاموس أكسفورد، ماذا يعنى الجحيم الذى يهدد به الداخل الأمريكى، قبل الخارج، فقد تشابك وتشارك دبلوماسيا وأركان الإدارة الأمريكية فى مسارات قد تتحرك نحوها الممحاة.
* مسقط تحسم الجدل.. روما ثانى جولات محادثات النووى الإيرانى مع واشنطن.
.. كل ذلك يتحرك بين تسارع المعلومات وزيارات السيادة للملوك والزعماء العرب والأوروبيين والامريكان، وحتى من إندونيسيا والصين وروسيا وتركيا، وصولًا إلى المجر التى كسرت قرارات المحكمة الجنائية الدولية، واستقبلت السفاح نتنياهو فى زيارة دولة، والمجتمع الدولى والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى يراقب بصمت.
.. واليوم، الأهمية لما حسمته سلطنة عمان، الخميس الماضى، وغاب الجدل الدائر بشأن مكان عقد الجولة الثانية للمحادثات الإيرانية الأمريكية غير المباشرة، معلنة أن العاصمة الإيطالية روما ستستضيفها السبت.
.. ووسط حراك عربى خليجى نحو إيران وروسيا وتركيا، أصدرت وزارة الخارجية العمانية بيانا، عبر حسابها الرسمى بمنصة إكس X، أنهى التضارب الذى ساد خلال الأيام الماضية بشأن مكان عقد الجولة الثانية للمحادثات.
متحدث الخارجية العُمانية بيّن أن «روما ستكون مقر انعقاد الجولة الثانية من المحادثات بين ممثلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة السبت».
معلنًا:
* 1:
«تهدف هذه المحادثات إلى إحراز مزيد من التقدم نحو التوصل إلى اتفاق عادل وملزم ومستمر».
* 2:
أعربت وزارة الخارجية العمانية عن [ترحيب سلطنة عُمان بتيسير عقد هذا الاجتماع وبوساطتها فى روما]، والتى اختيرت مقرًا لاستضافة الجولة «لأسباب لوجستية» لم تذكرها.
* 3:
«تعرب السلطنة عن شكرها الحكومة الإيطالية على دعمها القيم فى التحضيرات المتعلقة بهذا الاجتماع المهم».
والسبت الماضى، وسط توتر شديد، استضافت مسقط أولى جولات محادثات إيران وواشنطن، ولاقت ترحيبًا عربيًا فيما وصفها البيت الأبيض بأنها «إيجابية للغاية وبناءة».
وعشية انطلاق جولة المفاوضات الأولى، حذّر البيت الأبيض من «خيارات أمريكية باهظة الثمن» فى حال فشل التوصل إلى اتفاق جديد بشأن البرنامج النووى الإيرانى، مؤكدًا أن الرئيس دونالد ترامب يفضل تسوية هذا الملف من خلال محادثات مباشرة مع طهران.
وتتهم الولايات المتحدة إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية ودول أخرى، إيران بالسعى إلى تطوير أسلحة نووية، بينما تصر طهران على أن برنامجها النووى مخصص لأغراض سلمية، بينها توليد الكهرباء.
* عشية المفاوضات:عقوبات أمريكية جديدة ضد إيران.
العقوبات الأمريكية الجديدة، أصبحت سارية المفعول، وهى وفق التحليل الاقتصادى، السياسى والأمنى؛ مرتبطة بإيران تستهدف شركات شحن وناقلات نفط، أفردت لها وزارة الخزانة الأمريكية، فى بيان أن: الإجراء سيزيد الضغط على مستوردى الخام الإيرانى فى الصين، حسبما أوردت وكالة رويترز يوم 16/ أبريل/ 2025، استنادا لما ذكر على موقع وزارة الخزانة الأمريكية أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة تستهدف شركات شحن وناقلات نفط بموجب برنامج العقوبات المتعلق بإيران.
العقوبات للضغط على إيران، فالإجراء سيزيد الضغط على مستوردى الخام الإيرانى فى الصين فى إطار مساعى ترامب إلى استئناف سياسة «أقصى الضغوط» على طهران بما فى ذلك خفض صادراتها النفطية إلى الصفر.
وتأتى الخطوة بالتزامن مع استئناف المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران وعقد محادثات فى سلطنة عمان يوم السبت الماضى والاتفاق على عقد جولة ثانية فى روما السبت المقبل.
مما ظهر فى قرارات وزارة الخزانة، فرض عقوبات على واحدة من المصافى الصغيرة الخاصة المعروفة باسم «أباريق الشاى» فى الصين، إذ اتهمتها بالضلوع فى شراء نفط إيرانى بقيمة تتجاوز مليار دولار.
وفرضت واشنطن عقوبات إضافية على شركات وناقلات قالت إنها مسئولة عن تسهيل شحنات من النفط الإيرانى إلى الصين ضمن «أسطول الظل» التابع لطهران.
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة فى نيويورك ولا السفارة الصينية فى واشنطن بعد على طلبات للتعليق.
والصين أكبر مستورد للنفط الإيرانى ولا تعترف بالعقوبات الأمريكية. وأسست بكين وطهران نظامًا تجاريًا يعتمد فى معظمه على اليوان الصينى وشبكة من الوسطاء لتجنب التعامل بالدولار والانكشاف للجهات التنظيمية الأمريكية.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت فى بيان: «أى مصفاة أو شركة أو وسيط يختار شراء النفط الإيرانى أو تسهيل تجارة النفط الإيرانية يعرض نفسه لخطر جسيم».
وأضاف: «الولايات المتحدة ملتزمة بتعطيل جميع الجهات التى تقدم الدعم لسلسلة توريد النفط الإيرانى والتى يستخدمها النظام فى طهران لدعم وكلائه الإرهابيين وشركائه».
وحدّثت وزارة الخزانة الأربعاء الماضى، توجيهاتها لعمليات الشحن والجهات المعنية بالشحن البحرى بشأن «رصد أساليب التهرب من عقوبات النفط الإيرانية والحد منها»، وحذرت من عدة أمور من بينها اعتماد طهران على أسطول ضخم من «ناقلات الظل» لإخفاء شحنات النفط.
عمليًا، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تشديد الجولة الجديدة من العقوبات هى السادسة التى تستهدف مبيعات النفط الإيرانية منذ أن أعاد ترامب تطبيق سياسة «أقصى الضغوط» على إيران لمنعها من تطوير سلاح نووى.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامى بروس فى بيان منفصل: «ستطبق جميع العقوبات بالكامل فى إطار حملة أقصى الضغوط من جانب إدارة ترامب على إيران».
وأضافت: «ما دامت إيران تحاول جنى عائدات من النفط لتمويل أنشطتها المزعزعة للاستقرار، ستحاسب الولايات المتحدة إيران ومن يشاركها فى التهرب من العقوبات».
* إيد شيران يروج لأغنية «عزيزام» الإيرانية
المجتمع الدولى، وفى داخل المملكة المتحدة، وأمريكا، ما زال هناك بعض الأفق الحضارى، خارج سرديات النووى الإيرانى ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى للقيام بحرب مرتقبة على إيران، إلا أن الثقافة والفنون تظهران الوجه الآخر للغرب.
تقول الكاتبة الأمريكية «ريبيكا ك. موريسون»:
فى الوقت الذى أصبح فيه التهديد بالحرب مع إيران حقيقيًا جدًا فى أذهان البعض، وعندما أصبحت صورة الإيرانيين فى وسائل الإعلام فى كثير من الأحيان مجرد كاريكاتير أو صورة نمطية، آمل أن يسلط «عزيزام» الضوء على الفنانين الإيرانيين الذين ما زالوا يجلسون فى الظل، فى انتظار أن يتم رؤيتهم، فنانين أعمالهم تستحق التقدير، وقصصهم قوية ويستحقون أن يكونوا جزءًا من السرد الثقافى الأمريكى.
نعم، أنا مهووس قليلًا. لكن هل يمكنك لومى؟ كلمة واحدة، بصوتٍ مناسب، وبتعاطفٍ مناسب، قادرة على عبور القارات وإلهام الملايين. هذه هى قوة عزيز.
تتابع الكاتبة الأمريكية فى النيويورك تايمز: قضيت الأسابيع الثلاثة الماضية أتصفح إنستجرام وتيك توك باستمرار، باحثًا عن كل إعلان تشويقى، وفيديو، وريمكس، وميم لأحدث أغانى المغنية البريطانية «عزيزام»، الصادرة فى 4 أبريل، والتى آمل أن تحقق نجاحًا عالميًا. حتى الآن، تُحقق الأغنية نجاحًا باهرًا، حيث أصبحت الأغنية الأكثر رواجًا فى المملكة المتحدة، وظهرت لأول مرة فى المركز 28 على قائمة بيلبورد هوت 100 فى الولايات المتحدة.
فى ذات الوقت، كان إيد شيران يروج لأغنيته المنفردة الجديدة «عزيزام» من خلال مقابلات على متن حافلة مكشوفة تحمل علامة تجارية فى 5 أبريل 2025 فى لندن، إنجلترا.
عزيزَام من الكلمات الفارسية المفضلة لدي، تقول موريسون، وتضيف:
تعنى «عزيزى» أو «حبيبى» فى الفارسية، لغتى الأم. إنها كلمة نستخدمها نحن الإيرانيين كثيرًا. نُضيفها بمودة إلى أحاديثنا مع الأصدقاء والأزواج والأبناء- أى شخص نحبه. كل يوم، عندما أتحدث مع أمى عبر فيس تايم، تُحيينى بابتسامة عريضة عندما ترانى. أول ما تقوله هو: «مرحبًا عزيزَام». إنها تُعبّر عن الدفء والألفة والحنان.
إن اختيار شيران، الحائز على عدة جوائز غرامى، وأحد أكثر الفنانين مبيعًا فى العالم، لهذه الكلمة عنوانًا- وجوهرًا عاطفيًا- لأغنية، يُعدّ معجزة بحد ذاتها. شارك شيران على حسابه على إنستجرام أنه كتب «عزيزام» بعد أن اقترح عليه المنتج الموسيقى والمؤلف المشارك إيليا سلمان زاده تأليف موسيقى مستوحاة من تراث سلمان زاده وثقافته الفارسية. وأعتقد أنه نجح: فالأغنية تتضمن جوقة تستحضر الإيقاعات الفارسية من خلال استخدام آلات فارسية، مثل الدالسيمر المطروق.
* إنها لحظة ثقافية
بالنسبة للعديد من الأمريكيين الإيرانيين مثلى، هذه أكثر من مجرد أغنية جذابة. إنها لحظة ثقافية، تأتى فى وقتٍ تُعتبر فيه صورة إيران- المعروفة بتاريخها الطويل من العداء للولايات المتحدة ومساعيها النووية- مُزرية.
