عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jan-2019

«إسرائيل» ما بين الفكرة والدولة القومية - الحلقة السابعة والأربعون - عبدالحميد الهمشري
 
 استنزاف المياه لصالح المستوطن في اريحا
 
الدستور - المستوطن يستهلك من المياه أربعة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني فوفق إحصائيات رسمية فإن معدل استهلاك المستوطن الواحد من المياه في مستوطنتي نيران وأرجمان في اليوم الواحد يتراوح بين 411 - 433 لتراً فيما استهلاك الفرد الفلسطيني فيتراوح يومياً في العوجا والزبيدات بين 32 – 120لتراً، فمثلما هو معروف فإن مصادر المياه المتجددة تتكون في محافظة أريحا بشكل أساسي من المياه الجوفية، والتي تقع جميعها فوق الحوض الشرقي لخزانات المياه الجوفية في الضفة الغربية، وتقدر كمية المياه المنتجة بحسب إحصائية العام 2010 ما يقارب 25 مليون متر مكعب من المياه من الحوض الشرقي بواسطة الينابيع، حيث يتواجد في مركز المدينة سبعة ينابيع، خمسة منها تقع في أريحا المدينة، أي تستخدم بشكل رئيسي للأغراض الزراعية، ما عدا نبعين يتم استخدامهما للأغراض المنزلية. وبلغت كمية المياه المستخرجة من هذه الينابيع عام 2009 حوالي 19. 49 مليون متر مكعب وانخفضت في العام 2010 لتصل إلى 17. 29 مليون متر مكعب، يذكر أن المزارعين الفلسطينيين، قبل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في العام 1967، كانوا يستخدمون مياه نهر الأردن لري الأراضي الزراعية، لكن عقب احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية استولت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مياه نهر الأردن ومنعت المزارعين الفلسطينيين من استخدام مصادر المياه الرئيسية القريبة من النهر، وأعلنت الأراضي المحاذية لنهر الأردن مناطق عسكرية مغلقة، وبالتالي حرمت الفلسطينيين من حقهم الشرعي والتاريخي في استغلال مياه هذا النهر.
وبالرغم من أن نهر الأردن يعتبر مصدراً مائياً مشتركاً بين كل من إسرائيل ولبنان وسوريا والأردن وفلسطين، إلا أنه يتم استغلال مياهه بشكل يتنافى مع قانون المياه الدولي، وذلك بسبب هيمنة إسرائيل على مصادر المياه المشتركة في المنطقة دون مراعاة متطلبات الدول الأخرى، حيث تمكنت إسرائيل من انتهاك الحقوق المائية للدول المجاورة لنهر الأردن وخاصة الحقوق الفلسطينية التي اتضحت من خلال «خطة جونستون» التي دعت إلى إنشاء قناة الغور الغربية لتزويد الفلسطينيين بحصتهم من مياه هذا النهر والتي تقدر بحوالي 264 مليون متر مكعب في السنة،  كذلك عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على السيطرة على مصادر المياه الجوفية، حيث قامت بفرض قيود على استخدام المياه من قبل الفلسطينيين. وعملت على منعهم من حفر آبار جديدة أو ترميم الآبار القديمة الأخرى، حيث تقوم قوات الاحتلال من خلال إعطاء حق احتكار لصالح «شركة ميكوروت» الإسرائيلية بحفر آبار ضخمة على بؤر أحواض المياه الجوفية، واستخراج كميات كبيرة من المياه الجوفية، وضخ الجزء الأكبر من هذه المياه لصالح المستوطنات غير الشرعية المقامة على أراضي الضفة الغربية وبيعها للمستوطنات بأسعار زهيدة، بينما يضطر الفلسطينيون لشراء المياه من «شركة ميكوروت» بأسعار باهظة،ويتعدى معدل استهلاك المستوطن الإسرائيلي 400 لتر في اليوم ، في حين لا يتجاوز معدل التزويد في بعض التجمعات 40 لترًا للفرد الفلسطيني في اليوم، علاوة على ذلك تقوم قوات الاحتلال بحفر بعض الآبار الضخمة بالقرب من الينابيع الفلسطينية، ما يؤدي إلى تقليص كمية المياه المتدفقة من تلك الينابيع وجفاف بعضها. ومن الأمثلة على الينابيع التي جفت نبع العوجا، فبالرغم من أن كمية المياه المتدفقة في نبع العوجا كانت جيدة نتيجة وفرة الأمطار، إذ إن تدفق الينابيع يتأثر بكميات الهطول المطري، إلا أن وجود عدد من الآبار الإسرائيلية التي تم حفرها بعد عام 1967 والتي تخترق الخزان الذي يغذي نبع العوجا، بالإضافة إلى ضخ كميات كبيرة من المياه، كان له أثره السلبي على النبع، كون المنطقة المجاورة للنبع منطقة عسكرية مغلقة، هذا إلى جانب قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي ومنذ احتلالها للضفة الغربية في العام 1967م بعزل وتدمير 162 مشروعاً للري تقع بمحاذاة ما يعرف بخط الـ (90) بمزاعم أمنية، ما أدى إلى حرمان الفلسطينيين من مصدر عيشهم الوحيد (الزراعة)، ومنعت الأهالي الفلسطينيين من تحديث وتطوير هذه الآبا. وحرمانهم من حقهم في نهر الأردن الذي يتعرض للضخ الجائر لصالح المستوطنات والبالغة حوالي 264 مليون متر مكعب، وكذلك إغلاق معظم المناطق ذات الكفاءة في تخزين المياه، بإدراجها ضمن «مناطق عسكرية» أو «محميات طبيعية» أو لمزاعم أمنية. ومنع الفلسطينيين من حفر الآبار الزراعية الجديدة أو تغيير مكانها، وكذلك تحديد كمية الضخ في هذه الآبار بواسطة عدادات لا تسمح بتجاوز الكمية. والسماح للمياه العادمة المتسربة من المستوطنات بالوصول إلى أحواض المياه ومصادرها والتي يستخدمها الفلسطينيون كما حدث مع تلوث مياه عين وادي القلط في أريح) والسيطرة الكاملة على البحر الميت واستغلاله ناهيك عن حجز المياه الزائدة من الأودية الغربية لنهر الأردن وجمعها في برك ضخمة ، حيث قام مجلس المستوطنات بحفر بركتين ضخمتين بمحاذاة النهر لتخزين المياه تصل طاقتهما التخزينية إلى(800,000) متر مكعب.
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني