نعم.. إنها خيبة أمل*جهاد المنسي
الغد
أشاطر الزميل رئيس التحرير مكرم الطراونة احباطه الذي عبر عنه في مقاله في "الغد" من أداء نواب، وخاصة بعد التقرير الذي أصدره مركز الحياة (راصد) والذي تم فيه الكشف التفصيلي عن أداء مجلس النواب التاسع عشر في دورته الثالثة، حيث رصد التقرير تدني الدور الرقابي لأعضاء المجلس إلى درجات غير مسبوقة، والابتعاد عن رفع المستوى التشريعي، والكتلوي.
في البداية وبصفتي على تماس بمجالس نواب مختلفة منذ أكثر من 25 عاما فإنني اتفق مع الزميل الطراونة في مقاله الذي خرج بانطباع أن "النواب ومن خلال أدائهم الهزيل، يلحقون ضررا بالغا بهذا البلد"، وأضيف أن ذلك انعكس على مؤسسة مجلس النواب التي تضعف رويدا رويدا كحضور وفعالية، وهذا يمكن ملامسته دورة بعد دورة ومجلسا إثر مجلس.
هذا التراجع في المنحنى البياني للمجلس أثر على الحضور النيابي شعبيا وسياسيا واجتماعيا، وخاصة تجاه نظرة الناخبين للنواب، وكذا نظرة وزراء، ومؤسسات مجتمع مدني ونقابات وأحزاب وناشطين وغيرهم، وهذا أصاب مؤسسة البرلمان التي نؤمن بدورها ووجودها في الصميم، ويدفعنا من منطلق حرصنا على صورة المجلس للالتفات إلى أهمية أخذ ما يرد من رصد لأداء النواب تشريعيا ورقابيا بعين الاعتبار والتعامل مع مخرجات أي عمل رصدي بشكل مختلف.
الواضح وفق ما نشره التقرير المدعوم بأرقام وحقائق أن المنحى النيابي في تراجع بشكل مقلق، إذ يكفي أن نعرف أن عدد الاسئلة النيابية لم تتجاوز 406 أسئلة وهو عدد متدن جدا قياسا على مجالس سابقة، ويعود سبب القلق من منحنى الأسئلة باعتبار أن السؤال هو الأداة الرقابية الأولى لدى النواب وتعامل النواب مع السؤال بهذا الشكل المتواضع يجعلنا نستنتج أن الدور الرقابي الذي لعبه المجلس لم يكن دورا محوريا، وهو دور لا يكاد يذكر.
مجالس نيابية سابقة كان يفوق عدد الاسئلة لديها 2000 سؤال، والأكثر إيلاما أن العدد المتواضع من الاسئلة قدمه 68 نائبا فقط، أي أن 50 نائبا لم يمارسوا أي دور رقابي على الحكومة؟!، ولم يوجه أي منهم لو سؤالا واحدا إليها.
نعم … هو أمر مؤسف أن يكون لدينا هذا العدد الكبير من النواب الذين اسقطوا دورا مهما من أدوارهم الرقابية، والمؤسف أكثر أن الدور التشريعي أبدا لم يكن بالشكل المطلوب، إذ بلغت عدد المداخلات التي قدمها نواب 1777 مداخلة خلال العام الثالث بانخفاض مقداره 2328 مداخلة عن العام الثاني، وبلغت المداخلات التشريعية 1479 مداخلة فيما وصل تعداد المداخلات الرقابية إلى 228، وهذه الحقائق تقودنا لاستنتاج واحد واضح هو أن لدينا رقما متواضعا جدا في الجانب التشريعي يضاف لتواضع الجانب الرقابي.
أمام هذا الواقع المؤسف يحق لنا من منطلق حرصنا على مؤسسة البرلمان ودورها، وإيماننا بأهمية وجودها وتفعيل هذا الوجود، وضع اليد على القلب، والمطالبة بصوت عال لأهمية الالتفات بجدية للواقع المؤلم والخروج من مرحلة التقوقع لدوائر أكثر حرية في التعامل مع الحكومات، ومحاسبتها ونقدها تحت قبة البرلمان وسؤالها عن السياسات العامة سواء الاقتصادية أو الإدارية أو الاجتماعية أو السياسية، والتعامل مع الحكومات ندا بند.
لدينا كل الحق في الخوف على مؤسسة مجلس النواب من التهميش، ويزيد من منسوب خوفنا أن المجلس التاسع عشر للأسف لم يعرف طريق الاستجوابات إذ إنه لم يناقش أي استجواب تحت القبة، رغم أنه وخلال مناقشة الأسئلة النيابية تم تحويل 12 سؤالاً لاستجواب، وعند مراجعة ما تم تسجيله لدى الأمانة العامة تبين تسجيل استجوابين من أصل 12 تم الإعلان عنهما تحت القبة؟!