على مدى العقود القليلة الماضية، شاهدتُ الثقافة الفارسية تُصنّف مرارًا وتكرارًا فى فئات فضفاضة، غالبًا ما تكون غير دقيقة، وتُدمج مع الهويات العربية أو الشرق أوسطية فى وسائل الإعلام الأمريكية، مع قلة التقدير للغتها أو تاريخها أو فنها المميز. نادرًا ما رأيتُ فنانًا غير إيرانى يُجسد ثقافتى بطريقة هادفة أو حتى مُبهجة. على حد علمى، لم يُطلق أى موسيقى غربى بارز على أغنية كلمة فارسية- خاصةً أغنية ذات أهمية عاطفية كأغنية «عزيزام»- ووضعها فى جوهرها، مُكررًا مرارًا وتكرارًا.
أثار إطلاق أغنية «عزيزام» موجة من الفرح فى المجتمع الإيرانى الأمريكى، حيث غمر الناس من جميع الأعمار وسائل التواصل الاجتماعى- يرقصون ويغنون فى احتفال جماعى أضاء كل ركن من أركان الإنترنت.
الأغنية تُذكّرنا أيضًا بمكانٍ فقدناه. فى عام ١٩٧٩، عندما كنت فى الثامنة من عمرى، فرت عائلتى من بلادنا بسبب الثورة الإيرانية. وعندما اتضح أن وطنى سيخضع لسيطرة نظامٍ استبدادى دينى جديد، قررت عائلتى عدم العودة. شلّّت المظاهرات العاصمة طهران، وأودى العنف بحياة المئات. أتذكر حزم حقيبتى الوردية الصغيرة، محاولًا وضع ألعابى المفضلة. قضيتُ لحظةً أخيرةً على العشب المبلل فى حديقة عائلتى، حافى القدمين، غير مدركة أننى على الأرجح لن أعود أبدًا.
بالنسبة لى، «عزيزام» ليست مجرد أغنية بوب. إنها تسليط نادر على ثقافة غالبًا ما يُساء فهمها، إن لم يكن يُتجاهلها تمامًا. ويُقدّمها أحد أشهر فنانى العالم بمودة واحترام حقيقيين.
وما هو أكثر قوة هو الطريقة التى تكشف بها هذه الأغنية جانبًا من الهوية الإيرانية نادرًا ما يتم الاعتراف به فى وسائل الإعلام الغربية: فرحتنا، وحناننا، وحبنا.
غالبًا.. تتابع الكاتبة بكل حرية:
ما يُصوَّر الإيرانيون على أنهم سياسيون، أو غاضبون، أو مأساويون. لكننا أيضًا شعبٌ شعرى، مثل جلال الدين الرومى، الشاعر الفارسى الذى عاش فى القرن الثالث عشر، والذى جعلته كلماته الصوفية وترجماته الواسعة أحد أكثر الشعراء مبيعًا فى أمريكا.
تعود الموسيقى الفارسية المتأثرة بأصوات عرقية متنوعة، إلى آلاف السنين- قبل العصر الإسلامى بزمن طويل- وتروى قصصًا عن الحزن والحب والمقاومة. نردد «عزيزيزم» عشرات المرات أو أكثر يوميًا، ليس لأننا عاطفيون، بل لأن الحب متأصل فى لغتنا. هذه الكلمة تُجسّد هُويتنا.
لهذا السبب آمل أن تصبح أغنية «عزيزام» أغنية الصيف. أن يستمع إليها المراهقون الأمريكيون بحماس فى سياراتهم، وأن يغنيها المعجبون حول العالم، فيتعلمون المزيد عن جمال ثقافةٍ وهبت العالم الكثير من الفن والتاريخ والإنسانية.
.. إنها لحظة ثقافية، بحق وسط مفاوضات قد تفجر أو تدمر أو تنتج للعالم قنبلة نووية تلوث ما بقى من حضارات.
«ريبيكا ك. موريسون»:
نُشرت أعمالها فى صحف نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وإن بى سى نيوز، وهاف بوست، ونيوزويك، وغيرها. ستصدر روايتها «الفستان الأزرق»، الموجهة للمرحلة المتوسطة، والمستوحاة من طفولتها كمهاجرة إيرانية تسعى جاهدةً للتأقلم مع توقعات عائلتها للجمال ووطنها الأمريكى، فى مارس 2026.
* لوموند: حرب لا تنتهى.. هكذا تفرض «إسرائيل» توسعها الخطير بالشرق الأوسط
تحت عنوان: «إسرائيل تفرض توسعها الخطير فى الشرق الأوسط»، قالت صحيفة لوموند الفرنسية فى مقال تحليلى إنه فى أعقاب صدمة السابع من أكتوبر، اغتنم اليمين الحاكم الفرصة لتدمير فلسطين، بينما يرسّخ الجيش الإسرائيلى الكابنيت والشاباك وجوده فى غزة، ورفح والضفة الغربية، ولبنان، وسوريا.
