عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Aug-2023

السودان: هل انتهى دور.. «الجنرالين»؟*محمد خرّوب

 الراي 

فيما تُرِكَ السودان لمصيره من قبل القوى الإقليمية والدولية، خاصة تلك التي أجّجت الصراع على كعكة السلطة بين جنرالين قادا انقلاباً ثانياً (بعد بروزهما كـ"فائزين» من إنقلاب الجيش على نظام عمر البشير) على القوى المدنية التي برزت بينها تحالف قوى الحرية والتغيير.
 
نقول: في أجواء دموية ومشحونة كهذه، تنذر بدخول السودان مرحلة التقسيم والإحتراب الداخلي، تحرّك فجأة جنرالا الإنقلاب في اتجاه معاكس، خضع لتحليلات وقراءات مختلفة، انشغلت فيها وسائل الإعلام السودانية كما الإقليمية/العربية والإفريقية وخصوصاً الدولية التي توّلت هذه الأيام ضخ المزيد من التسريبات عن «صفقة» يجري الإعداد لها، تقوم على إخراج «الجنرالين» من المشهد والترتيب لمشهد سوداني جديد بعد استنفاد دور جنرال الجيش عبدالفتاح البرهان وجنرال الدعم السريع محمد حمدان دقلو/حميدتي، وانتهاء الدور الذي أنيط بكل منهما، خاصة أن أحداً منها لم ينجح في حسم «المعركة» لصالحه ما أدخل «المنطقة» في دائرة الخطر والإنفلاش، ليس فقط في ارتفاع عدد اللاجئين السودانيين داخل السودان وخارجه إلى أزيد من أربعة ملايين ونصف نسمة، بل خصوصاً في اشعال المزيد من الحرائق في القارة السوداء والتي تبرز في مقدمتنها «أزمة النيجر» التي خطفت الأضواء من حرب الجنرالين، وأبعدت الاهتمام «البارد» بالأزمة السودانية، خاصة من قِبل واشنطن التي تدير لعبة «مُعقدة» من اللاعب الفرنسي، حيث بات الأخير يعيش مأزق انحسار نفوذه في غرب إفريقيا ودول الساحل، على نحو ينذر بإندحار المُستعمِر الفرنسي السابق، الذي لم يتخلَ عن عقلية تفوّق الرجل الابيض، مواصلا نهب ثروات مستعمراته السابقة، وضارباً عرض الحائط بمصالح الشعوب التي استعمرها، دون ان يُقدّم اي «تنازلات»، سواء في ما خص احترام سيادة تلك الدول أم خصوصاً في المضي قدما بترويج إدعاءاته بانه يحارب الارهاب، الذي تزداد جماعاته المُسلّحة قوة وتوسعاً في دول عديدة، دون ان تبرز مؤشرات على جدية المزاعم الفرنسية والاميركية خصوصا بأنهما يخوضان حربا فعلية ضد الارهاب، بقدر ما يسعيان (كل على حِدة)، لتوسيع نفوذهما والإستحواذ على مزيد من الثروات ودائما في محاربة النفوذيْن الصيني والروسي.
 
 
عودة إلى حميدتي والبرهان؟.
 
وإذ دخلت حرب الجنرالين أُسبوعها «العشرين»، فقد برز فجأة جنرال الدعم السريع، حميدتي، عبر بيان لافت ومثير في صياغته وجديد في طروحاته، جاء فيه ان قوات الدعم السريع «مُنفتحة» على وقف طويل لإطلاق النار مع الجيش، عارضة رؤيتها لتأسيس ما وصفته «الدولة السودانية الجديدة»، كمحاولة في ما يبدو لإحياء الجهود الرامية للدخول في محادثات مباشرة بين طرفي الحرب.
 
القراءة المتأنية لبيان قوات الدعم السريع، تعكس ليس فقط رغبة من حميدتي بالظهور بمظهر المنتصر وصاحب الرؤية السياسية بعيدة المدى، وبخاصة أن يحجز لنفسه مقعداً مُؤثراً في سودان ما بعد الحرب، بل خصوصاً في أنه يطرح مشروعاً لسودان، «فيدرالي» ينهض على بناء جيش «مُوحَّد» جديد، لا دور للأحزاب والسياسة في صفوفه، وبنداً آخر عن مرحلة انتقالية (وما ادراك ما مفهوم المرحلة الانتقالية لدى جنرالي الانقلاب، قبل استعار الخلاف بينهما، عندما انقلبا على القوى المدنية وتنّكرا لكل الوعود والاتفاقات الموقعة، واحتكرا لنفسيهما السلطة والقرار، إضافة – يقول مشروع حميدتي – إلى حكم مدني «إنتقالي» وسلام شامل عادل، ومُستدام، وقسمة الموارد والعدالة الانتقالية وإجراءات وتدابير التحوّل الديمقراطي وعملية «صناعة» الدستور، وعناوين أخرى نحسب أنها ستكون موضع سجال وخلافات عميقة وطويلة، لن تُفضي إلى توافق يُؤسّس لبناء الثقة.
 
ماذا عن الجنرال والبرهان؟.
 
رئيس مجلس السيادة «الانتقالي» وقائد الجيش، خرجَ بعد ثلاثة أشهر ولأول مرة من مبنى القيادة العامة للجيش، باتجاه بعض المواقع والأحياء إلى أن استقرت به الحال في ميناء بورتسودان، الذي بات مقراً مؤقتاً لحكومة الخرطوم، بعد ان لم تعد العاصمة المثلث آمنة، وهو «خروج لم يخلُ من تسريبات، بعضها مقصود وآخر بالون اختبار لرصد ردود الفعل، يمكن البناء عليها للمضي قدماً في مخطط اخراج «الجنرالين» من المشهد، تمهيداً لتسوية أو مشهد جديد، يمكنه أخذ السودان إلى مربع التهدئة ووقف القتال والتأسيس لمصالحة وطنية شاملة.
 
في الخلاصة... لا أهمية تذكر هنا لنفي الجنرال البرهان صحة التسريبات التي تحدثت عن خروجه من الخرطوم وفق «صفقة»، أو أن جهة ما ساعدت في خروجه، حتى لو «أكّد» انه خرج بـ"أمر» من الجيش، مُضيفاً إلى ذلك نوعا من التشدّد عندما زعم أنه «لن» يضع يده أو يتفق مع «الخونة». إذ أن هناك معطيات ومؤشرات تدفع للإعتقاد أن «صفقة» ما برعاية غربية وخصوصاً أميركية، في طريقها إلى البروز، بمشاركة «نسبية» عربية وإفريقية، تقوم على «إستبعاد» الجنرالين من المشهد، والبحث – تقول التسريبات – جارٍ عن شخصيات مدنية وأخرى عسكرية تقود المرحلة السودانية الجديدة.