6.8 ٪ فقط حجم المنح الموجهة لـدعـــم خـطـة الاسـتـجـابــة للأزمة السورية لعام 2024
الدستور-مركز الدستور للدراسات الاقتصادية أنـس الخـصـاونــة
عانى الاردن خلال عقد مضى ويزيد من تداعيات ازمة اللجوء السوري، حيث استقبل الاردن منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 آلاف اللاجئين السوريين، حتى بات يعد ثالث دولة على مستوى العالم من حيث عدد اللاجئين السوريين، والثاني عالميًّا من حيث عدد اللاجئين مقارنة بعدد السكان الكلي، وبلغ عدد اللاجئين السوريين ما يزيد على 1.3 مليون لاجئ سوري، منهم ما يزيد على 671 ألفاً من اللاجئين المسجّلين لدى الأمم المتحدة يقطن حوالي 10 ٪ منهم فقط في مخيمات اللجوء، بينما ينتشر الباقون في المجتمعات المحلية، الأمر الذي نتج عنه انعكاسات سلبية متزايدة في ظل تفاقم الوضع الانساني نتيجة الأزمة السورية.
وبالرغم من الدور الذي قامت به المملكة نيابة عن المجتمع الدولي بتحمل تبعات اللجوء السوري الا ان حجم المنح والمساعدات المقدمة لدعم منعة المجتعات المستضيفة لا زالت متواضعة وفي تراجع مستمر كل عام رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وشحّ الموارد والتحديات التي تواجهها المنطقة، حيث بلغ حجم المنح الموجهة لدعم خطة الاستجابة للأزمة السورية نحو 132.8 مليون دولار ما يمثل نحو 6.8 ٪ من احتياجات خطة الاستجابة الأردنية للازمة السورية لعام 2024.
وبحسب منصة الاستجابة فقد توزعت هذه المنح على مكونات الخطة وبواقع 39.68 مليون دولار لدعم مشروعات خدمية في المجتمعات المستضيفة و 93.15 مليون دولار لدعم اللاجئين السوريين، وكانت حددت الحكومة حجم احتياجات الأردن لتمويل خطة الاستجابة للأزمة السورية للعام الحالي بقرابة ملياري دولار، وهو الحجم الأقل التي تحدده لتمويل الخطة منذ إطلاقها في العام 2015 وذلك في ظل تراجع الدعم الدولي لتمويل الخطة.
وزارة الخارجية الاردنية وخلال مشاركتها في مؤتمر بروكسل الثامن لمستقبل سوريا والمنطقة» والذي عقد في بلجيكا نهاية أيارالماضي عبرت عن استيائها من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين والدول المضيفة لهم ومن تخلي المجتمع الدولي عنهم، وأن المجتمع الدولي تخلى عن اللاجئين السوريين مع تضاؤل التمويل اللازم لدعمهم في الدول المضيفة، مشيرة ان الاردن لن يتمكن من القيام بتقديم الخدمات الأساسية للاجئين بمفرده، ما لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، ما سيقلل من الخدمات الاساسية وستزيد معاناة اللاجئين السوريين.
وزارة التخطيط قالت ان الاردن يستضيف قرابة 1.3 مليون سوري منذ بداية الأزمة السورية في 2011، بينهم قرابة 625 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وما يشكله ذلك من تحديات مرتبطة باللجوء السوري والضغوطات الناجمة على المجتمعات المستضيفة في ظل تضاؤل الدعم بسبب الأزمات العالمية الأُخرى، مع التأكيد على أهمية ترجمة تعهدات مؤتمر بروكسل للمانحين إلى التزامات فعلية وكذلك أهمية المزيد من الوضوح في حجم الدعم المخصص للدول المستضيفة للاجئين السوريين بما فيها الأردن.