وأضافت الصحيفة الفرنسية، أنه بعد ثمانية عشر شهرًا من الهجوم الذى شنّته «حماس» فى 7 أكتوبر 2023، باتت- الدولة الصهيونية- تتصرف كقوة توسعية بلا مواربة، إذ يحتل جنودها غزة من جديد، ويضمون فعليًا الضفة الغربية. كما أنشأوا منطقتين عازلتين خارج الحدود الشمالية، فى لبنان وسوريا، حيث تقصف القوات الجوية الإسرائيلية الصهيونية بيروت، ويتمركز المشاة على بُعد أربعين دقيقة من دمشق. فلم يسبق لدولة الاحتلال الإسرائيلى، أن خاضت حربًا بهذه المدة، وعلى هذا العدد من الجبهات. ومع ذلك، تُواصل تصعيدها: فهى تهدد بضرب المواقع النووية الإيرانية، بل وتسعى لجرّ واشنطن إلى محاولة تغيير النظام فى طهران.
حرب لا تنتهى
قال وزير الدفاع المتطرف يسرائيل كاتس، فى خطاب ألقاه فى فبراير: «سألت قادة جيشنا: ما الدرس الأهم من 7 أكتوبر؟ فقالوا لى إننا لن نسمح بعد اليوم لأى تنظيمات متطرفة بالوجود قرب حدود إسرائيل، سواء فى غزة أو لبنان أو سوريا أو قرب المستوطنات». وبعبارة أوضح: لم يعد هناك مجال لقبول فكرة أن «حماس» يمكن ردعها، ولا للسماح لـ«حزب الله» بتقوية ترسانته الصاروخية عامًا بعد عام.
الجنرالات لا يثقون حتى فى أجهزتهم الاستخباراتية. يقولون إنهم يتصرفون قبل أن يتمكن العدو من تشكيل تهديد حقيقى، دون اعتبار لنواياه الفعلية. لعقد كامل، أطلقت إسرائيل على حملات القصف والتخريب التى شنتها فى أنحاء الشرق الأوسط ضد شحنات الأسلحة ونقل التكنولوجيا العسكرية من إيران إلى حلفائها اسم «الحرب بين الحروب».
لكن، «لوموند»، تستعيد رؤيتها عن هذه الحملة، التى تحوّلت اليوم إلى حرب لا تنتهى.
.. وقالت إن دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، تفرض منطق القوة الخالصة فى المنطقة. لا تفاوض مع السلطة الفلسطينية، البديل الوحيد لـ«حماس»، ولا مع جيرانها اللبنانيين والسوريين، لرسم حدود لا تزال غامضة منذ نشأتها فى عام 1948. بل على العكس، الدولة العبرية تواصل استغلال الوضع لمصلحتها.
.. وتضع الصحيفة مؤشرات هذه الحالة فتقول:
* أولًا: «عن أى مفاجأة إلهية».
اليمين المتطرف، الائتلاف الحاكم فى دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، وأيضًا السفاح نتنياهو يحمل طموحات ثورية. بالنسبة له، يوم 7 أكتوبر كان بمثابة مفاجأة إلهية».. لكن عن أى مفاجأة غير حرب الإبادة». فى ظل ارتداداته، يسعى بذلك إلى:
* 1:
تدمير فلسطين.
* 2:
تدمير غزة ورفح بالتالى.
* 3:
يُسرّع حربًا استعمارية طويلة فى الضفة الغربية.
* 4:
يحرق صفحة من التاريخ: اتفاقيات أوسلو للسلام الموقعة عام 1993.
* ثانيًا: «إطار اتفاقية أوسلو».
تقول صحيفة «لوموند»، مضيفةً أن إسرائيل لم تشعر أبدًا بالارتياح فى إطار- اتفاقية- أوسلو، كـ«ديمقراطية ليبرالية» مثل باقى الدول، مدمجة فى النظام الدولى لما بعد الحرب الباردة.
* ثالثًا: «خارج «اتجاه التاريخ».
فى أواخر التسعينيات، كان رئيس وزراء اليمين السفاح نتنياهو لا يزال مضطرًا للتحدث بهذا الخطاب، الخادع- الديمقراطى الليبرالى الراشد خداعًا وعدم يقين سياسى وأمنى.
فقد كان هذا هو «اتجاه التاريخ». أما اليوم، فلا يكاد يذكر «المعسكر الغربى» أو احترام الحدود وسيادة القانون. بل يفضل الحديث عن «الحضارة اليهودية- المسيحية».
ومضت صحيفة «لوموند» معتبرة أن السفاح نتنياهو يلعب دور الرجل القوى، على رأس ائتلاف يزداد شبهًا بحزب واحد، فى صراع مع «الدولة العميقة».
* رابعًا: «السفاح نتنياهو.. وانتبه ترامب» !.
السفاح نتنياهو، فى هذه الحرب،- حرب الإبادة الجماعية- يبحث عن انتباه- إشارات ما- الرئيس الأمريكى ترامب ورضاه، فى وقت يحلم فيه هذا الأخير بابتلاع جرينلاند وكندا، ويشرعن شهية موسكو لضم أجزاء من أوكرانيا.
* خامسًا: «الولايات المتحدة.. الراعى المتقلب».
اعتبرت «لوموند» أن الرئيس ترامب، هدية لليمين الإسرائيلى المتطرف.. فهو يشترك معه فى نفس المنطق التفوقى. بل ينظر فى إمكانية الاعتراف بـ«السيادة» الإسرائيلية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية.
* سادسًا: «نحن أو هم» دعوة ترامب للتطهير العرقى والتهجير.
منذ يناير الماضى، اقترح الرئيس الأمريكى ترامب- هلوسات التهجير وأنه سينقل سكان القطاع إلى مصر والأردن، بما قد يعرف بـ:- تطهيرًا عرقيًا صريحًا فى غزة. وقد لاقت عباراته صدى قويًا لدى الإسرائيليين الذين، بعد دفن أوسلو، عادوا إلى منطق «نحن أو هم»، ويقبلون بتدمير حياة مليونى فلسطينى فى غزة.
* سابعًا: «الرهينة الأمريكى/ الإسرائيلى».
لا تزال، دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى تتساءل: إلى أى مدى يمكنها أن تجرّ دونالد ترامب- بهذا النص- فهذا الراعى متقلب، وفق صحيفة «لوموند»، مضيفة أن السعودية تهمس فى أذنه بإمكانية عقد صفقة تاريخية للسلام فى الشرق الأوسط، إذا ما تنحى- السفاح- بنيامين نتنياهو عن السلطة. بل إن ترامب فرض، فى يناير وقفًا لإطلاق النار فى غزة. لبضعة أيام، لم يكن يتحدث إلا عن رهينة أمريكى/ إسرائيلى/ لدى «حماس»، إيدان، عيدان ألكسندر. وكان يتعهد بتحريره. ولم يعد أى شىء آخر يبدو مهمًا فى الشرق الأوسط. ثم انتقل إلى قضايا أخرى: أوكرانيا، إيران، غزة، الشرق الأوسط.
* ثامنًا: «إدارة أمريكية تفتقر إلى الخبرة.. كيف؟».
إن قضية الشرق الأوسط اليوم، تتابع لوموند، فى يد حفنة من المسئولين الأمريكيين الذين يفتقرون إلى الخبرة. وهم يتعاملون مع ملفات استهلكت حياة كاملة من خبراء سبقوهم، ولا وقت لديهم لفهمها. أما إسرائيل، فلديها كل هامش المناورة لفرض إرادتها عليهم،
وقد أعادت، فى مارس إشعال الحرب فى غزة. ولم تجد تلك المجموعة من المسئولين الأمريكيين ما ترد به.
.. الافتقار إلى الخبرة قد يصدم ملفات مفاوضات روما، وهى مساع للتوصل إلى تفاهمات مختلفة للوصول مع إيران إلى لحظة اللا سلام واللا حرب، بينما الولايات المتحده ودولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى تهدد، مؤشرات المنطقة قد تدخل نوعية من الحروب، ليست حرب جبهات بل دراية عسكرية شاملة.
* لماذا أحبط ترامب خطة إسرائيلية لضرب نووى إيران
ما يريد أن يصل إليه الإعلام الأمريكى المحموم، أن يبرز دلالات ومؤشرات على أن الرئيس ترامب، يميل نحو المسار الدبلوماسى التفاوضى للاتفاق النووى وعلى كل القضايا والعقوبات مع إيران.
.. وعمليًا:
قيل ان الرئيس الأمريكى ترامب أوقف خطة عسكرية إسرائيلية، صهيونية كانت تستهدف ضرب منشآت نووية إيرانية، حسبما كشفت عن التفاصيل صحيفة «نيويورك تايمز».
.. وفى التحليل الاستراتيجى، والجيوسياسى الأمنى، نظرة أو خطوة ترامب جاءت بسبب تفضيله فتح باب التفاوض مع طهران، بهدف التوصل إلى اتفاق يحد من برنامجها النووى، هذا أولًا.
وثانيًا:
مصادر من داخل الإدارة الأمريكية ومسئولين على دراية بالخطط الإسرائيلية، قالت إن الكيان الصهيونى، ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، كانت أعدّت خطة لضرب منشآت نووية إيرانية خلال أسابيع، بالتعاون مع واشنطن، بهدف تعطيل قدرة طهران على تطوير سلاح نووى لمدة لا تقل عن عام.
* .. والسبب؟
فى الأفق العملى والعسكرى، يبدو البنتاجون غير جاهز لتنفيذ الخطة الإسرائيلية وهى تتطلب، من الولايات المتحدة الأمريكية والبيت الأبيض والبنتاجون: دعمًا أمريكيًا مباشرًا، بالتأكيد لا حدود له، سواء لصد أى رد إيرانى محتمل أو لضمان نجاح الضربات الجوية.
المعلومات التى سربتها نيويورك تايمز تؤكد: لكن قرار الرئيس ترامب بإلغاء الدعم أجهض تلك الخطط، بعد شهور من النقاش داخل إدارته بين مسئولين يؤيدون دعم التحرك العسكرى الإسرائيلى، وآخرين يشككون فى جدوى مثل هذا الهجوم الذى قد يؤدى إلى اندلاع حرب إقليمية واسعة فى الشرق الأوسط.
.. وفى المرحلة ما قبل ٢٤ ساعة من بدء جولة روما، يتضح أن الإدارة الأمريكية، والبنتاجون «..» توصلت إلى «توافق هش» يميل نحو المسار الدبلوماسى، تزامنًا مع انطلاق مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران واتفاق الجانبين على استئنافها.
ما هو معلن، أن الرئيس ترامب قد أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال استقباله فى البيت الأبيض، صراحة، أن الولايات المتحدة لن تدعم الضربة المخططة ضد إيران.
