الدستور
في المفاوضات، لا يمكنك الوصول إلى حل عادل إلا إذا شعر كل طرف أن البديل عن الاتفاق أسوأ بكثير – أوباما
ظهرت صور لمقاتلين من هيئة تحرير الشام وهم يرتدون شارات تحمل اللونين الأصفر والأزرق، ألوان العلم الأوكراني. في رأيي، هذا قد يكون إشارة واضحة إلى أن بعض مقاتلي الهيئة قد تلقوا تدريبات في أوكرانيا على تشغيل الطائرات المسيّرة التي تستخدمها الهيئة في حربها ضد النظام السوري. بل ويمكننا أن نذهب أبعد من ذلك ونفترض احتمال وجود خبراء أوكرانيين يعملون على الأرض مع قوات هيئة تحرير الشام.
ما دفعني إلى تقديم هذا الادعاء هو اطلاعي السريع قبل أشهر قليلة على خبرين عدت لقراءتهما بتمعن بعد التطورات الأخيرة المتسارعة في سوريا. الخبر الأول نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية في 15/10/2024، حيث أفادت بأن مقاتلي الطوارق في مالي يستخدمون طائرات مسيرة أوكرانية بدعم «سري ولكن حاسم» من كييف ضد جيش مالي ومجموعة فاغنر المرتزقة الروسية.
الخبر الثاني جاء في موقع «إرم نيوز» في 26/9/2024، حيث أشار إلى وصول أكثر من 250 مقاتلاً وخبيراً عسكرياً من القوات الخاصة الأوكرانية إلى سوريا بهدف ضرب القوات الروسية هناك. ويضاف إليهما تحقيق موسع لمجلة نيوزويك نشر بتاريخ 4/6/2024، يوضح وجود خبراء أوكرانيين يعملون مع الفصائل المسلحة السورية وشنها عمليات بطائرات مسيرة ضد القوات الروسية هناك. كما أكد المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف قبيل انطلاق هجمات هيئة تحرير الشام على المدن السورية عن رصد وجود عناصر من الاستخبارات الأوكرانية في محافظة إدلب السورية.
أغلب الظن أن هيئة تحرير الشام قد تلقت دعمًا مباشرًا، ربما بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة. فوفقًا لتقارير، يستخدم مقاتلو الهيئة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من خلال شركة «ستارلينك» المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، حيث تبلغ تكلفة الخدمة 499 دولارًا شهريًا، وتُسجّل الحسابات في أوكرانيا. عند زيارة موقع الشركة، يتبين أن السعر الحالي قد أصبح 349 دولارًا. قد يكون هذا التغيير في السعر مجرد مصادفة يدخل ضمن النطاق التجاري. أو أن إيلون ماسك حليف ترامب وصديقه الصدوق يدعم هيئة تحرير الشام بتوجيهات من الرئيس المنتخب ترامب.
غالبًا ما تحظى هيئة تحرير الشام بدعم مباشر، إما بتواطؤ أمريكي أو عدم ممانعة أمريكية، بهدف إضعاف الدورين الروسي والإيراني في سوريا مع تفضيلها دورًا محدودًا لتركيا في سوريا على نفوذ روسي وإيراني كبيرين فيها.
ويبقى زيلينسكي رئيس أوكرانيا، إذ يسعى من خلال استهداف الروس في مناطق نفوذهم، بما في ذلك سوريا، إلى تحسين شروط التفاوض مع بوتين عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات، خاصةً بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وهو الذي وعد بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.