وبحسب ارقام منشورة على منصة الاستجابة على موقع وزارة التخطيط فقد التزم المانحون والمجتمع الدولي بتمويل 45.9 ٪ من خطط استجابة الأردن للأزمة السورية منذ إطلاقها في العام 2015، ولنهاية العام الماضي 2023، حيث بلغ حجم تمويل الخطط قرابة 10.3 مليار دولار، في حين إن حجم متطلبات الخطط التسعة «2015 - 2023» والتي تحمل جانبين إنساني وتنموي، قرابة 22.1 مليار دولار، فيما بلغ عجز تمويل الخطط السنوية 11.8 مليار دولار، وبنسبة وصلت 54.1 ٪.
وفي عام 2023، بلغ حجم تمويل خطة الأردن للاستجابة للأزمة السورية 633.7 مليون دولار من أصل متطلبات تبلغ 2.276 مليار دولار، وبنسبة تمويل بلغت 29.2 ٪ وبقيمة عجز بلغت 1.612 مليار دولار، وفي عام 2022، بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية 760.3 مليون دولار من أصل 2.28 مليار دولار، وبنسبة تمويل بلغت 33.4 ٪، وبقيمة عجز بلغت 1.51 مليار دولار، أما في العام 2021، فبلغ حجم تمويل الخطة 744.4 مليون دولار، من أصل 2.43 مليار دولار، وبنسبة وصلت إلى 30.6 ٪، وبعجز بلغ 1.687 مليار دولار من حجم الموازنة السنوية المخصصة لدعم لاجئين سوريين في الأردن.
وفي عام 2020، بلغ حجم تمويل خطة الاستجابة الأردنية قرابة 1.11 مليار دولار، من أصل 2.24 مليار دولار، وبنسبة تمويل 49.4 ٪، وبعجز يبلغ قرابة 1.137 مليار، بينما بلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن خلال العام 2019، قرابة 1.066 مليار دولار، من أصل 2.4 مليار دولار، وبنسبة تمويل بلغت 44.4 ٪، فيما بلغت قيمة عجز التمويل 1.33 مليار دولار، وفي عام 2018، بلغ حجم تمويل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، قرابة 1.587 مليار دولار، من أصل 2.543 مليار دولار، وبنسبة تمويل بلغت 63.9 ٪، وبعجز بلغ 896 مليون دولار.
وفي عام 2017، بلغ حجم تمويل خطة الاستجابة قرابة 1.7 مليار دولار، من أصل 2.65 مليار دولار، وبنسبة تمويل 64.8 ٪، وبعجز يبلغ قرابة 900 مليون دولار، أما في عام 2016، فبلغ حجم تمويل خطة استجابة الأردن للأزمة السورية قرابة 1.64 مليار دولار، من أصل 2.65 مليار دولار، وبنسبة تمويل 62 ٪، وبعجز يبلغ قرابة مليار دولار، في حين بلغ حجم تمويل خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية للعام 2015 قرابة 1.07 مليار دولار، من أصل 2.98 مليار دولار، وبنسبة تمويل 35.8 ٪، وبعجز بلغ قرابة 1.91 مليار دولار.
مدير مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القصرية السابق في جامعة اليرموك الدكتور فواز المومني قال لـ»الدستور « ان الأردن عانى جراء تحمل تبعات اللجوء السوري، مشيرا ان هنالك فجوة كبيرة بين ما قدم للاردن من دعم وما يدفعه لتغطية كلفة اللاجئين، ما زاد من الضغط على مرافق الدولة المختلفة من تعليم وصحة وبنية تحتية وخدمات اخرى.
واضاف هناك تراجع واضح في تقليص الدعم وابرز الاسباب ان الدعم كان مرتفعا لرهانات الدول المنخرطة في الازمة السورية، وان الازمة ستكون مؤقته ويتم اعادة ترتيب الامور، أضف الى ذلك ان المجتمع الدولي قد وصل الى مرحلة الإعياء من تقديم الدعم وبروز ازمات جديدة اعادت ترتيب الاولويات مثل الازمة الاوكرانية والصراع في منطقة الشرق الاوسط.