... والسؤال المحورى، يصب فى الآتى:
هل يفكر ترامب، للدخول فى الحرب مع حكومة اليمين المتطرف التوراتى الإسرائيلية النازية، على الرغم من وجود مؤشرات سابقة على استعداد ترامب للنظر فى دعم الهجوم الإسرائيلى، فإن مواقف عدد من كبار المسئولين الأمريكيين، مثل مديرة الاستخبارات الوطنية تولسى جابارد، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، ونائب الرئيس جاى دى فانس، اتسمت بالحذر، مع تحذيراتهم من احتمالية اندلاع صراع إقليمى لا ترغب به واشنطن.
وفى سياق متصل، ذكرت الصحيفة أن قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، أبلغ المسئولين الإسرائيليين خلال زيارة سرية إلى إسرائيل، برغبة البيت الأبيض فى تجميد الخطة الهجومية.
استياء إسرائيلى
هنا، قد يكون ردًا على التساؤلات، إذ: اعتبرت أوساط أمنية وسياسية أن الكشف عن الخطط الإسرائيلية قد يضر بتحركات تل أبيب لمواجهة «التهديد النووى الإيرانى».
وألمحت تقديرات فى إسرائيل إلى أن التسريب قد يكون خرج من مكتب نتنياهو نفسه، فى محاولة لخلق انطباع بأنه كان على وشك تنفيذ ضربة حاسمة، لولا عرقلة خارجية. وقال مسئول أمنى إسرائيلى إن «الجميع كان يعرف أن هناك استعدادًا لضربة، لكن نشر التفاصيل بهذا الشكل أمر غير مسبوق. نحن نستعد لكل السيناريوهات، بمعزل عن التسريبات».
فى ذات التوقيت الحرج، مصادر إسرائيلية أمنية لفتت إلى أن الخطة طُرحت على الأمريكيين، مع طلب بأن تتولى الطائرات الأمريكية تنفيذ غارات موازية وتوفير الحماية الجوية لقوات النخبة.
وقالت مصادر فى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إن «التقديرات العسكرية رجّحت أن العملية لن تكون جاهزة قبل أكتوبر»، بينما «أصرّ نتنياهو على تنفيذها فى مايو، رغم التحذيرات»، قبل أن يوقفها ترامب ويتجه للمفاوضات.
وفى هذا السياق، قال مسئول أمنى إن «القيادة السياسية فى إسرائيل لطالما أبقت الخيار العسكرى على الطاولة، لكننا الآن تلقينا فرملة حادة»، مضيفًا أن «مدى تأثير إسرائيل على قرارات الإدارة الأمريكية بات محدودًا جدًا».
وعبّرت مصادر عسكرية عن استياء بالغ من توقيت وحجم التسريب، ورأت أنه «أضرّ بشكل كبير بقدرة إسرائيل على المناورة أمام واشنطن».
يذكر رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، أنه «فى تشرين الأول اقترحتُ مهاجمة حقول النفط الإيرانية. تدمير صناعة النفط سيقوّض الاقتصاد الإيرانى ويُسقط النظام فى النهاية، لكن نتنياهو خاف وأوقف ذلك».
بدوره، هاجم رئيس الحكومة الأسبق نفتالى بينيت، ما وصفه بـ«استراتيجية نتنياهو الخطابية»، ملمحًا إلى أن رئيس الحكومة هو من سرّب المعلومات للصحيفة الأمريكية للإيحاء بأنه كان يعتزم الذهاب إلى الخيار العسكرى ومُنع من ذلك.
وقال بينيت إن «مبدأ نتنياهو هو التهديد، التهديد، التهديد... ثم تسريب أنه كان ينوى الهجوم لكنهم منعوه. هذا توجه خطير يجب ألا ينفجر فى وجوهنا. لن تكون هناك فرصة أخرى».
وفى منشور عبر منصة «إكس»، علّق رئيس حزب «المعسكر الوطنى» بينى جانتس، على ما ورد فى تقرير الصحيفة الأمريكية بالقول: «النظام الإيرانى خبير فى المماطلة. على إسرائيل أن تكون قادرة على الهجوم داخل إيران، ويجب علينا حشد الولايات المتحدة وتغيير وجه الشرق الأوسط».
* ملالى إيران مع المفاوضات ومع الحرب ومع انتشار الرعب.
فى فهم مختلف للحدث، وعن: «سلطة الملالى تحظر انتقاد ترامب»، أبرز المحلل السياسى، فى موقع المدن اللبنانى، «بسام مقداد»، عن ماهية دلالات سلطة «الملالى»، التى حظرت انتقاد الرئيس الأمريكى ترامب.
المحلل رصد علاقة ذلك بدولة الاحتلال الإسرائيلى، ومدى دخولها أو تدخلها بالمفاوضات الأمريكية الإيرانية، وإن كان ذلك يتراوح بين الحذر والعداء المكشوف، وعادة يروج له السفاح نتنياهو.
يمكن توقع الرؤية السياسية والأمنية، وفق ما حلل المقداد، وتواصل مع خبرات تنصاح إلى إحداثيات الراهن من المفاوضات ومستقبلها:
* أولًا: التصريحات خارج المألوف.
التصريحات النارية التى مهدت بها القيادة الإيرانية لانصياعها لتهديدات ترامب بالعواقب الوخيمة، لرفضها الدخول فى مفاوضات مباشرة حول النووى الإيرانى، كانت تترجم فى الداخل الإيرانى بعكس ظاهرها تمامًا.
* ثانيًا: المواجهة.
نشر الخبير الروسى المعروف بالشئون الإيرانية Nikita Smagin فى 8 الجارى على موقع شبكة التلفزة الروسية RTVI نصًا تحدث عن المفارقات بين المعلن والواقعى فى سلوك سلطة الملالى. كان لافتًا العنوان الذى اختاره الخبير لنصه، وعبّر تمامًا عن المفارقات فى سلوك السلطة الإيرانية وهى تواجه التهديدات الأمريكية المتواصلة، فى حال لم تنصع للإملاءات الأمريكية فى مفاوضات النووى، التى انطلقت السبت المنصرم، وستتواصل فى روما السبت المقبل. جاء عنوان الخبير: «يخافون شعبهم. كيف حرر ترامب فجأة النساء الإيرانيات؟».
* ثالثًا: الخطاب الإيرانى المتشدد؟.
الخبير Nikita Smagin يرى فى الحديث عن المفاوضات، إثارة لسؤال سياسى خطير:
كيف يضرب الرئيس ترامب بعرض الحائط بالخطاب الإيرانى المتشدد؟.
.. وهو يرى كيف ينصاع خامنئى لما يرسمه ترامب بشأن هذه المفاوضات.
* رابعًا: قيود.
إن «صفقة ترامب» ستسفر عن تقييد أيدى إيران وأرجلها «..»، ولا تقدم لها شيئًا مهمًا بالمقابل.
ويقول الخبير إن محاولة إيران جرّ الولايات المتحدة إلى ملعبها، لا تلغى الخوف الحقيقى من الضربة المحتملة، والذى يعبر عن نفسه بموجة عارمة من التصريحات الإيرانية المتناقضة.
* خامسًا: إيران الملالى..؟
الخارجية الإيرانية تصرح بأن إيران الملالى، لن تنتج سلاحًا ذريًا «تحت أى ظرف من الظروف»، بينما كان المجلس «البرلمان» الإيرانى يدعو لإنتاج السلاح الذرى «من أجل الحوار المتساوى مع الغرب».
* سادسًا: إعلام كيهان السلطة.
ثمّة أمور أكثر غرابة تجرى على الساحة الداخلية الإيرانية، وعن ذلك نشرت صحيفة كيهان الناطقة باسم المحافظين مقالة قالت فيها إن ترامب يستحق الموت بسبب الأمر بقتل قاسم سليمانى أثناء ولايته الأولى. ومثل هذه الصيغ معتادة فى الإعلام الإيرانى فى تناوله ممثلى الولايات المتحدة وإسرائيل. لكن هذه المرة، أصدرت هيئة الرقابة على الصحافة تحذيرًا مكتوبًا لصحيفة كيهان، مشيرة إلى أن المقالة «تتعارض مع المصالح القومية». وهذا يعنى أنه فى بلد يظل شعاره الرسمى «الموت لأمريكا!»، تحذر السلطات الصحافة من التصريحات المناهضة لأمريكا، «ولمن، للصحيفة التى كانت تعتبر طيلة هذه السنوات الناطقة بإسم خامنئى نفسه».
* سابعا: الحجاب الإيرانى!
الإدارة الأمريكية، والإعلام الغربى الإسرائيلى، يتبع التهديدات الأمريكية شبه اليومية، حول الحياة وحقوق الإنسان، الحريات العامة؛ إذ تخشى السلطات الإيرانية الدينية جديًا التشدد بشأن الحجاب النسائى. ففى نهاية ديسمبر تم وقف تنفيذ القانون الشهير بشأن التشدد بحق المخالفات للشريعة الإسلامية بشأن اللباس النسائى، ويقول إنه لن يكون هناك من تشدد بعد الآن، بل الضغوط سوف تمارس بحق المصرّات على الحجاب، وليس العكس.
* ثامنًا: الوسيط وسيط سياسى متابع.
البوليتولوج الأوكرانية Olesya Yakhno رأت من الطبيعى أن تتابع دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية بدقة عملية المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران. وتل أبيب ليست واثقة من أن إيران سوف تتخلى عن برنامجها النووى.
وتعتقد أن:
* أ:
الولايات المتحدة هى صاحبة المبادرة باقتراح نقل المفاوضات إلى أوروبا، وذلك لأنها معنية بمفاوضات دون وسيط، وهو ما كرره ترامب عدة مرات.
* ب:
لكنّ ممثلى عُمان سيشاركون فى الجولة الجديدة أيضًا كوسطاء. وهى لا تعتقد أن نقل المفاوضات إلى أوروبا يهدف إلى إشراك أوروبا بالمفاوضات فى هذه المرحلة. ولا تستبعد مشاركة الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية فى المفاوضات.
* ج:
أن نقل مكان المفاوضات يرتبط برغبة الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات من دون وسيط، فى حين أن إيران تريدها غير مباشرة لتتأكد من جدية الولايات المتحدة بشأن اللجوء إلى القوة فى حال عدم التوصل إلى إبرام إتفاقية، كما لتتأكد من مواقف دول المنطقة.
* د:
قيام طهران بإبلاغ دول الجوار بأن السماح باستخدام أراضيها وأجوائها من قبل الولايات المتحدة لشن هجمات على إيران، سيعتبر عملًا عدوانيًا.
* تاسعًا: استجمام.. أحيانًا!