واشار د.المومني ان ازمة اللجوء السوري في الاردن ستمتد لاكثر من عشر سنوات قادمة، وان العودة الطوعية غير واردة في ظل الوضع الحالي في سوريا والمتعلقة بالجانب الامني والاقتصادي والامآن الشخصي، ولا يمكن ان يكون الحل الطوعي الا بحل سياسي للازمة.
وشدد المومني على ضرورة تشكيل مفوضية خاصة تعنى بمتابعة وادارة ملف اللجوء السوري في الأردن وخاصة ان أعداد اللاجئين السوريين ما زال كبيرا بعد ان مضى على وجودهم في المخيمات الأردنية وخارجها ما يزيد عن عشر سنوات، مشيرا انه تم اجراء دراسة سابقة حيث اظهرت نتائجها ان نسبة كبيرة منهم لا يرغبون بالعودة لبلادهم جراء عدم توفر حل سياسي في سوريا واستمرار الحرب.
بدوره قال الاكاديمي والمحلل الاقتصادي الدكتور مازن مرجي ان الاردن استقبل عام 2011 وما بعده اعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، ويعد الاردن ثاني أكبر دولة بنسبة اعداد اللاجئين مقارنةً بعدد مواطنيه.
ولفت أنه يوجد في الاردن اكثر من 1,3 مليون لاجئ سوري موزعين على مخيمات اللجوء وفي المدن والقرى الاردنية، وذلك وفق بيانات الحكومة، فيما يبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين نحو 655 ألف لاجىء وهم يشكلون ما نسبته حوالي 15 ٪ من عدد السكان.
وقال ان تبعات اللجوء السوري رتبت على الاردن تحديات كبيرة ما زاد من الضغط على مرافق الدولة من تعليم وصحة ومياه وبنية تحتية، ناهيك عن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الاردنيين نتيجة منافسة السوريين لهم وتراجع معدلات النمو الاقتصادي الى نسب لا تزيد عن 2,3 ٪.
وفيما يتعلق بحجم الدعم الدولي المقدم لمنعة الدول المستضيفة وخصوصا الاردن اشار ان الجهات الدولية المانحة لم تلبّ احتياجات الاردن بشكل كبير للاستجابة للازمة السورية وان نسبة ما قدم للمنعة في اطار خطة الاستجابة للاعوام السابقة لم يتجاوز 30 ٪ من حاجات الاردن لمواجهة تبعات اللجوء، وان ما قدم للعام الحالي لم يتجاوز 7 ٪ في احسن الأحوال.
ولفت ان الاردن لم يتلقّ هذا العام اي دعم مباشر لخزينة الدولة، وهذا حمّل الاردن عبئا جديدا يضاف الى ما تتحمله من اعباء وكلف نتيجة الأحداث السياسية في المنطقة، مشيرا ان الكلف التي تحملها الاردن لم يقابلها دعم دولي يتناسب وحجم الكلف المقدمة برغم التعهدات التي اعلنت عنها كثير من الدول المانحة في موتمر لندن للمانحين.
وارجع مرجي تخلي المجتمع الدولي عن الوفاء بسداد الالتزامات المترتبة عليه الى الفروقات في اعداد اللاجئين وبين ما هو موجود فعليا وبين ما هو محسوب من قبل المفوضية السامية للاجئين، مشيرا ان الاردن لم يقم بترحيل اي من اللاجئين او اجبارهم على الرحيل، وان الجهات الدولية المانحة تنظر إلى الازمة السورية بانها لم تعد مرتبطة بالحكومة وذلك باعتبار ان هنالك جهات دولية مختصة بتقديم الدعم للاجئين بشكل مباشر وخاصة في المحافظات الأكثر تضررا من تبعات ازمة اللجوء في كل من اربد والزرقاء والمفرق.
ولفت انه لا يوجد جهد دولي ملموس حاليا فيما يخص ملف اللجوء السوري نتيجة أحداث المنطقة من حرب على غزة ولبنان، مشددا على ضرورة قيام الحكومة بحثّ المجتمع الدولي على الالتزام بمسوولياته تجاه اللاجئين.