الصحافية الروسية القوزاقية المستقلة Yulia Yuzik رأت أن دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية كانت تعول على قصف المنشآت النووية الإيرانية بمساعدة ترامب، وليس مرة واحدة، بل عملية جدية وطويلة الأمد، مع تدمير كامل للمنشآت النووية، وحتى ترسانات الصواريخ. وبالنسبة لنتنياهو، فإن نجاح المفاوضات ووصف ترامب لجولة المفاوضات الأولى بأنها بناءة، يشكلان كابوسًا. وحقيقة أن الأمريكيين فتحوا سفارات افتراضية نتيجة للمفاوضات، وتصريح صناع الأخبار الإيرانيين بأنهم مستعدون نتيجة للمفاوضات لفتح سفارة أمريكية فى طهران، لم يكن حتى أوباما ليحلم بذلك.. وفى دولة الاحتلال، يعد هذا الأمر خيبة أمل كبيرة ومأساة. ولا تستبعد الصحافية أن تجرب إسرائيل من جانبها أن تطيح بهذه المفاوضات، والحرس الثورى بدوره من الجانب الإيرانى.
وعن انتقال الجولة الثانية من المفاوضات إلى روما، قالت الصحافية إن ثمة من يزعم أن الجانب الأمريكى الذى على علاقة جيدة مع رئيسة الوزراء الإيطالية اقترح هذا الانتقال. لكنها هى تعتقد أن الجانب الإيرانى هو الذى بادر باقتراح بنقل المفاوضات إلى أوروبا. فالمسئولون فى الخارجية الإيرانية وفريق المفاوضات بشأن النووى، كانوا عادة يسافرون إلى أوروبا مع زوجاتهم لقضاء أوقات جميلة فى أوروبا، يتسوقون خلالها ويستمتعون بالبرامج الثقافية. لكن السبب الجدى برأيها، هو أن إيران تتعاون بصورة نشطة مع الفاتيكان. والفاتيكان ليس مركزًا دينيًا فحسب، بل هو أيضًا بنك غامض للغاية بالنسبة للعامة.
* عاشرًا: حلفاء إيران.
نائب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الأوكرانى Sergey Danilov رأى أن علاقة الاحتلال الإسرائيلى بالمفاوضات الأمريكية الإيرانية تتراوح بين الحذر والعداء المكشوف. وكثيرون يعتبرون أن الصفقة المحتملة مع إيران تسمح بإمكانية تحسين الوضع الاقتصادى، لكنها لن تحل المسائل المتعلقة بالأمن. أما إيران فهى تصر على رفع العقوبات والإفراج عن أرصدتها المجمدة فى الغرب.
الولايات المتحدة سحبت من جدول أعمال المفاوضات الكثير من المسائل المهمة بالنسبة لإسرائيل، والمتعلقة بقضايا الأمن: برنامج الصواريخ، دعم المجموعات السياسية العسكرية الحليفة لإيران، والكثير سواها. والاعتقاد السائد فى إسرائيل، هو أن إيران أصبحت الآن فى وضع صعب، وأن العمل المنسق قد يؤدى إلى إضعاف النظام بشكل أكبر. وبالتالى، فإن إسرائيل لا تثق بإيران وتشكك فى استراتيجية التفاوض الأمريكية.
يرجح الخبير بأن اقتراح نقل مكان المفاوضات قد صدر عن إيران بهدف جر أوروبا إلى عملية التفاوض. لكنه يشير إلى أن تصرفات الإدارة الأمريكية فى الفترة الأخيرة كانت غالبًا ما تحددها عوامل عشوائية أو ثانوية. ولذلك لا يمكن استبعاد الأسباب غير المتوقعة لنقل المفاوضات من مسقط إلى روما.
* حادى عشر: الانتظار والحذر.
المدير التنفيذى لمركز دراسات الشرق الأوسط الأوكرانى Igor Semivolos يرى أن دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى تنظر بحذر إلى المفاوضات، وتعتبرها تهديدًا محتملًا لأمنها. ويعتبر أن أى اتفاق مع إيران ينبغى أن يلحظ الوقف الشامل للبرنامج النووى، وليس الحد منه. وما يثير قلق الإحتلال، هو أن:
* أ:
تخفيف العقوبات على إيران، أو عقد اتفاق معها قد يؤدى إلى تعزيز مواقعها فى المنطقة. وهى ليست مرتاحة لعملية المفاوضات بحد ذاتها، لأنها تعتبر أن المقاربة الدبلوماسية نادرًا ما كانت تردع إيران، وتفضل الخطوات الاستباقية، بما فيها العسكرية.
* ب:
أن نقل المفاوضات إلى أوروبا قد يحمل عدة تفسيرات. أولًا، إشراك أوروبا بالمفاوضات، ثانيًا، قد تكون إيران صاحبة المبادرة لنقل المفاوضات إلى روما، حيث تشعر بعزلة أقل.
.. الأجواء بين عواصم الوساطة، بشأن المفاوضات الأمريكية الإيرانية تعيش قلق أمنى، وتسارع فى متغيرات الشأن المتعلق بأطراف المفاوضات، هناك ترقب الصراع، أو خلافات قد تثير الرئيس الأمريكى ترامب، هو غالبا يهدد ب الجحيم، هل يقصد القنبلة النووية؟.
كل ذلك محتمل، لهذا أوروبا تترقب بتوجس، فقد جربت وسلطاتها لسنوات افشلها الإدارة الأمريكية والبنتاغون، عدا عن اليمين المتطرف الإسرائيلى.